الصوم هو الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة، ويعد من أعظم العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه، ويقصد من الصيام منع النفس من الشهوات وفطامها عن المألوفات وتعديل قوتها الشهوانية، وهي العباردة الوحيدة التي اختصها الله عزوجل من بين الأعمال وإضافتها إلى نفسه الشريف حيث جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى قال:”كل عملِ ابن آدمَ له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنَّة، وإذا كان يومُ صومِ أحدكم، فلا يرفُثْ ولا يصخَبْ، فإن سابه أحدٌ أو قاتَله، فليَقُلْ: إني امرؤ صائم، والذي نفسُ محمد بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتانِ يفرحهما: إذا أفطر فرِح، وإذا لقِي ربه فرح بصومه”، وشرع الله تعالي للمسلم أيام كثيرة مستحبة الصيام فيها مثل صيام يومي الاثنين والخميس سنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك الأيام البيض كل شهر.
وفي السطور التالية نسلط الضوء على فضل الصيام وصيام التطوع وفضل صيام يومي الاثنين والخميس كل أسبوع بالإضافة إلى فضل صيام الأيام البيض في كل شهر والأحاديث النبوية التي وردت في هذا الشأن وغيرها من المعلومات الهامة.
فضل صيام التطوع
صيام النوافل أو صيام التطوع من الأعمال التي تقرب المسلم إلى ربه ويحصل منها على الثواب والأجر العظيم من الله عز وجل حيث جاء في حديث للنبي صلى الله عليه وسلم أنه “مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا”، وصيام النوافل والتطوع هي الأيام بخلاف شهر رمضان ” الفرض الواجب على كل مسلم”، حيث تكون صوم أيام النوافل من السنن وليس من الفرائض، وحث الرسول الكريم على صيام يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع وصيام يوم عرفة بالإضافة إلى الأيام البيض من كل شهر إضافة إلى الست من شهر شوال وغيرها من الأيام، حيث يعد الصيام من أفضل العبادات التي ذكرها الله تعالي ومنه قوله تعالي:”وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّـهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّـهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا”.
فضل صيام الاثنين والخميس
يعد صيام الاثنين والخميس، من أيام النوافل ومن الأعمال العظمية التي تعود إلى صاحبها بالأجر العظيم، حيث تعرض أعمال العباد على الله سبحانه وتعالي خلال هذين اليومين، ومن المستحب أن يصومها المسلم حتى تعرض أعماله وهو صائم، وقد ثبت ذلك في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث جاء فيه: “تُعْرَضُ الأعْمالُ في كُلِّ يَومِ خَمِيسٍ واثْنَيْنِ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ في ذلكَ اليَومِ، لِكُلِّ امْرِئٍ لا يُشْرِكُ باللَّهِ شيئًا، إلَّا امْرَءًا كانَتْ بيْنَهُ وبيْنَ أخِيهِ شَحْناءُ، فيُقالُ: ارْكُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا، ارْكُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا”.
وصيام يومي الخميس والاثنين سنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن الأفضل التأسي بها والسير على سنته أفضل الأنام وجاء في حديث آخر عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أنه قال: “: “يا رسولَ اللَّهِ! إنَّكَ تَصومُ حتَّى لا تَكادَ تُفطرُ، وتُفطرُ حتَّى لا تَكادَ أن تَصومَ! إلَّا يَومَينِ إن دَخلا في صيامِكَ وإلَّا صُمتَهُما، قالَ: أيُّ يومينِ؟ قُلتُ: يومَ الاثنينِ ويومَ الخَميسِ، قالَ: ذانِكَ يومانِ تُعرَضُ فيهما الأَعمالُ على ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُعرَضَ عمَلي وأَنا صائمٌ”.
حكم صيام الاثنين والخميس والحكمة من صومهما
يبحث الكثير من المسلمين على حكم صيام يومي الاثنين والخميس، فقال الشيخ ابن باز رحمه الله أن “صيام يومي الاثنين والخميس ليس بواجب بل هو مستحب، وليس على تارك صومهما إثم، فلو صامهما المسلم في بعض الشهور وترك في بعض لا حرج عليه، إلّا أن يكون له في صومهما نذر فيجب أن يلزم الصوم، وفيما غير ذلك فهو مخيّر، إن شاء صام وإن شاء لم يفعل، ومن واظب على الصوم فله أجر عظيم عند الله سبحانه، كما أنّه للصيام ومن ضمنه صيام الاثنين والخميس فوائد صحيّة كثيرة على الجسم”.
وجاء في الحكمة من مشروعية صيام يومي الاثنين والخميس أنه عندما سئل رسول الله عن صيام يوم الاثنين قال فيه صلى الله عليه وسلم:” “ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ، أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ”، وشرعها الله تعالي لكسب رضاه ومحبته، وجاء في حديث قدسي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله عليه وسلم “إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وأنا أكْرَهُ مَساءَتَه”.
ماهي الأيام البيض
الأيام البيض هي أيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر هجري، وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم الصيام فيها وذلك لمن أراد أن يتزود من الحسنات، وجاء في السنة أنه من السنة أن العزم على الصيام ثلاث أيام في الشهر ولا حرج على المسلم أن تركها فهي من أيام النوافل.
وسميت الأيام البيض بهذا الاسم، لأنه في هذه الأيام الثلاثة تكون الليالي بيضاء بالقمر حيث يكون القمر بدرا في هذه الليالي وجاء عن الأمام ابن بري أنه قال “الصواب أن يقال: أيام البيض بالإضافة لأن البيض من صفة الليالي- أي أيام الليالي البيضاء”، فلذلك من الأفضل اطلاق اسم أيام الليالي البيضاء بدلا من الأيام البيض على هذه الأيام.
الأعمال المستحبة في الأيام البيض
للمسلم المحافظ على صيام الأيام البيض أجرا عظيم، حيث جاء في أحاديث نبوية أن صائمها كمن صام الدهر كله، حيث جاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال”وإنَّ بحَسْبِكَ أنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ، فإنَّ لكَ بكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أمْثَالِهَا، فإنَّ ذلكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ”، ومن نوى صيام هذه الأيام ومنعه ظرف ما من إتمام الصوم فله أجرها كمن صومها، ومن السنة أن يصوم المسلم 3 أيام في الشهر ولكن من الأفضل أن تكون خلال الأيام البيض.
وكان الرسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم الأيام البيض من كل شهر هجري، ويحث الصحابة رضي الله عنه على صيامها، وهناك الكثير من الأحاديث النبوية التي تحث على صيام هذه الأيام لزيادة الأعمال الحسنة التي ترفع درجات المسلم وشرع النوافل وصيامها لتكون أفضل الطرق لشكر الله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى وورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالي قال: “من عادى لي وليا فقدْ آذنته بالحرْب، وما تقرب إلي عبْدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه”.
وجاء في حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله وسلم قال :” أَوْصَانِي خَلِيلِي بثَلَاثٍ لا أدَعُهُنَّ حتَّى أمُوتَ: صَوْمِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وصَلَاةِ الضُّحَى، ونَوْمٍ علَى وِتْرٍ”، وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنه في فضل صيام الأيام البيض :”كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفطر أيام البيض في حضر ولا سفر”، وفي حديث آخر عن جرير بن عبد الله – رضي الله عنه – عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر، و هي أيام البيض: صبيحة ثلاث عشرة، و أربع عشرة و خمس عشرة”.