تخيل إذا كنت تعيش على كوكب يتجمد ثم يتحمص بالتناوب طوال العام أثناء دورانه حول الشمس ، هذا هو الحال على كوكب عطارد أصغر الكواكب الأرضية الصخرية في النظام الشمسي وأقرب الكواكب من الشمس .
عطارد من للأرض:
يبدو كوكب عطار وكأنه نقطة صغيرة ومشرقة في السماء وهذا المشهد رأيناه بعد غروب الشمس مباشرة وبالتحديد في 15 مارس 2018 ، كما ظهر أيضًا كوكب الزهرة على الرغم من أنهما لا يدوران سويًا ، ونحن على الأرض نرى عطار أحيانًا في الأوقات التي يكون فيها مدار الكوكب أبعد ما يكون عن الشمس .
العام واليوم على كوكب عطارد :
يدور كوكب عطارد دورة كاملة حول الشمس كل 88 يوم ، ويبلغ بعد عطارد المتوسط عن الشمس حوالي 57.9 مليون كيلو متر ، ودوران عطارد بهذا القرب من الشمس يعطيه أكثر درجة سخونة وأبرد درجة حرارة أيضًا بين كواكب المجموعة الشمسية ، كما أنه يملك أقصر عام في النظام الشمسي ، كما أن هذا الكوكب يدور حول نفسه ببطء شديد هو يستغرق حوالي 58.7 يوم أرضي ، كما أن دوران عطارد حول الشمس يطلق عليه الشذوذ المداري حيث أنه يدور ثلاثة مرات حول نفسه كل دورتين حول الشمس ويظل وجه واحد منه فقط مقابل للشمس ولذلك يبدو طول اليوم الشمسي على عطارد 176 يوم أرضي .
من السخونة إلى البرودة الجافة إلى الجليد :
كوكب عطارد هو كوكب متطرف فيما يتعلق بدرجات الحرارة السطحية بسبب الجمع بين العام القصير وبطء دورانه حول محوره ، كما أن قربه من الشمس يجعل بعض المناطق على سطحه تصبح ساخنة للغاية في حين أن الأجزاء التي تقع بعيدًا عن الشمس تكن باردة جدا لدرجة التجمد ، ويمكن أن تبلغ درجة الحرارة على سطحه إلى 700 درجة كلفن أو تنخفض لتصل إلى 90 درجة كلفن ، كما أن قطبي كوكب عطارد لا ترى الشمس أبدًا ، وقد تم رصد وجود جليد في هذه الأقطاب ، ويرجح العلماء أن السبب في وجوده هو اصطدام بعض المذنبات الحاوية للماء بالكوكب ، وقد سمحت درجات الحرارة المنخفضة بتجمده وبقاؤه على سطح الكوكب .
الحجم والبنية :
كوكب عطارد هو الأصغر بين جميع الكواكب باستثناء كوكب بلوتو القزم ، ويبلغ حجم قطره عند خط الاستواء 15328 كم وهو بذلك يعتبر أصغر من أقمار كوكب المشترى ، وتبلغ كتلته حوالي 0.055 من كتلة الأرض ، وتتكون 70% من كتلته من المعادن و30% من السيليكات وهي عبارة عن صخور من السيليكون ، ويضم عطارد في مركزة منطقة من الحديد السائل تتأرجح مع دوران الكوكب وهذا يولد مجالا مغناطيسيا تبلغ قوته حوالي 1% من قوة المجال المغناطيسي للأرض .
الغلاف الجوي لعطارد :
يملك عطارد غلاف جوي صغير جدا حتى أنه يبدو غير موجود تقريبًا ، وذلك لأن درجة الحرارة المرتفعة على الكوكب لا تسمح ببقاء أي الهواء على سطحه ، على الرغم من أنه يضم ما يطلق عليه العلماء اسم (إكسوسفير) وهي مجموعة ضعيفة من الكالسيوم والهيدروجين والهيليوم والأكسجين والصوديوم وذرات البوتاسيوم التي يبدو أنها تأتي وتذهب بينما تهب الرياح الشمسية عبر الكوكب .
سطح عطارد :
يتميز سطح عطارد بلونه الرمادي الداكن وهو نتيجة لتراكم غبار الكربون الذي تراكم على مدار مليارات السنين ، وتظهر صور سطح كوكب عطارد التي التقطتها المركبات الفضائية مارينر 10 ومايسنجر وجود فوهات بجميع الأحجام تغطي سطح الكوكب وقد تكون هذه آثار لمخلفات فضائية من جميع الأحجام ، وقد تكونت السهول البركانية على سطح الكوكب منذ زمن بعيد عندما ثارت اللافا من باطن الكوكب لخارجه ، وقد تركت هذه اللافا أثار لشوق وتعرجات على الكوكب عندما بدأت تبرد .
اكتشاف كوكب عطارد:
كانت أول رحلة فضائية لاستكشاف كوكب عطارد هي الرحلة مارينز 1و التي وصلت في عام 1974 ، وقد وصلت هذه الرحلة بعد أن تخطت كوكب الزهرة حتى تستطيع تغيير مسارها بمساعدة جاذبية الزهرة ، وكانت تحمل كاميرات وقامت بإرسال صور وبيانات من سطح الكوكب ولكن وقودها نفذ في عام 1975م ، وقد ساعدت هذه الرحلة الفلكيين في التخطيط للبعثة التالية (ماسنجر) وكانت مهمتها هي مهمة بيئية لدراسة السطح ، وظلت هذه المركبة تدور حول الكوكب من 2011 وحتى عام 2015 ولكنها تحطمت عندما اصطدمت بسطح الكوكب .