جولة داخل مدينة أوشغولي الجورجية التاريخية

جولة داخل مدينة أوشغولي الجورجية التاريخية

حين يفكر محبي السفر في دولة جورجيا فهم يفكرون دائمًا بزيارة عاصمتها تبليسي باعتبارها مدينة ساخنة في هذا البرد القارص ، ولذلك فإنها كانت وجهة لكثير من السياح في العام الماضي .

جولة داخل مدينة أوشغولي الجورجية التاريخية

ولكن هناك مكان في أقصى شمال البلاد لا يعرف عنه الكثيرين ولا يذهب إليه الكثيرين بالرغم من طبيعته الخلابة وهي منطقة سفانيتي ، وعلى وجه الخصوص القرى الأربعة التي تشكل مدينة أوشغولي  وهذه المنطقة تعتبر أحد المدن النائية في المنطقة .

ويتحدث سكان هذه المنطقة اللغة الجورجية القديمة ، ويدينون بالديانة المسيحية الأرثوزوكسية وهم يتمسكون كثيرًا بالأفكار والمعتقدات القديمة التي تشكل هويتهم الثقافية المميزة ، وقد كانت هذه المدينة يتم عزلها تمامًا خلال شهور الشتاء الستة حتى عام 2000 ، ولذلك كانت مقر للصوص والأعمال غير القانونية حتى أن الجورجيون أنفسهم كانوا يسخرون من تأخر هذه المدينة .

وقد عانت المدينة كثيرًا من الإهمال بسبب موقعها المنعزل ، وعاش أهلها ظروف صعبة وخاصة مع الفوضى التي سادت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، ولكن مؤخرًا ساد الأمن في جورجيا كلها بما فيها سفانيتي .

ولقد كان الطريق الرئيسي المؤدي للقرية والذي يربطها مع مدينة ميستيا أحد الطرق الأكثر خطورة في البلاد ، ولكن تم تحديثه مؤخرًا ، وقد سهل زيارة أوشغولي على الرغم من أن الوصول إليها من مدينة كوتايسي مازال يحتاج إلى خمس ساعات .

وتعتبر قرية شيباني أحد أكبر القرى الموجودة في هذه المنطقة وتحتوي على برج سفان وهو أحد الأبراج الدفاعية القديمة الذي يطل على الممرات المتعرجة حيث تتجول الماشية ، كما تحتوي على مجموعة من المباني الحجرية الكبيرة والتي تتكون من طابقين ، وتضم الطوابق العليا شرفات خشبية مغلقة .

وتضم القرية أيضًا أحد البيوت القديمة والذي تسكن به سيدة تسمى ماريخي نيجارادز وهذا المنزل يحتوي على نقوش وزخارف شبكية تنتمي للفترة السوفيتية .

وتقول صاحبة المنزل : ” لقد جئت إلى تلك القرية في فترة الخمسينيات لأعمل كقابلة  ، وقد كانت الحياة في تلك الفترة مختلفة تمامًا ، حيث لم يكن هناك أطباء بالقرية ، وقد كنت أقوم بدور الطبيب وكان على استخراج الأسنان وحتى إجراء العمليات الجراحية الصغيرة ، ولم يكن هناك أموال ولا وسائل مواصلات وكان الطريق إلى ميستيا فظيعًا ” .

وفي هذه الأيام تدير ماريخي دار للضيافة ، حيث تضع الأسرة في كل المساحات الخالية داخل المنزل ، وتعمل الآن على تمديد المساحة لإفساح المجال لإضافة المزيد من الآسرة ، وتظهر على النزل آثار شقوق من أثر الانهيار الذي حدث في عام 1987م ، وقد نزح على أثره أكثر سكان القرية .

وتقول ماريخي : ” لقد بقيت في القرية ولم يتبق فيها غير 50 شخصًا فقط ، فقد كان الجميع يحاول الفرار ، وأخيرًا أعادتهم السياحة ” .

وقد كانت سفانيتي على مدى قرون مستودع آمن للعلم والفن ، وعادة ما كان يتم ذلك تحت رعاية الأديرة الأرثوذوكسية ، ويعيش في زيبياني الآن الفنان السيريالي بريدون نيجارادزي ، وهو يعيش في عزلة ويشاع عنه أنه شخص صعب المراس و غريب الأطوار ، وقد رتب لنا ابن شقيقه زيارة له  .

وفي أثناء الذهاب إليه كنا نسير على طول الأزقة الضيقة و نجد شاحنات روسية مهجورة ، ومجموعة من الأبقار التي تتجول في الشوارع ، حتى وصلنا إلى مبنى نصفه من الخشب ونصفه الآخر من الأحجار وبعد طلوع مجموعة من السلالم قابلناه وقد كان رجل مسن وقد التفت إلينا وقال لنا : ” ما رأيكم في المواقف التي اتخذها ستالين وروزفيلت بعد مؤتمر طهران ؟ ” ، ثم دعانا لرؤية الأستوديو الخاص به وقد أخبرنا عن ماضيه وقال أنه درس في تبليسي في السبعينيات ولكنهم لم يعطوه ما يريد لأن تعلم الرسم لم يكن مسموحًا به في ذلك الوقت .

ويقول نيجارادزي : ” لقد ثبت في وجه السوفيت عندما قاموا بحظر اللغة الجورجية ، وقد وضعوني في ملجأ وأخذوا دمائي وأعطوني أدوية ، وأنا أواجه الكثير من المشاكل الصحية منذ ذلك الوقت ” ، وقد فتح لنا المزيد من الأبواب داخل الأستوديو ، وأشار إلى قماش متعرج يحمل رسم تفصيلي لأبراج سفان ،ورسم أخر لساق امرأة .

وقبل أن نغادر حكى لنا نيجارادزي عن تأثير الحضارة الحديثة على مدينة أشغولي والرخاء الذي حل على المدينة ، والتقط لوحة أخرى وقال لنا:” لقد رسمتها في عام 1999م ، ولو تمكنت من بيعها سوف أعطي المال لسكان أوشغولي أولئك الذين يبقون خلال فصل الشتاء “

تابعنا على تلغرام تابعنا على تويتر