تُعد الدولة العباسية من أطول وأعظم الدول الإسلامية التي حكمت العالم الإسلامي لقرون، حيث ازدهرت فيها العلوم والفنون، وانتشر فيها الإسلام في بقاعٍ واسعة من الأرض. غير أن هذا المجد الطويل انتهى بسقوط بغداد عام 656هـ، في عهد آخر خلفاء بني العباس، الخليفة المستعصم بالله.
من هو المستعصم بالله؟
هو عبد الله بن منصور بن الناصر لدين الله العباسي، وُلِد في بغداد سنة 609هـ، وتولى الخلافة سنة 640هـ بعد وفاة أبيه المستنصر بالله. كان معروفًا بحسن الخلق والكرم، لكنه لم يكن ذا حزمٍ سياسي أو قوةٍ عسكرية، في وقتٍ كانت فيه الأمة تمر بمرحلةٍ حرجةٍ من الضعف والانقسام.
حال الدولة العباسية في عهده
حين تولى المستعصم بالله الحكم، كانت الدولة العباسية قد فقدت كثيرًا من هيبتها ونفوذها، إذ أصبحت السلطة الفعلية بيد الوزراء وقادة الجند، بينما كان نفوذ الخليفة يقتصر على بغداد ومناطق محدودة. كما زادت الأطماع الخارجية، خاصة من قِبل المغول الذين توسعوا بسرعة بقيادة هولاكو خان.
سقوط بغداد على يد المغول
في عام 656هـ (1258م)، زحف هولاكو بجيشه الجرار نحو بغداد بعد أن رفض الخليفة الخضوع له. ورغم التحذيرات من القادة والمستشارين، لم يُعِدّ المستعصم العُدّة الكافية للدفاع عن العاصمة. فدخل المغول بغداد بعد معارك قصيرة، وارتكبوا مذبحة مروعة راح ضحيتها مئات الآلاف من السكان، ودُمّرت المكتبات والمساجد والمدارس.
الاجابة : صواب.
أُسر الخليفة المستعصم بالله، ثم قُتل بأمر هولاكو، لتطوى بموته صفحة الدولة العباسية في بغداد، بعد أن استمرت أكثر من خمسة قرون.
الدروس والعبر
تمثل نهاية المستعصم بالله عبرةً تاريخيةً عظيمة، إذ تُظهر أن الضعف الداخلي، والانقسام السياسي، وإهمال إعداد القوة، كلها عوامل تؤدي إلى سقوط الأمم مهما بلغت عظمتها. كما تؤكد أهمية القيادة الحكيمة القادرة على توحيد الصفوف وحماية الوطن من الأخطار.
برحيل المستعصم بالله، انتهى عهد الخلافة العباسية في بغداد، ولكن إرثها العلمي والحضاري ظل حيًا في ذاكرة الأمة. فالتاريخ لا ينسى ما قدمه العباسيون من إسهامات في الفكر والعلوم والثقافة، لتبقى دولتهم رمزًا لعصرٍ ذهبي في تاريخ الإسلام.
