يقع مسجد سامراء الكبير في مدينة سامراء ، في العراق ، على ضفاف نهر دجلة ، وعلى بعد حوالي 120 كيلومتر شمال العاصمة بغداد ، وقد بني المسجد في القرن التاسع ، بتكليف من الخليفة العباسي المتوكل ابن الخليفة المعتصم ، وقد انتقل إلى سامراء هربا من الصراع مع السكان المحليين في بغداد وبقي هناك طوال 56 عام التالية ، وهي الفترة التي شيد خلالها العديد من القصور بما في ذلك أكبر مسجد على مستوى العالم الإسلامى ، وامتد الجامع الكبير آنذاك على مساحة 17 هكتار ، حيث شغل المبنى فقط 38 ألف متر مربع ، وظل أكبر مسجد في العالم خلال الـ 400 سنة التالية لبناءه ، حتى قامت جيوش الحاكم المغولي هولاكو خان بتدميره خلال غزو العراق في عام 1278 ، وكانت الجدران الخارجية والمئذنة البالغ ارتفاعها 52 متر هي كل ما تبقى من هذا المسجد الكبير.
شيد المسجد على مساحة أرض مستطيلة الشكل و يحيط به جدار خارجي من الطوب المحروق يبلغ ارتفاعه 10 أمتار وسمكه 2.65 متر ، ويدعم هذا الجدار مجموعه مكونة من 44 برج شبه مستدير بما في ذلك الأبراج الموجودة فى زواياه الأربعة ، ويمكن دخول المسجد عبر أى من البوابات البالغ عددهم ستة عشر بوابة وارتفاعهم حوالى 6 أمتار ، وقد قيل أن كل مدخل تتوجه عدة نوافذ صغيرة على شكل أقواس ، ويربط بين كل برج جدار مكون من كوات مربعة غائرة ذات إطارات مائلة تشمل الجزء العلوى من الجدار بأكمله ، واحتوى المسجد علي سبعة عشر ممر ، وزينت جدرانه بفسيفساء من الزجاج ذو لون أزرق داكن ، و كانت الساحة محاطة من جميع الجوانب بأروقة ، وكان الجزء الأكبر منها هو الجزء المواجهه للقبله.
المئذنة الملوية و هى ما يميز مسجد سامراء تقع علي بعد 27 متر من مركز المسجد فى الناحية الشمالي ، ويبلغ ارتفاعها 52 متر ، وبنيت المئذنة على شكل برج حلزونى مع طبقات تتناقص سعتها بالارتفاع لأعلى ، فيبلغ عرض القاعدة 33 متر ، وتنتهى قمة المئذنة بقطر سعته ثلاثة أمتار ، ويوجد في الجزء العلوي من المئذنة ممر دائري مزين بثمانية مشاكي على شكل قوسي متجه لأسفل تتوج المبنى ، ويحيط بالمئذنة من الخارج سلم حلزوني بعرض مترين يدور باتجاه معاكس لاتجاه عقارب الساعة ، يُمكن من الصعود إلي أعلى ، ففي واقع الأمر ، فإن الخليفة المتوكل ، غالبا ما فعل ذلك للاستمتاع بالمنظر ، وتعد تلك المئذنة الملوية من الأثار التاريخية و من أبرز معالم الحضارة المعمارية العباسية و هى ذات طراز فريد من نوعه بين مآذن العالم الإسلامى ، وتظل أثارها إلى الأن شاخصة و هى تقاوم كل عوامل التخريب على مر القرون .