سلطان عمان هيثم بن طارق أصدر مرسوماً بشأن زواج العمانيين والعمانيات من أجانب، وصار هذا الزواج مسموحاً من دون الحاجة إلى تصريح.
وفي المرسوم الذي قامت وكالة الأنباء العمانية بنشره وهي أن المادة الأولى منه قضت بإلغاء المرسوم السلطاني رقم 58 / 93 بالتفويض في إصدار أحكام تنظيم زواج العمانيين من أجانب وإجراء تعديلات على قانون تنظيم الجنسية العمانية.
وقضت المادة الثانية من المرسوم بوجوب ألا تخل أحكام هذا المرسوم بأحكام الشريعة الإسلامية أو النظام العام، أو بأي حكم في القوانين والمراسيم السلطانية والنظم المعمول بها يقضي بعدم الزواج من أجنبي كشرط لتولي بعض الوظائف العامة ذات الأهمية أو الطبيعة الخاصة والاستمرار فيها.
وقضت المادة الثالثة بأن توثّق المحررات التي تثبت زواج العمانيين من أجانب والتي تتم داخل سلطنة عمان وفقاً لأحكام القوانين والمراسيم السلطانية ذات الصلة. ونصت المادة الرابعة بأن يعتد بالمحررات المثبتة لزواج العمانيين من أجانب، الصادرة من جهات رسمية أجنبية قبل تاريخ العمل بهذا المرسوم، بالمخالفة لأحكام تنظيم زواج العمانيين من أجانب المعمول بها آنذاك، وذلك بعد التصديق عليها من وزارة الخارجية العمانية، وبما لا يتعارض مع حكم المادة الثانية من هذا المرسوم.
المرسوم واكب الدينامية التي يشهدها المجتمع
وذكر الكاتب العماني محمد البطاشي أن “هذا المرسوم يؤكد على إيلاء سلطان عمان المسألة الحقوقية والاجتماعية الأولوية، وعلى حرصه على تحديث الترسانة القانونية واعتماد تشريعات تواكب روح العصر والدينامية التي يشهدها المجتمع العماني”، مشيراً إلى أنه “من شأن المرسوم الجديد أن يفسح المجال للعمانيين للزواج بأجانب من دون الاضطرار إلى خوض مسار قانوني وإداري مستنزف وتعجيزي في حالات عدة”.
وأوضح البطاشي المرسوم السابق بما يخص الزواج من أجانب، وقال إنه “كان يشترط على المواطن الذي يرغب في الزواج من أجنبية ألا يقل عمره عن 45 سنة، ويجب أن يتقدم بطلب أولاً عبر أقرب مكتب للوالي، وبعد ذلك يتم التسجيل لدى وزارة الداخلية، واشترط القرار الوزاري على الراغب بالزواج من شخص أجنبي أن يتقدم بطلبه لدى وزارة الداخلية وذلك للحصول على التصريح الذي يجيز له الزواج من أجنبية شريطة أن تتوافر فيه الشروط منها أن تكون هناك أسباب اجتماعية أو صحية تدعو إلى الزواج”. وأضاف أن “من شروط المرسوم السابق أن يكون طالب الزواج من غير عمانية قادراً مالياً على تكاليف الزواج وتوفير المسكن المناسب وإعالة الأسرة، وألا يكون متزوجاً بعمانية ما لم تكن غير قادرة على القيام بواجباتها الزوجية. أما الشروط الصحية فهي التي تتعلق بصحة المتقدم للزواج وسلامته، والذي في بعض الأحيان لا يجد من يتقبل العيش معه مما يضطره إلى الزواج من أجنبية. كما يجوز للمطلق الزواج من أجنبية طبقاً للشرط الثالث، وكذلك من لديه زوجة عمانية عاجزة عن القيام بالواجبات الزوجية”.
وتابع البطاشي، “في حال التقدم للزواج من أجنبية كانت تتشكل لجنة لدراسة الطلبات المقدمة للزواج من الخارج تتكون من عضوين من وزارة الداخلية يكون أحدهما رئيساً للجنة، وعضو من وزارة التنمية الاجتماعية، وعضو من شرطة عمان السلطانية، وترفع اللجنة توصياتها إلى وزير الداخلية لإصدار القرار المناسب. ويجوز للعمانيين الزواج من أجانب بعد موافقة وزير الداخلية في الحالات الآتية: إذا كان المرشح أو المرشحة للزواج ينتمي بجنسيته إلى إحدى دول مجلس التعاون، إذا كان المرشح أو المرشحة للزواج بعماني قد وُلد في عمان من أم عمانية وحافظ على إقامته مدة ثمانية عشر عاماً، إذا كانت المرشحة للزواج مترملة أو مطلقة من زوج عماني ولها منه أبناء. ويجوز بقرار من وزير الداخلية التصريح بالزواج من أجانب وذلك في الحالات الآتية: إذا كان طالب الزواج من القاطنين في المناطق الحدودية ويرغب في الزواج من مواطني المناطق في الدول الأخرى، إذا كان طالب الزواج من المواطنين العمانيين بالجنسية، إذا توافرت لدى طالب الزواج ظروف يقدر الوزير معها ملاءمة التصريح له بالزواج، ومن ذلك الإقامة الطويلة في الخارج. ويعاقب كل من يخالف أحكام هذا القرار بالعقوبات الآتية: غرامة لا تزيد على ألفي ريال عماني، الحرمان من تولي الوظائف العامة”.
