واصل “الملتقى الخليجي الأول للتراث والتاريخ الشفهي” الذي تنظمه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة أعماله لليوم الثاني في العاصمة الإماراتية. ويشارك في الملتقي الذي يعقد في فندق ريتز كارلتون أبوظبي، عدد من الأكاديميين والباحثين والخبراء في الجامعات الخليجيّة والمؤسسات والهيئات المعنيّة بالتراث والتاريخ، إضافة إلى عدد من المتخصصين في علم الاجتماع والتاريخ.
ويبحث الملتقى تعزيز دور الراوي كمصدر من مصادر تسجيل عناصر التراث وحمايتها، وتطوير الأساليب الحالية للجمع الميداني للتراث من خلال الروايات الشفهية لكبار السن وغيرهم من حملة التراث من رواة وإخباريين، كما سيعمل الملتقى على تحديد المعوقات والصعوبات التي تواجه الباحثين الميدانيين، والمعنيين بجمع وصون التراث.
كما يقترح الملتقى استراتيجية موحدة لدول مجلس التعاون الخليجي لتفعيل دور التاريخ الشفهي في حصر عناصر التراث، ويعرض المشاركون في الملتقي تجارب بعض الدول العربية في توظيف التاريخ الشفهي كمصدر من مصادر تسجيل التراث وصونه.
وناقش المجتمعون في اليوم الثاني 6 اوراق عمل متنوعة ما بين استعراض تجارب الحكومات في صون التراث وتجارب شخصية لبعض الباحثين، ففي الجلسة الأولى تناولت الدكتورة فاطمة الصايغ الاستاذ المشارك في قسم التاريخ والآثار في جامعة الإمارات، دور وزارات الثقافة والجامعات في منطقة الخليج في حفظ التراث الشفاهي، متخذة من دولة الإمارات نموذجا، وقالت أن ما يميز تجربة الدولة أنها تعمل على ربط الحاضر بالماضي من خلال التراث الشفاهي، وتمثلت مسؤولية دولة الإمارات العربية المتحدة منذ نشأتها بالاهتمام الكبير بالحفاظ على التراث وحداثة الوعي التاريخي والأرشفة، وأن معظم ما كتب كان بأيدي غير محلية، مما أفقدها الدقة، ولهذا تعتبر كتابة التاريخ ومحاولات الحفاظ على التراث بطريقة مبنية على أسس علمية صحيحة وبأيدي محلية خبيرة مهمة وطنية جليلة تؤديها الدولة بمؤسساتها المختلفة مثل الجامعات والمراكز التي أنشأت خصيصا للاهتمام بهذا الشأن و غيرها من الجهود التي بذلت بشكل فردي.
وقدم الدكتور علي بن سعيد الريامي الأستاذ المساعد بقسم التاريخ في جامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان، ورقة عن ملامح عامة عن جهود وزارة التراث والثقافة في الاهتمام بالتاريخ الشفهي في سلطنة عمان مع التركيز على مشروع الموسوعة العمانية، واستعرض الريامي في الورقة جهود وزارة التراث والثقافة في الاهتمام بالتراث والتاريخ، لتحقيق الأهداف المرجوة في صون التراث وانطلاقاً من الأهداف المرسومة له، وإدراكاً بأهمية جمع وصون ونشر جوانب مهمة من ثقافة المجتمع، ومراحل تطوره عبر التاريخ، وقال الدكتور الريامي ” أكثر ما تم تدوينه في مختلف المصادر إنما كان تاريخاً منتقى لفترات دون أخرى، وتاريخاً نخبويا إلى حد ما، يهتم بدراسة ماضي الصفوة في المجتمع، ويغفل عن دور العامة في صناعة التاريخ، فضلاً عن الاهتمام بتجاربهم الحياتية”. لذلك حرصت السلطنة ممثلة في وزارة التراث والثقافة وعدد من المؤسسات الرسمية الأخرى، والمؤسسات التعليمية ومراكز الابحاث إلى الاهتمام بالتاريخ والتراث المادي وغير المادي، عبر التعريف به من خلال سلسلة من الاجراءات طوال أربع عقود مضت، مع الأخذ في الاعتبار مساهمة المهتمين من الباحثين والمثقفين في الدفع بتلك الجهود قدما.
وفي الجلسة الثانية استعرض الدكتور محمد بن سعيد المقدم استاذ قسم التاريخ في جامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان، نتائج دراسته عن التاريخ الشفوي العماني من خلال تلفزيون عمان – دراسة لبرنامجي “من السواحل” و”ذاكرة” وتحدث عن دور تلفزيون عمان في حفظ التاريخ الشفاهي والذي انتج البرنامجين، حيث ساهما في توثيق الحضارة العمانية في زنجبار وأخذا بعين الاعتبار استضافة شخصيات من كبار السن ينقلون تجاربهم في الحياة وسفرهم من عمان وأهم التحديات التي واجهتهم في تلك الفترة.
وفي الجلسة الثالثة ناقشت الدكتورة عائشة بنت حمد الدرمكي من سلطنة عمان ورقة عمل بعنوان “السيميائيات والتاريخ الشفهي”، تحدثت من خلالها عن اهتمام السيميائية بالراوي والنصوص التي تجمع الثقافات لتناقلها بشكل سلس، والفنون والآداب والعادات من مثل استقبال الضيوف وعادات اللباس وتفاصيل الحياة اليومية وغيرها من الضحك والبكاء في تشكيل سند أو مرجع نستدل من خلاله في ممارسة حياتنا اليومية، ووصفت التاريخ الشفاهي بأشكاله المتعددة أنه أهم المناهج التطبيقية لنا ولأجيالنا.
ويختتم الملتقى أعماله غدا بمجموعة من منوعة من أوراق العمل وينهيها بجلسة مع مجموعة من الرواة في ابوظبي يتحدثون عن ذكرياتهم ودورهم في حفظ التراث.