تحتوي مياه المحيط على مواد ملحية مذابة تجعلها مالحة ، هذه المركبات القابلة للذوبان تتكون من نترات البوتاسيوم وكلوريد الصوديوم والبيكربونات ، وقد ترسبت هذه الأملاح في المحيط بطرق مختلفة على مدى مليارات السنين ، حيث تراكم الملح باطراد حتى أصبحت مياه المحيطات مشبعة بالمحتوى الملحي ، ليصل معدل ملوحة مياه المحيطات 35 جم / كجم ، وسوف نستعرض العوامل التي قادت مياه البحر إلى أن تكون مالحة .
درجات الحرارة العالية
درجات الحرارة العالية الشديدة تجعل المياه السطحية في المحيط تتبخر ، لكن المعادن الذائبة المحتوية على مواد ملحية لا تتبخر ، وهذا يجعل مياه المحيطات تتمتع بمستوى أعلى من الملوحة ، فمياه المحيطات في المناطق المدارية أكثر ملوحة منها في المناطق القطبية لأن الشمس أعلى ونسبة التبخر أعلى ، مما يجعلها تحتوي على تركيز أعلى من الملح .
الملوحة تنخفض من المناطق المدارية باتجاه القطبين ، ولكن عند خط الاستواء نجد تبخير مياه المحيطات بطيء بسبب وجود أمطار عالية تضعف من تراكم الأملاح على سطح الماء بعد التبخر العالي ، ففي هذه المناطق تكون درجة الحرارة دافئة ، والهواء لا يتحرك وبالتالي فإن البخار يشبع الغلاف الجوي أعلاه ، مما يمنع المزيد من التبخر ، وهذا يجعل مياه المحيطات في مناطق خط الاستواء أقل ملوحة .
جريان الماء نحو المحيط
يضاف الملح إلى المحيط من خلال تصريف مياه الأمطار والجريان السطحي ، فمع تدفق مياه النهر فوق الصخور والمعادن ، تتحلل بعض المعادن مثل الحجر الجيري ويتم نقل المواد المعدنية الذائبة في اتجاه المحيط وبالمثل تتسرب مياه الأمطار عبر الصخور وتذيبها ، وهذه المعادن المذابة تتحرك مع التيار وتتدفق إلى المحيط لتؤثر في ملوحته .
الأنشطة البركانية
يحدث الانفجار البركاني أحيانًا في وسط المحيط ، وبعض من هذه الصخور المتدفقة عبارة عن مركبات للأملاح ، تترسب هذه الصخور القابلة للذوبان في قاعدة المحيط مما يضيف من الملوحة إلى الماء في المحيط ، لأن هذه الصخور ستذوب في القشرة المحيطية التي تحتوي على الكثير من الأملاح والمعادن مما يجعل مياه المحيط أكثر ملوحة .
انخفاض هطول الأمطار
مياه الأمطار تضعف الأملاح المركزة في مياه المحيط ، لذا فإن أجزاء المحيط التي لا تتلقى أمطارًا غزيرة تبقى أكثر ملوحة ، هذا يحدث غالبًا في المناطق الساخنة والجافة ، ففي هذه المناطق تصاحب الرياح عواصف تحمل البخار في الغلاف الجوي فوق سطح البحر مما يفسح المجال لمزيد من التبخر ، وقد شكلت هذه الظاهرة مستوى الملح العالي في المحيط .
هل ستصبح مياه المحيط أكثر ملوحة بمرور الوقت ؟
تشير الإحصاءات إلى أن محتوى الملح في معظم المحيطات لم يتغير على مدى مليارات السنين ، هذا يعني أنه قد وصل إلى حالة ثابتة ، في الواقع من المحتمل أن يتناقص محتوى الملح لأن معظم البلدان تخطط لاستخراج المعادن الموجودة في أعماق المحيطات مما يقلل من مصادر الأملاح ، كما سيساعد ذوبان الجليد في المناطق القطبية في إنتاج ماءً طازجًا يخفف الأملاح المتراكمة .
دور الماء المالح في الحياة المائية
تؤثر المياه المالحة على حركة وتكوين مياه المحيطات حيث أن المياه المالحة أكثر كثافة من المياه العذبة ، وتؤثر هذه الملوحة على توزيع الحياة المائية للأسماك وغيرها ، كما تؤثر على عناصر أخرى مثل الرطوبة ودرجة الحرارة .
هل الأنهار التي تصب في المحيطات مالحة ؟
يوفر هطول الأمطار والذوبان الجليدي مياه عذبة للنهر ، وهذا هو السبب في أنها ليست مالحة ، ولن تؤثر مياه الأنهار العذبة على المحيط بأكمله ، ولكنها ستحدث تغيرًا طفيفًا في نقاط الالتقاء لتقل الملوحة قليلاً عند مصب هذه المياه العذبة .
هل تمتلك كل المحيطات محتوى الملح نفسه ؟
لا فالمحيط الهندي والمحيط الهادئ والمحيط الأطلسي وغيرها لديها مستويات مختلفة من الملوحة لأنها تقع في خطوط عرض وخطوط طول مختلفة ، وكذلك ظروف مناخية مختلفة ، فالمحيطات القريبة من خط الاستواء أقل ملوحة مقارنة بالمناطق الاستوائية حيث يكون هطول الأمطار أقل بكثير من خط الاستواء ، كما أن المحيطات في المناطق القطبية ليست قليلة القلوية بسبب وجود الكثير من المياه العذبة الناتجة عن ذوبان الجليد ، حيث يعتمد محتوى الملح في المحيطات على موقعها الجغرافي .