تعني العفة في اللغة الابتعاد عن الحرام، فعندما نقول أن هذه المرأة عفيفة أي تصون نفسها من الفتن والمحرمات والمعاصي، أما في الاصطلاح فهي فضيلة بين رذيلتين؛ فالعفة وسط بين الشره وجمود الشهوة.
العفة
دعا ديننا الإسلامي إليها لأنها حل لجميع المشاكل والفتن التي نواجهها خاصة في الأيام الحالية التي نعيشها، فعلى الإنسان أن يعف نفسه ويحفاظ عليها، وتعني أن يترفع الإنسان عن المرتبة الحيوانية أو الشهوانية وينتقل للمراتب الإنسانية الأعلى.
أنواع العفة
تنقسم إلى نوعين من خلالهما يمكن معرفة المسلم الذي يعلم بتعاليم الإسلام من المسلم كمسمى فقط:
النوع الأول
وهو العفة والابتعاد عن المحرمات بأنواعها المختلفة:
- كمراعاة حرمة الدم والعرض والمال، كما أن هذا النوع ينقسم إلى نوعين هما ضبط الفرج واللسان.
- يعني ضبط الفرج الابتعاد عن الزنا وأي شيء يؤدي إليه، أما كف اللسان يعني الابتعاد عن الخوض في أعراض الناس، والبعد عن الغيبة والنميمة.
النوع الثاني
هو العفة عن المعاصي والآثام:
- يعني البعد عن ظلم الناس ليل نهار، والجهر بظلمهم وأذيتهم، وعدم الاعتراف بظلمهم على الرغم من الاقتناع التام بذلك.
- أي أن تكف عن أذية الغير، وأن تعترف بأنك ظلمت هذا الشخص وتعتذر له، وتعقد وعدًا بينك وبين نفسك بأنك لن تظلم أي شخص أيًا كان.
العفة في القرآن
ذكر الله سبحانه وتعالى العفة في مواضع كثيرة في كتابه العزيز:
- لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ.
- قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ*وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها.
- وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
- وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.
- وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ*وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ*وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ.
حديث عن العفة والحياء
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- سبعةٌ يُظِلُّهمُ اللهُ في ظِلِّه يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه: الإمامُ العادلُ، وشابٌّ نشأ في عبادةِ ربِّه، ورجلٌ قلبُه مُعَلَّقٌ في المساجدِ، ورجلان تحابَّا في اللهِ اجتَمَعا عليه وتفَرَّقا عليه، ورجلٌ طلَبَتْه امرأةٌ ذاتُ مَنصِبٍ وجمالٍ، فقال إني أخافُ اللهَ، ورجلٌ تصَدَّق، أخفَى حتى لا تَعلَمَ شِمالُه ما تُنفِقُ يمينُه، ورجلٌ ذَكَر اللهَ خاليًا، ففاضَتْ عيناه.
مظاهر العفة
تتعدد أشكال العفة كعفة اللسان، عفة النكاح، البصر، الحجاب، الاستعفاف في المال:
- استعفاف اللسان: يعني السيطرة عليه وعدم التلفظ بأي كلمة تجرح الآخرين، التوقف عن الغيبة والنميم ورمي الناس بالباطل.
- الاستعفاف في النكاح: أي احترام الطرف الآخر، والبعد عن التخيل الجنسي لشخص غير الزوج، تجنب الأفلام الإباحية لما فيها من اطلاع على عورة الآخرين.
- عفة البصر: يعني تجنب النظر لما حرمه الله، كما قال الله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ).
- الاستعفاف في المال: يعني تجنب كسب المال من أي مصدر محرم، كالنصب، أكل مال الأيتام، السرقة.
- الاستعفاف في الحجاب: أي الالتزام بمعايير الحجاب بحيث يكون واسع فضفاض، بالإضافة إلى الالتزام بالحدود بين الرجل والمرأة، (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً).