كل ما تحتاج معرفته عن المجتمع العلمي المغربي

أطفأت المبادرة المغربية لتبسيط المعرفة العلمية شمعتها الثالثة، المبادرة التي تحمل اسم المجتمع العلمي المغربي، سعت منذ بداياتها، بجهود متطوعين من مختلف أقطار كوكب الأرض، إلى إغناء الشبكة العنكبوتية بمحتوى علمي عربي سليم وموثوق، من خلال إعداد وترجمة العديد من المقالات في مختلف مجالات العلوم الحقة، وبمواد مصورة لتلخيص وشرح مستجدات الساحة العلمية الدولية.

المعرفة العلمية للجميع

لطالما أعطى شعار «المعرفة العلمية للجميع» فكرة واضحة عن أهداف وطموح جنود المجتمع العلمي المغربي، فالصيغة التي تم اختيارها كواجهة للمبادرة، مكونة من ثلاث كلمات، دليل واضح على أن المراد هو تبسيط العلم الذي يبدو معقدا في نصوصه ومقالاته ومفاهيمه، بإضافة مؤثرات لغوية وبصرية إذا استدعت الضرورة، للحصول في الأخير على طبق علمي صحي يصلح للاستهلاك من طرف مختلف شرائح المجتمع والذي يُشكل المختصون فيه بمجال البحث العلمي القلة القليلة.

تحدي الشارع

محاولة تحقيق أحد أسمى أهداف المبادرة، المتمثل في إرساء بوادر نهضة علمية مغربية، لن يتحقق بكل تأكيد فقط بحروف تصاغ من على لوحات مفاتيح أعضاء هيئة التحرير، وتنشر في مختلف الوسائط الاجتماعية، وتبقى في أرشيف الموقع ليرجع لها بين الحين والأخر بعض الباحثين عن جواب لفضول علمي، بل سيتطلب الأمر الاصطدام المباشر مع الواقع البعيد عن وردية عالم مواقع التواصل الاجتماعي.

المجازفة التي أقدم عليها المجتمع العلمي المغربي وذلك في آخر أيام الملتقى الدولي الأول للعلوم المبسطة الذي تم تنظيمه السنة الماضية بعاصمة سوس أكادير، حيث أحيت المبادرة نشاط علوم في الشارع في محاولة لتبسيط مفاهيم الفيزياء والبيولوجيا والفلك والرياضيات وميادين أخرى عبر خيمات تزاحم عليها عدد كبير من المصطافين الذين، وفي خطوة مشجعة، تخلوا عن دقائق من استجمامهم من أجل المعرفة العلمية.

الاحتفاء بشخصيات علمية ناجحة

واستضاف الملتقى الدولي الأول للعلوم المبسطة، ثلة من العلماء المغاربة الذين أبدعوا في مجالات العلوم المختلفة، وسطع بريقهم داخل وخارج الوطن، في محاولة من المجتمع العلمي المغربي لتمكينهم من الاحتكاك بالمهتمين من أبناء وطنهم بالعلم والمعرفة، ولخلق فرصة ليتعرف عليهم الحضور والمتابعون، وللحديث عن تجربتهم، والاحتفاء بإنجازاتهم وبما قدموه للميدان العلمي.

من بين الشخصيات؛ البروفيسور رشيد يزمي عالم الكيمياء وأحد مخترعي بطاريات الليثيوم، المتوج سنة 2014 بجائزة درابر التي تمنحها الأكاديمية الوطنية للهندسة الأمريكية بواشنطن، والبروفيسور شوقي مصباح الفيزيائي والمحاضر ومدير بحث من الدرجة الأولى في المركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا، والدكتور يوسف ادغضور الباحث في علوم الأحياء في جامعة نيويورك، والدكتور مصطفى قندوز الأستاذ الجامعي والباحث في كلية الطب بجامعة واين ستيت بمدينة ديترويت الأمريكية.

المراهنة على الجيل الناشئ

لتوسيع قاعدة المستفيدين من المشروع وانتاجاته، وتحقيق التغيير المنشود في المجتمع، قررت المبادرة خلق أنشطة موازية لها في محاولة لاستهداف الجيل الصاعد، وتوفير مادة علمية تليق بهم وتتعامل باحترافية مع طبيعة عمرهم وشخصيتهم، الامر الذي تطلب جهدا كبيرا وموهبة أكبر، وأكيد تأطيرا بيداغوجيا لكي يتقبل الصغار المعلومات التي توفر لهم بشكل أسبوعي عبر أول موقع مغربي موجه لهم، الموقع المتجدد على أسبوعيا يحمل اسم براعم العلوم.

في نفس السياق، نجد تجربة أخرى لا تقل تشويقا عن براعم العلوم، وهي مخيم العلوم، أول مخيم من نوعه موجه للأطفال ما بين 8 و12 سنة، تجربة شهدت تفاعلا كبيرا من الأطفال وتجاوبا مع مختلف الفقرات.

الإنتاج المرئي

في محاولة لتنويع الانتاجات، وبلوغ شاشات الشباب الذين لا يستطيعون قراءة أسطر متتالية، بحجة الملل أو عدم توفر الوقت الكافي لإضاعته في محاولة يائسة لاستنباط فكرة من مقال علمي رغم أنه مبسط، قام شباب فريق الإنتاج المرئي بتوفير فيديوهات بجودة عالية وقيمة علمية كبيرة، سلسلة ” كيف تعمل؟” وسلسلة الأخبار العلمية الشهرية وسلسلة تعريفية عن جوائز نوبل، بالإضافة إلى مفاهيم وتجارب علمية مبسطة تمت دبلجتها.

رغم أن العالم العربي عموما لا يقرأ والمغرب ليس استثناءً في هذا الأمر، إلا أن المبادرة التي دأبت على اصدار مجلة علمية الكترونية دورية تحت عنوان “المغرب العلمي”، وبلغ عدد الاصدارات إلى حدود الساعة 5 أعداد، وستخوض (المبادرة) واحدةً من أهمّ الخطوات في قادم الأيام، حيث تقرر أن يكون العدد السادس أول عدد ورقي لأول مجلة علمية مغربية، خطوة ستكون فارقة في تاريخ المشروع ككل، وستعطي بالتأكيد فكرةً أوضح عن مدى استعداد الشباب المغربي المثقف لدعم وتقبل نهضة علمية مرتقبة.

في الأخير لا يسعنا سوى التنويه بمختلف المبادرات العربية الساعية إلى نشر العلم والمعرفة وتوفيرها لجميع شرائح المجتمع في المغرب، الأمر رغم صعوبته إلا أنه ليس حلا نهائيا لأزمتنا لكنه يبقى مجهودا محمودا ويعتبر جزءا هاما من عملية الارتقاء الفكري الذي ينقصنا للحقاء بركب الدول المتقدمة التي كنا في قمتها يوما.

إنضم لقناتنا على تيليجرام