
صلاة التهجد في رمضان، شهر رمضان شهر الخير والبركة، شهر يكون العبد أقرب ما يكون فيه إلى الله، خاصة في العشر الأواخر منه، ففي العشر الأواخر يجتهد المسلمون قيامه وقراءة القرآن فيه، وهذا نهج النبي صلى الله عليه وسلم ونهج صحابته الكرام الذين كانوا يتحرون ليلة القدر في العشر الأواخر، ويجتهدون في الليالي الوترية منها، فليلة القدر لها فضل عظيم عند الله، وفيها تتنزل الملائكة، ويتضاعف الأجر والثواب، فمن قامها واجتهد فيها نال الأجر والثواب، ومن انصرف عن ذلك حرم ثوابها العظيم، وفيها يتهجد المصلون في صلاة التهجد في رمضان.

موعد صلاة التهجد
يبدأ المسلمون بالتهجد في العشر الأواخر من رمضان من الليلة الأولى والتي تبدأ في ليلة الحادي والعشرين، فيوم الحادي والعشرين هو اليوم الأول من العشر، حيث تكون صلاة التهجد في الثلث الأخير من رمضان، فيحرص المسلمون على قيام تلك الليالي وإحيائها، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم هو وصحابته، وذلك لنيل الثواب والرضا من الله عز وجل.
وكانت وصية النبي صلى الله عليه وسلم قيام العشر الأواخر والاجتهاد فيها، حيث يحرص المسلمون على قيامها، وذلك بالاعتكاف، وتحري ليلة القدر فيها، وقيام الليل، وتوزيع الصدقات على الفقراء والمساكين، وصلاة القيام هي سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان يقيم الليل إيماناً واحتساباً، وقد قال تعالى: «أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ».
كيفية أداء صلاة التهجد
الفرق بين صلاة التهجد وصلاة القيام يتجلى في أن المصلي يقوم لصلاة التهجد بعد نومه نومة يسيرة، والصلاة التهجد طرق وحالات والتي يمكن للمسلم أن يؤديها فيها، وهي:
- أن ينام نومة يسيرة، من ثم يستيقظ منتصف الليل، فيقوم ويصلي ركعتين خفيفتين، بعد ذلك يصلي من الركعات ما يشاء، ومن الواجب أن تصلى هذه الصلاة ركعتين ركعتين، ويسلم بعد كل ركعتين، وبعد أن ينتهي من عدد الركعات التي ينوي أن يصليها، يوتر بركعة واحدة، فذلك ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ويجوز أن يوتر بأكثر من ركعة إما ثلاث أو خمس ركعات.
الفرق بين صلاة التهجد وصلاة القيام
تكون صلاة التهجد بعد أن ينام المصلي ليلاً ولو بجزء يسير، فيستيقظ ليصلي، ويختص ذلك بالصلاة دون سائر العبادات، أما في صلاة قيام الليل فإنها تكون بالذكر والصلاة، والدعاء، وقراءة القرآن، وتؤدى في أي ساعة من ساعات الليل، حيث ينام المصلي ثم يقوم لصلاته.
دعاء صلاة التهجد
مما كان يحرص عليه النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر، قيام صلاة التهجد فيها، وكان يدعو بما جاء في الحديث الصحيح :
- عن عبد الله بن عباس يقول: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قالَ: اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ أنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ لكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ الحَقُّ ووَعْدُكَ الحَقُّ، ولِقَاؤُكَ حَقٌّ، وقَوْلُكَ حَقٌّ، والجَنَّةُ حَقٌّ، والنَّارُ حَقٌّ، والنَّبِيُّونَ حَقٌّ، ومُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَقٌّ، والسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لكَ أسْلَمْتُ، وبِكَ آمَنْتُ، وعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وإلَيْكَ أنَبْتُ، وبِكَ خَاصَمْتُ، وإلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ وما أعْلَنْتُ، أنْتَ المُقَدِّمُ، وأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلَهَ إلَّا أنْتَ – أوْ: لا إلَهَ غَيْرُكَ – قالَ سُفْيَانُ: وزَادَ عبدُ الكَرِيمِ أبو أُمَيَّةَ: ولَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ، قالَ سُفْيَانُ: قالَ سُلَيْمَانُ بنُ أبِي مُسْلِمٍ: سَمِعَهُ مِن طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ).
تعد صلاة التهجد في رمضان من أعظم العبادات التي يؤديها المسلم لقيام العشر الأواخر، فالمسلم يصلي ليتقرب إلى الله وينال أجر وثواب قيام العشر الأواخر من رمضان.