باتت ظاهرة «حوسبة الجسد» تغزو أوروبا والصين أيضاً، بل تتسع باستمرار ظاهرة «الطب المتلفز» Televised Medicine الذي يتيح تقديم الرعاية الصحيّة للمسنين عن بُعد، ما يوفر مبالغ كبيرة على نُظُم الرعاية الصحيّة، ويهدف الطب الرقمي إلى جعل الخدمة الطبيّة أكثر قرباً من المريض، إضافة الى زيادة سرعتها، إذ تُقدّم سلسلة مستشفىات «مايو كلينيك» خدمات متنوعة في الطب الرقمي، ويعطي مستشفى «كايزر برماننت» استشارات طبيّة عن بعد لمرضاه في كاليفورنيا، وتستخدم سلسلة مستشفيات «آبوللو» الشهيرة في الهند روابط الفيديو لربط المختصين مع المناطق النائية لتوفير الخدمة الطبيّة لها.
وأنشأ مستشفى «آرافيندا» في الهند أكشاكاً لرعاية مرضى العيون ومتابعة حالاتهم، تحت إدارة نساء مدربات جيداً، لا أطباء باهظي التكاليف، وتعمل تلك الأكشاك على فحص العين، كما يصار إلى الاتصال رقمياً بالطبيب في المركز الرئيسي لإبلاغه بنتيجة الفحص، كي يقرّر نوع النظارة الطبيّة التي تناسب المريض، أو ضرورة إجراء جراحة له.
ودفع ذلك التطوّر بشركات المعلوماتية الكبرى إلى الاستثمار في مجرياته
وتعاونت شركة «إنتل» الأميركيّة، عملاق صناعة رقاقات الكومبيوتر، مع إحدى الشركات الهندية، لإنجاز مشروع تبلغ كلفته 250 مليون دولار، يهدف إلى تسويق أجهزة متصلة بالإنترنت تتيح للأطباء مراقبة المرضى في بيوتهم. وثمة من يعتقد أن المعدّات الطبيّة المنزليّة ستختفي في وقت قريب، كي «تذوب» في أجهزة منزليّة كالكومبيوتر والخليوي والملابس الذكية، بل ربما ذابت في أجساد البشر!
وفي ذلك السياق، أنتجت شركة «فيليبس» أغطية للأسرّة يحتوي نسيجها على أسلاك لمراقبة ضربات قلب المريض أثناء نومه، ويتصل ذلك الأمر بالموجة الحديثة في عالم المنتجات المتصلة بالتطبيقات الرياضية والصحيّة، مثل الأحذية والملابس التي تحتوي على رقاقات إلكترونية، وتنتشر حاضراً مجموعة من التطبيقات الرقمية التي تجعل الخلوي أداة لتقديم خدمات طبيّة في البيوت.
تغيّر في موقع الطبيب
في قول مختصر، يبدو أنّ التكنولوجيا باتت تسبق الخيال. وقبل سنوات قليلة، لم يكن كثير من الأطباء ليتخيّل حدوث ذلك التطوّر الذي نشأت عنه كمية هائلة من المعلومات تفرض الحاجة إلى تدخّل الكومبيوتر في تحليلها، وإلى طبيب لديه القدرة على اتخاذ القرار، واستطراداً، ظهر سؤال حول مدى قانونية قرارات الأطباء في ظل تلك المعطيات.
إذاً، شرع الطب في الانتقال من مركزية دور الطبيب، إلى التمحور حول المريض، خصوصاً في ظل أنظمة إلكترونيّة تحوي سجلات شاملة عن المرضى.
كذلك انتشرت في الإنترنت مواقع إلكترونيّة يتبادل فيها المرضى قصصاً حول أمراضهم، ويناقشون فيها التفاعلات السيئة للأدوية وجرعاتها، ما دشن عصر الشبكات الاجتماعية الطبيّة التي تتيح للمرضى تَشارُك معلوماتهم الصحيّة وخبراتهم مع الآخرين. وأوضحت البحوث أن اهتمامات الـ «سوشال ميديا» لا تنحصر في المشاهير والرياضة والسياسة، بل تشمل الأمراض المزمنة بأنواعها، ويُعتقد أن أكثر التدوينات والتغريدات تأثيراً هي التي تقدم للناس معلومات طبيّة دقيقة تكون متعلقة بالأمراض المزمنة.
ويذهب بعض متابعي الـ «سوشال ميديا» إلى القول إنّ إعلان جراح موثوق به عن رأي ما، يترك تأثيراً كبيراً للغاية في تحسين الرعاية الصحيّة يفوق ظهور بحث علمي دقيق.