الرياء ماهو وعلاماته واسبابه وصفات اصحابه وعلاجه

الرياء ماهو وعلاماته واسبابه وصفات اصحابه وعلاجه

وصِف الرياء بأنه من أكبر الشوائب التي تُذْهِب أجر العمل الصالح، حتى أن رسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات والسلام وصفه بالشرك الأصغر أو شرك السرائر، لأن العبد يقوم بالعمل الصالح ليحظى بكلمات الشكر والثناء من الناس، وقد يراءي الشخص بالعبادة أو القول أو العمل وغيرها.

الرياء ماهو وعلاماته واسبابه وصفات اصحابه وعلاجه

ما هو الرياء؟

  • الرياء لغةً مصدرها (راءى) أي أظهر عكس ما بباطنه لهدف ما، ويقال لقد راءيت فلان إذا أظهرت له أمرًا خلاف ما أنت عليه.
  • والرياء اصطلاحًا هو أن يقوم الفرد بعمل صالح لينال به رضا الناس، ويبدو بمظهر أفضل أمامهم،
  • فيتحول من عبدٍ صالحٍ يبتغي وجه الله -عز وجل- بعمله، إلى شخص مُراءي يطلب المنزلة والمكانة العليا بين الناس؛
    طمعًا في الدنيا.

حكم الرياء

حرم الإسلام الرياء وعظم عقوبته لما له من أضرار على الفرد والمجتمع ككل، بل ووضعه في منزلة الشرك والنفاق، وصنف الفقهاء الرياء على ثلاثة أقسام:

  1. الرياء المَحْضُ وهو عمل المنافقين، ويختص بالأعمال التي يتعدى نفعها مثل الجهاد والصدقات، قال تعالى:
    “وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ” (الأنفال: 47)
  2. رياء الشرك ويقصد به أن يشارك الرياء العبادة، كما ذكر في القرآن الكريم:
    “فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ *الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ *الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ *وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ” (الماعون: 4-7)
    وذكِر في حديث قدسي أيضًا: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ:
    “قالَ اللهُ تباركَ وتعالى: أنا أَغْنَى الشُّركَاءِ عنِ الشِّرْكِ، منْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْركَ فيهِ معي غيرِي، تَرَكْتُهُ وشِرْكَهُ” رواه مسلم.
  3. الرياء الطارئة: وهي أن يقوم العبد بالعمل الصالح قاصدًا به وجه الله -عز وجل- ثم يشاركه الرياء،
    أي يسعى لإخبار الناس به لترتفع مكانته بينهم، وذكر ابن جرير:
    “إن هذا الاختلاف إنما هو في عمل يرتبط آخره بأوله، كالصلاة والصيام والحج، فأما ما لا ارتباط فيه كالقراءة والذكر وإنفاق المال ونشر العلم، فإنه ينقطع بنية الرياء الطارئة عليه ويحتاج إلى تجديد نية”

أحاديث عن الرياء

ورد عن رسولنا الكريم عدة أحاديث يوضح لنا فيها خطورة الرياء، والسموم التي يبثها هذا الفعل الذميم في نفس الشخص المرائي والمجتمع ككل:

(عن أبي سعيد رضي الله عنه قال:
خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم -ونحن نتذاكر المسيح الدجال،
فقال: “ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟”،
قلنا: بلى،
فقال: “الشرك الخفي، أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل”)
رواه ابن ماجه وحسنه البوصيري.

وفي حديث آخر يبرز مدى خطورة الرياء مهما بلغت عظمة العمل قال صلى الله عليه وسلم:

قال رسول الله: “أول الناس يقضى لهم يوم القيامة ثلاثة:
رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت ليقال فلان جريء، فقد قيل، ثم أمر به، فسحب على وجهه حتى ألقي في النار،

ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال قارئ، فقد قيل، ثم أمر به، فسحب على وجهه حتى ألقي في النار،

ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله، فأتي به فعرفه نعمه، فعرفها، فقال: ما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب قال أبو عبد الرحمن: ولم أفهم تحب كما أردت أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت ولكن ليقال إنه جواد، فقد قيل، ثم أمر به، فسحب على وجهه، فألقي في النار” (رواه الألباني في صحيح النسائي).

أمثلة على الرياء

ومن بين علامات هذا الفعل التي توضح لنا ما هيته والمقصود به:

  • الرياء بالعبادة؛ كأن يطيل المصلي في الركوع والسجود أو يقيم السنن أمام الناس فقط أو يصوم لكي يثني عليه زملائه دون إخلاص النية لله -عز وجل-.
  • المراءاة بالقول؛ أن يعِظ الناس ويظهر أسفه على ارتكابهم المعاصي، ويظهر الخوف من الآخرة، ويتجاذب الآيات القرآنية والأحاديث دون عمل بها.
  • المراءاة بالأعمال؛ كأن يتصدق أو يساعد المحتاجين أو يتعمد مجالسة علماء الدين والدعاة ويتباهى بصحبتهم وبأنه على علم.

صفات أهل الرياء

إن أبرز سمات أهل الرياء أنهم يمارسون أمور حياتهم بمقاييس العامة وليس بمقياس الحلال والحرام، فما يرضي الناس ويعظم مكانتهم يقومون به وما دون ذلك لا حاجة له.

  • الانشغال بالمظاهر الجوفاء والسعي وراء كلمات الثناء والمكانة الدنيوية.
  • حب الظهور والاستعلاء على الغير، رغبة في الشهرة.
  • الانتقادات الدائمة ولوم الآخرين والتسلق على أخطائهم لجذب الانتباه.

أسباب الرياء

أصل الداء في الرياء هو حب الجاه، ومن أهم أسباب الرياء:

  • لذة الحمد والثناء والمديح المزيف.
  • الخوف من الذم والاتهام بالتقصير.
  • النظر إلى ما يمتلكه الآخرون والطمع فيه.

ما هو علاج الرياء؟

كي تتخلص من شبح الرياء عليك أن تخلص النية لله -عز وجل- وتستشعر مراقبته لك، ولا تتعجل الثواب في الدنيا.

تحرى أسباب الرياء، لماذا تريد أن يرى الناس عملك الصالح؟ لكي تنال محبتهم، جوابك غير صحيح على المدى البعيد،
وإليك ما ذكره رسولنا الكريم في أمر الرياء حيث قال صلى الله عليه وسلم:

“إذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، قال: فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض) رواه مسلم

وأخيرًا عليك بجهاد النفس، وقيام الليل والتضرع إلى الله -عز وجل- أن يجعل أعمالك صالحة خالصة لوجه والتزم هذا الدعاء:

عن معقل بن يسار رضي الله قال صلى الله عليه وسلم: قل: “اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم” (رواه البخاري، وصححه الألباني).

إنضم لقناتنا على تيليجرام