الانتخابات العراقية أتاحت فرص عمل موقت للشباب

تختلف تجربة الانتخابات في العراق هذا العام كثيراً عن سابقاتها، فتأثير الشباب كان ملحوظاً، سواء أكانوا مرشحين أم ناخبين أم عاملين مع مفوضية الانتخابات، وبغض النظر عن النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات، فإنها كانت فرصة للعاطلين من العمل الشباب، اذ وفرت فرص عمل لمئات الالاف من الشباب العراقيين الذين عملوا في مراكز الاقتراع كمراقبين للمفوضية أو مديري محطات اقتراع أو ممن عملوا كمراقبين للكيانات السياسية.

مئات الوجوه الشابة ظهرت بين أعداد المرشحين في القوائم المختلفة سواء كانت قوائم بزعامات دينية وحزبية متشددة أم مدنية، لكن لم يفز الكثيرون منهم في الاقتراع إما بسبب عدم حصول قوائمهم على أصوات كافية أو بسبب وضعهم في تسلسلات متأخرة داخل القوائم الكبرى.

الانتخابات انتهت والنتائج الأولية كانت مفاجئة للأوساط السياسية المحلية والدولية لكنها لم تفاجئ الشباب الذين شاركوا فيها، لا سيما بين الخاسرين الذين وجدوا أنفسهم خارج اللعبة.

في المقابل، كانت هناك تحركات واضحة للفائزين حتى قبل اعلان النتائج النهائية من قبل مفوضية الانتخابات لتشكيل تحالفات داخل البرلمان لكن تلك التحركات تبدو سريعة وعشوائية ومن الصعب التنبؤ بها.

الشباب بين سن (18 – 22) عاماً كانوا من أكثر الناخبين اندفاعاً للمشاركة في الاقتراع على رغم تدني نسبة المشاركة وزيادة عدد المقاطعين قياساً إلى الانتخابات السابقة، فهؤلاء المقترعون الجدد مارسوا حقهم في الادلاء بأصواتهم للمرة الأولى في حياتهم إذ لم يتمكنوا من ذلك في الدورة الانتخابية السابقة بسبب صغر سنهم وكانوا الأكثر حماسة في عائلاتهم في الذهاب إلى مراكز الاقتراع.

مئات آلاف من الشباب دخلوا دورات مكثفة اقامتها مفوضية الانتخابات في العراق لتدريبهم على العمل في محطات الاقتراع، لا سيما أن الانتخابات أجريت هذا العام بطريقة التصويت الإلكتروني، إذ تدربوا على طريقة فتح الأجهزة مع بدء يوم الاقتراع وطريقة استخراج النتائج، فيما تدرب عدد آخر على وظائفهم كمراقبين للكيانات السياسية.

المفارقات التي حدثت في الانتخابات في العراق وكان صانعوها من الشباب هي الأغرب على الاطلاق، لا سيما في يوم الاقتراع إذ عمل الكثيرون منهم كمراقبين للكيانات الســـياسية المتنافسة لكنهم كانوا يختارون من يمثلهم من قوائم أخرى خارج الائتلاف الذي يعملون معه، وعلى سبيل المثال فإن مراقبين من «دولة الــقانون» انتخبوا قائمة «ســائرون» التي فازت بأكبر عدد من المقاعد والتي تضم تحالف الصدر مع الشيوعيين بعدما فصلوا بين توجهاتهم الشــخصية وبين حاجتهم إلى العمل.

وعمل آخرون مع قائمة «النصر» التي يتزعمها رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي كمراقبين لكنهم اختاروا التـــصويت لقائمة «الفتح» التي تضم فصائل من الحشد الشعبي ويتزعمها هادي العامري.

القوائم حاولت اختيار مراقبيها من الشباب بعناية لكنها لم تتمكن من السيطرة على توجهاتهم الخاصة واجبارهم على اختيار مرشحيها، أما الشباب فكانوا حريصين على الحصول على وظائف المفوضية والكيانات السياسية وهي وظائف موقتة بعضها لا يتعدى اليوم الواحد وبعضها الآخر يمتد لثلاثة شهور، لا سيما أولئك الشباب الذين عملوا في مجال الحملات الانتخابية إذ كانت مدة عملهم أطول وبدأت من حضور حلقات الترويج للمرشحين قبل انطلاق الحملات الانتخابية ثم تعليق صورهم في الشوارع والترويج لهم على الطرقات وانتهاء بمراقبة عملية الاقتراع.

التحالف الأول من نوعه في العراق بين الحزب الشيوعي والتيار الصدري حصد أكبر نسبة من أصوات الناخبين في العراق معظمهم من الشباب، فالاحتجاج على الفساد والمطالبة بالإصلاح جمعا بين الفريقين واقتحام المنطقة الخضراء قبل عامين من قبل المتظاهرين الشباب من التيارين المتناقضين من أهم الأسباب التي دفعت الشباب إلى التمسك بهذا التحالف والتصويت له.

الوضع في العراق اليوم ما زال ينتظر الكثير والشباب تمردوا على خيارات أهاليهم، رغبة منهم في تغيير الوجوه وبحثا عن الإصلاح الذي طالما طالبوا به في السنوات الماضية ويحاولون تحقيقه اليوم بالتطلع إلى الوجوه الجديدة التي أختاروها لكنهم لا يعلمون ما تخفيه الأيام لهم ولبلادهم.

تابعنا على تلغرام تابعنا على تويتر