توصل الباحثون منذ سنوات طويلة إلى أن موجات الحرارة تقتل أناسا أكثر من غيرها من الكوارث ذات الصلة بالطقس ، و خلال الأوقات الأكثر ارتفاعا للحرارة على الإطلاق والصيف الحارق تظهر في الولايات المتحدة أبحاث جديدة تحذر من خطورة الموجات الحرارية وإمكانية تسببها فى الموت.
على عكس الإعصار أو الذوبعة ، فإن تأثير الموجة الحرارية على حياة البشر لا يدرك عادة إلا بعد ذلك فى أوقات لاحقة ، ففى خلال صيف عام 2003 قُتل ما يقدر بـحوالى 70.000 شخص ، عندما اجتاحت درجات الحرارة العالية أجزاء من أوروبا ، وفقاً للإحصائات التي جمعها ريتشارد كيلر – الأستاذ بجامعة ويسكونسن بولاية ماديسون – عن تاريخ هذه الموجة الحرارية ، و بينما على النقيض كان عدد القتلى جراء إعصار كاترينا الذى حدث فى عام 2005 ، و دمر نيو أورليانز وساحل الخليج 1.836 قتيل .
خلال موجة الحر لعام 2003 ، مر بأوروبا مرتفع جوى شديد و استمر بها لمدة ثلاثة أسابيع في شهر أغسطس ، مما أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة بمستويات لم تصل إليها منذ مئات السنين ، فقد ذابت الكابلات الكهربائية ، وفشلت مضخات المياه ، كما تلفت بعض المعروضات فى المتاحف ، وواجه فنيو الطاقة النووية صعوبة في الحفاظ على برودة المفاعلات ، أما عن مدى الخسائر البشرية فقد تم الكشف عنها لأول مرة من قبل حافرى القبور ، الذين عثروا على العديد من الجثث التى لم يطالب بها أحد ، وفي باريس ، كان لابد من الاحتفاظ ببعض الجثث في مستودعات خارج المدينة عندما كانت المشرحة ممتلئة .
ووفقا لكيلر ، و الذى قال فى بيان أن هذه كانت أسوء كارثة طبيعية حدثت فى فرنسا فى التاريخ المعاصر قياسا بعدد الوفيات ، فقد قتل في باريس وحدها ما يقرب من 15000 شخص بسبب الحرارة الخانقة ، وكان معظم هؤلاء الضحايا من النساء المسنات اللاتي يعشن بمفردهن في الطوابق العليا فى شقق بدون مصاعد وغير جيدة التهوية.
وأوضح كيلر إنها كانت كارثة اجتماعية بالإضافة لكونها كارثة صحية وبائية ، فقد قتل الأشخاص فى تلك الشقق مثل الذباب ، بسبب بعض العوامل الإجتماعية التى جعلتهم أكثر عرضة للخطر و الموت ، وكثيرا ما يكون كبار السن عرضة لمخاطر عالية خلال الموجات الحرارية لأنهم قد لا يلاحظون آثار الجفاف الذي يصيب أجسامهم ، كما تؤدى بعض الأدوية – مثل تلك المستخدمة لعلاج مرض باركنسون – إلى تفاقم آثار الحرارة الشديدة ، ولكن في بحثه ، وجد كيلر أن الأشخاص الذين يعيشون بمفردهم يواجهون خطورة أكبر فى الوفاة بسبب موجة الحر ، وقال كيلر في بيان “علينا أن ندرك أن الحرارة تقتل عددا أكبر بكثير من الناس مما يفعله البرد وأن أكثر الأشخاص عرضة للموت هم الفقراء والمهمشين اجتماعيا.”