دعاء التوسل مكتوب، قال تعالى:” وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين”، وقال تعالى:” أمن يُجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء أأله مع الله”، وقال تعالى:” وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ”، شرع الله عز وجل دعاء العبد لربه في كافة الأمور وفي جميع الحالات التي تمر به إما مضطراً أو فرحاً شاكراً أو أياً كانت حالته فهو الخالق والمطلع على كل شيء ويعلم ما تسر الأنفس وما تعلن، وكثيراً ما يمر الإنسان بحالات غم وهم وتمر به حالات الهلع والتعب مما يدفعه للتوسل إلى الله ودعائه وأروع مثل في ذلك ما ضربه مورق العجلي -رحمه الله- يصف حال المؤمنفي الدعاء يقول:” وما وجدت للمؤمن مثلاً إلا رجلاً في البحر على خشبة فهو يدعو: يارب يارب لعل الله عز وجل أن يُنجيه”، إذ لابد للإنسان أن يتوسل ربه ويُلح عليه ليرحمه ويمن عليه بما يرغب ويريد.
تعريف الدعاء وأقسامه
الدعاء هو عبارة عن ابتهال بالسؤال لله عز وجل منفرد به السؤال وكل ما يخطر في بال وقلب المؤمن من حيرة أو قلق رغبة منه في الخير والتضرع لله عز وجل لتحقيق ما يرغب به والنجاة من المرهوب وقد قال ابن القيم -رحمه الله- :” هو طلب ما ينفع الداعي وطالب كشف ما يضره أو دفعه”.
وينقسم الدعاء لقسمين لا ثالث لهما:
- دعاء عبادة: وهو الشامل لجميع القربات الظاهرة والباطنة.
- دعاء المسألة: وهو أن يطلب الداعي ما ينفعه وما يكشف ضره.
معنى التوسل
التوسل يُعرف أنه طلب الوساطة والدعاء بكافة ما يُعتقد بعل شأن الله عز وجل من أجل قضاء الحاجات والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بشيء يُحبه الله ويُريده بل قد يكون هو الذي أمر به عباده أن يطلبوا رغباتهم منه بطرق معينة أهمها الدعاء وبها يعتقد أغلب المسلمين والتوسل مشروعيته واردة في السنة والقرآن الكريم مصدري التشريع الاسلامي.
آيات قرآنية تحث على التوسل والتضرع لله
ذُكر في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تم ذكر التوسل والتضرع لله عز وجل ومنها ما يلي:
- قال تعالى:” وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ”.
- قال تعالى:” ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ”.
- قال تعالى:” وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ”.
- قال تعالى:” وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ”.
- قال تعالى:” خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ”.
- قال تعالى:” وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ”.
أحاديث نبوية تحث على التوسل والتضرع لله
من أبرز الأحاديث التي تحث المسلمين على التوسل والتضرع ما يلي:
- قال الإمام جلال الدين السيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور عند تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه}: «أخرج الطبراني في المعجم الصغير والحاكم وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل وابن عساكر عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لما أذنب آدم الذنب الذي أذنبه، رفع رأسه إلى السماء فقال: أسألك بحق محمد إلا غفرت لي؟ فأوحى الله إليه: ومن محمد؟ فقال: تبارك اسمك. لما خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب “لا إله إلا الله محمد رسول الله” فعلمت أنه ليس أحد أعظم عندك قدراً ممن جعلت اسمه مع اسمك. فأوحى الله إليه: يا آدم انه آخر النبيين من ذريتك، ولولا هو ما خلقتك”.
- حديث فاطمة بنت أسد: «عن أنس بن مالك، قال: لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي، دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس عند رأسها، فقال: “رحمك الله يا أمي، كنت أمي بعد أمي، تجوعين وتشبعيني، وتعرين وتكسونني، وتمنعين نفسك طيب الطعام وتطعميني، تريدين بذلك وجه الله والدار الاخرة”، ثم أمر أن تغسل ثلاثا وثلاثا، فلما بلغ الماء الذي فيه الكافور، سكبه عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، ثم خلع رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه فألبسها إياه، وكفنت فوقه، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد، وأبا أيوب الأنصاري، وعمر بن الخطاب، وغلاما أسود يحفروا، فحفروا قبرها، فلما بلغوا اللحد حفره رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وأخرج ترابه بيده، فلما فرغ، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاضطجع فيه، وقال: “الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد، ولقنها حجتها، ووسع عليها مدخلها، بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي، فإنك أرحم الراحمين”، ثم كبر عليها أربعا، ثم أدخلوها القبر، هو والعباس، وأبو بكر الصديق رضي الله عنهم.»
أنواع التوسل المشروع
شرع الله عز وجل أوجه للتوسل والتضرع له وحده دون غيره فكانت أوجه التوسل على ثلاثة أوجه وهي كالتالي:
- التوسل إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته العلى: وهو ان يتوجه المسلم إلى ربه بالتوسل بأسمائه وصفاته والتعبد له بقلب خاشع متيقناً بإجابته.
- التوسل بالأعمال الصالحات التي تُقرب من الله: وهو أن يقوم المسلم بالتوسل إلى الله بالعبادات والأعمال الصالحات، ليدعوه بان يأجره أجر الأعمال ويجلب له المنفعة ويدفع عنه الضر، ويجب الإبتعاد عن الذنوب والمعاصي التي حرمها الله، ويمكن للمسلم أن يقول ذلك ” اللهم بإيماني بك، ومحبتي لك، واتباعي لرسولك اغفر لي”.
- التوسل إلى الله بدعاء الرجل الصالح: وهو عند مرور المسلم بالضيق الشديد نتيجة التفريط فيجنب الله أن يذهب إلى رجل يرى فيه الصلاح والتقوى والإيمان يطلب منه الدعوة له بكشف الضر عنه من كل كرب ويزيل عنه كل هم.
التوسل الممنوع والمحرم
هناك نوع من أنواع التوسل محرم باتفاق العلماء، وهو التوسل بغير الله عز وجل أو التوسل بالمعبود نيابة عن التوسل لله عز وجل وهو عمل من أعمال المشركين الذين قال فيهم القرآن الكريم:” والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى”، وقال أيضاً:” ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله”.
دعاء التوسل مكتوب
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” ما من مسلم يدعو ليس بإثم ولا بقطيعة رحم إلا أعطاه الله إحدى ثلاث: إما أن يُعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها”، ومن أدعية التوسل المستجابة ما يلي:
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ قَالَ فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ.
- اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا.
- اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ؛ بَدِيعَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.
- اللهم أتوسل إليك بكل اسم هو لك، أن تقضي لي حاجتي، وأن تذهب عني الهم والغم والحزن، وأن تهدني راحة البال، وتكشف عني الكربات.. إنك على كل شيء قدير.. اللهم آمين يا رب العالمين.
- لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ.
- اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ؛ بَدِيعَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.