تعتبر العائلة حجر الأساس في المجتمع ، فالعائلة المتماسكة تقوي عالم الإنسان ، فعادة ما تكون العائلة هي أول مكان فيه يتواصل الطفل ، فالمراهقون يكتسبون تعليم حساس من والديهم ، كما يمكننا قول أن العائلة تؤثر في نمو وتطور المراهقين من الناحية النفسية والروحية والأخلاقية ، هيكلياً إما أن تكون الأسرة مفككة أو سليمة ، فالطلاق والانفصال يقودان إلى عائلات محطمة ، فإن أخلاقيات وقيم المراهق تعتمد على تماسك وسلام الأسرة ، وينعكس تأثير العائلات المحطمة بقوة على أداء الأطفال في المدرسة ، لكن سيتحدث هذا المقال عن تأثير العائلات المحطمة على المراهقين .
يختبر المراهقون بشده اكتئاباً وعجزاً في التطور الوجداني أثناء فترات الانفصال والطلاق ، وتظل المشاعر الباكية مستمرة لسنوات عديدة بعد الطلاق ، فبالفعل يظهر المراهقون من العائلات المحطمة أداء دراسي ضعيف وتغير في أسلوب الحياة ، فينشأ هذا التغير في الأداء كنتيجة لعدم الاستقرار في مناخ المنزل ، فالعائلات المفككة تؤدي إلى مصادر ماليه غير كافية وأيضا روتين يومي مضطرب ، فإن الأسر المفككة تُفرض على المراهقين علاقات اجتماعية عديدة ، فإن الألم الناتج عن الأسر المكسورة تعزز تصرف المراهق بعنف وتُشركه في سلوكيات متسلطة ، وإحساس القلق الذي يجعل من الصعب عليهم أن يمارسوا التعاون أو الرياضة الجسدية ، ويتطور بداخلهم الاتجاه الساخر الرافض للعلاقات الاجتماعية ، وعلاوة على ذلك يخفي المراهقون داخلهم إحساس بفقد الثقة ناحية كلا الوالدين وناحية شريك الحياة في المستقبل .
انفصال الوالدين يجعل المراهقين يغيرون محل إقامتهم ، وهذا يعني أن لا يمكنهم تكوين صداقات جديدة بسهولة ، فيكونوا مضطرين للتعامل مع البيئة الجديدة الغير مألوفة لهم مع أناس آخرون جدد ليسوا أصدقاؤهم ، وهذا أمر متعب لأنه مرتبط بأزمات الثقة ، فبعض المراهقون يصبحون قلقين حول ظهورهم في هذه البيئة الجديدة ، ويظهر صغر النفس شائعاً بوضوح في المراهقين الذين من عائلات مفككة ، ويمكن في بعض الحالات من التطرف البالغ بسبب الطلاق ، فربما تجد بعض المراهقين يقبلون على الانتحار تجنباً للضغط النفسي والعقبات المحتملة لهذا القرار في المستقبل .
المراهقون في المجتمع غالباً ما يشعرون بالخجل والحساسية حول أمور معينة في حياتهم الاجتماعية ، فتُعتبَر الأسر المفككة أو الأم المطلقة سواء قانونياً أو ثقافياً مصدر إحراج لهم ، ومجرد التخيل البسيط في أن عائلاتهم غير طبيعية يجبر المراهقين على الانسحاب من العالم وخلق عالمهم الخاص ، ويحملون ذنباً كبيراً في مصاحبة أقرانهم من نفس المرحلة العمرية ، وربما تكون مشاعر الإحراج هذه صعبة جداً بالنسبة إلى بعض المراهقين في التعامل معها ، ربما يحاولون التدخل في الموقف وحله وإعادة العائلة إلى طبيعتها ، لكن عندما لا ينجحون في ذلك ، يصبحون متمردون على أفراد عائلاتهم ، ويعيش بعض المراهقون مشاعر لوم وإدانة عائلاتهم على المساهمة في شعورهم بالإحراج وخيبة الأمل داخل المجتمع .
الوالدين هم المعلمون الأوائل الذين يشكلون حياة المراهقين ، فيتركون علامات واضحة من القيم والأخلاق في حياة المراهق ، فيحتاج المراهقون خصوصاً الفتيات منهم أن يتعلمن من قبل أمهاتهن كيف يصبحن أمهات صالحات في المجتمع ، بينما يحتاج الفتى المراهق الوالد في غرس القيم الأخلاقية والنموذج المرجو منه من المجتمع ، إن الانفصال يسبب بعض الأزمات في انتقال هذه المبادئ الاجتماعية والأخلاقية ، وتتجاهل الأسر المفككة الاحتياجات الجسدية للمراهق في التوصل مع احد الطرفين من الوالدين ، بالطبع حينما تعيش الفتاة مع والدها بعيداً عن والدتها فأنها تعاني دائما من الخوف الشديد ، وعلى العكس عندما يعيش الابن مع والدته فقط فإنه يخاف من والدته ويشعر بظلم من غياب والده ، في النهاية يتعرض المراهق الذي يوجد في عائلة مفككة إلى تحديات جسدية واجتماعية هائلة . فالاكتئاب والإحباط والضغط النفسي وصغر النفس من أكثر المشاكل النفسية الناتجة عن انفصال الأسرة ، والشعور بالذنب من عدم وجود عائلة عادية مجتمعه معاً يجعل بعض المراهقين يقومون بالانتحار .