كانت لجنة الفتوى الدائمة بالمملكة العربية السعودية أعلنت في فتوى سابقة لها بشأن الحديث الذي يقول “اذكروا محاسن موتاكم، وكفوا عن مساويهم” انه حديث غير صحيح، وأرجعت ذلك الى أنه ورد في سنده عمران بن أنس المكي. واليوم سنتناول معكم صحة الحديث والآراء المختلفة حوله.
اذكرو محاسن موتاكم ابن باز
وفيما يتعلق بصحة هذا الحديث فقد افتى ابن باز فيه قائلاً: أن ما ذكر ليس هو نص الحديث.
وقد روى أبو داود والترمذي والحاكم والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم» لكنه غير صحيح؛ لأن في سنده عمران بن أنس المكي. وقد قال فيه البخاري انه منكر الحديث، واتفق معه العقيلي أيضاً في أنه لا يتابع على حديثه.
اذكرو محاسن موتاكم الدرر السنية
وفي الدرر السنية ، ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم هالك بسوء , فقال رسول الله ” لا تَذْكُروا مَوْتَاكُم إلا بخيرٍ”. أخرجه النسائي
- الراوي للحديث : عائشة أم المؤمنين.
- المحدث : العجلوني.
- المصدر : كشف الخفاء.
- خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد.
وفي رواية أخرى ، ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم هالك بسوءٍ فقالَ : “لاَ تذْكروا هلْكاكم إلاَّ بخيرٍ”. أخرجه النسائي.
- الراوي : عائشة أم المؤمنين.
- المحدث : الالباني.
- المصدر : صحيح النسائي.
- خلاصة حكم المحدث : صحيح.
وفي هذا الحَديثِ تَحكِي أمّ المؤمنِينَ عائشةُ رضي اللهُ عنها أنَّه: “ذكِر عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم هالِكٌ”، أي: شخص ميت “بسُوءٍ”، أي: حديث الناس عنه بالشر.
فقال صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: “لا تَذكُروا هَلْكاكم إلَّا بخيرٍ”، أي: لا تتحدثوا عن أمواتكم إلا بالخير. وذلك لأنَّهم “قَدْ أفْضَوا إلى ما قَدَّمُوا”.
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم- كما عِندَ النَّسائي وابن حبان وغيرهما عن عائشةَ رضي الله عنها: ((فإن ما قدموه مِن أعمال سيحاسبهم الله عليها)).
وورى الإمام أحمد عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تَسبّوا الأمواتَ فتؤذوا الأحياءَ”. وذلك لتجنب أذى و حزن أقاربهم عند سماع ذلك.
والنهي هنا عن ذكر الأموات بسوء غرضه مراعاة مشاعر ومصلحة الأحياء، و كذلك الحفاظ على سلامة نفوس الناس من التشاحن والقطيعة.
صحة حديث اذكروا محاسِن مَوتاكم
- وقد ورَد في الصَّحيحَينِ عن أنسِ بنِ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه، قال: “انهم مرُّوا بجِنازةٍ، فأَثْنَوا عليها خيرًا. فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: وجبَتْ.
- ثم مرُّوا بأُخرى فأَثْنَوا عليها شرًّا، فقال: وجبَتْ. فقال عُمرُ بنُ الخَطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه: ما وجبَتْ؟
- قال: هذا أثنيتم عليه خيرًا، فوجبت له الجنَّةُ، وهذا أثنيتم عليه شرًّا، فوجبت له النارُ؛ أنتُم شهداءُ اللهِ في الأرضِ”.
- وهنا لم ينهاهم الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذكر الميت بالشر، والنهي عن سب الأموات جاء فقط للمسلمين والصالحين.
- حيث ان الكافر والمنافق والمفسدين في الأرض فلا ضرر من ذكر شرهم لتحذير الناس من الإقتداء بهم، أو التحلي بأخلاقهم، وبذلك فإن ديننا الإسلامي يقر أن الداعي لذكر الأموات بالشر هو حاجة شَرعية .
اذكروُا محاسِن موتاكم أهل الحديث
” اذكروا محاسن موتاكم، وكفوا عن مساويهم” ، ذكر هذا الحديث أبو داود في الأدب. والترمذي في الجنائن من حديث معاوية بن هشام عن عمران بن أنس المكي عن ابن عمر رفعه بهذا.
وأيضاً قال الترمذي والطبراني أنه غريب، بينما قال الحاكم أنه صحيح الإسناد ولكن لم يخرجه.
- وفي البخاري عن مجاهد عن عائشة مرفوعاً: “لا تسبوا الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا”.
- ولأبي داود من حديث وكيع عن هشام ابن عروة عن أبيه عنها مرفوعاً: “إذا مات صاحبكم فدعوه لا تقعوا فيه”.
- وكذلك هو عند الطيالسي في مسنده عن عبد الله بن عثمان عن هشام، والنسائي من حديث منصور بن صفية عن أمه عنها قالت: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم هالك بسوء.
- فقال: لا تذكروا هلكاكم إلا بخير، وفي الباب عن غير واحد من الصحابة.
اذكروا محاسِن موتاكم عسى يذكرها لكم غيركم
لم يرد أي حديث صحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم ينص على “اذكروا محاسن موتاكم عسى يذكرها لكم غيركم” وإنما هي مجرد مقولات تتناقل على الألسنة ليس لها أي إسناد صحيح.