شروط الزواج من أجانب وفقاً للشريعة والنظام العام
في السياق، أشار المحامي العماني صلاح المقبالي إلى بقاء شرط واحد للزواج من أجانب في المرسوم الجديد وهو ألا يكون الزواج مخالفاً لأحكام الشريعة الإسلامية، وألا يكون مخالفاً للنظام العام في سلطنة عمان، وهما الشرطان الأساسيان للزواج من أجانب، فأصبح مباحاً الزواج من أجانب من دون الحاجة إلى تصريح ويكون الأصل في هذا الزواج الإباحة ما لم يخالف ذلك الشريعة الإسلامية أو النظام العام في السلطنة. وقال المقبالي إن “المشرّع أبقى على جزئية عدم تولي الوظائف العامة لكن بشرط جوهري وهو في شأن بعض الوظائف ذات الطبيعة الحساسة أو التي تتضمن شروطها ألا يكون من يشغلها متزوجاً من أجنبية، ويتعيّن أن يكون نص القانون لهذه الوظيفة يمنع شَغلها ممن يتزوج من أجنبية وهو استثناء وحيد في هذا الصدد، وبالتالي تبقى مسألة الزواج من أجانب الأصل فيها الإتاحة”.
المرسوم الجديد يشمل النساء والرجال
كما أشار المحامي العماني فيصل السعيدي إلى أن “زواج العمانيين من أجانب من دون تصريح يشمل النساء والرجال، حيث توثق عقود الزواج لدى الكاتب بالعدل، كما توثق المحررات التي تثبت زواج العمانيين من أجانب التي تمت داخل السلطنة سواء قبل العمل بهذا المرسوم أو بعده، وكذلك الأمر في عقود الزواج التي تم تحريرها خارج السلطنة فتوثَّق سواء كانت قبل العمل بالمرسوم أو بعده، مع مراعاة التصديق على هذه المحررات من الجهات المختصة في الدولة الأجنبية ووزارة الخارجية العمانية، تمهيداً لتوثيقها أمام الكاتب بالعدل في السلطنة”.
كثرة الزواج من أجانب قد يخل بالنسيج الاجتماعي
من جانبه، رأى الكاتب العماني سيف العلوي أن “المرسوم الجديد لا شك له آثار اجتماعية، لأن الزواج هو أساس المجتمع، وبالتالي فالنسيج المجتمعي سيطرأ عليه تغيير في المستقبل، لا سيما وأن هناك مؤثرات أخرى اقتصادية وصحية واجتماعية ستؤدي إلى زيادة نسب الزواج من أجنبيات، ثم قد تتحول هذه الموجة إلى ثقافة مجتمعية، وسيؤثر حتماً على نسب العنوسة في البلد، خصوصاً مع قلة الإقبال الخارجي على الزواج من العمانيات ومصادمة ذلك للأعراف”.
وأضاف “لا بد من بقاء بعض القيود وألا يُترك المجال مفتوحاً للجميع لما لذلك من آثار سلبية على الفرد والمجتمع من حيث الدين والعادات والتقاليد، لذلك لا يجب ترك الباب مفتوحاً على مصراعيه، لا بد من ضوابط لتنظيم العملية بمختلف أوجهها السلبية والإيجابية، وأرى أن مبررات الزواج من الخارج عند البعض سببه غلاء المهور ومتطلبات الأعراس التي لا تنتهي والحل من وجهة نظري الأعراس الجماعية بما أنها تزيح الكثير من الأعباء عن كاهل المتقدم للزواج وكذلك تخفيض المهور من قبل أولياء الأمور.
الطرق المثلى والصحيحة لطلب الزواج من غير العمانيين والعمانيات تقنن لبعض فئات المجتمع على سبيل المثال كبار السن وبعض الفئات من المعاقين، كذلك يشترط أن يكون الدين الإسلامي واللغة العربية عاملين أساسيين بين الطرفين لإتمام الزواج لما يترتب على ذلك من آثار سواء كانت سلبية أو إيجابية لهم كأفراد من خلال أطفالهم مستقبلاً أو من خلال المجتمع بصفة عامة”.
الجدير بالذكر أن قضية زواج العمانيين من غير العمانيات، وزواج العمانيات من غير العمانيين، عادةً ما تثير جدلاً كبيراً، وذلك لكثرة عدد الطلبات المقدَمة عبر جهات الاختصاص ومبررات ذلك الزواج. وبحسب تعداد السكان لعام 2020، أكدت المؤشرات أن عدد الذكور في سلطنة عمان يفوق عدد الإناث بأكثر من 22 ألفاً. وتثار خلال الحديث عن زواج العمانيين من الخارج قضايا مصاحبة تتمثل في غلاء المهور، وارتفاع تكاليف الزواج داخل البلاد.