يُعدّ التفريق بين النبي والرسول من الموضوعات المهمة في الدراسات الشرعية، نظرًا لارتباطه بفهم مسار الوحي الإلهي عبر التاريخ، وكيف انتقلت رسالات السماء إلى البشر. وعلى الرغم من أن المصطلحين يرتبطان ببعضهما ارتباطًا وثيقًا، فإن بينهما فروقًا دقيقة حدّدها العلماء استنادًا إلى النصوص الشرعية.
أولًا: تعريف النبي
النبي هو رجل اصطفاه الله تعالى ليبلّغ الناس بشرع سابق، ويذكّرهم بدين الله، ويهديهم إلى الطريق المستقيم، دون أن يُكلَّف برسالة جديدة أو كتاب جديد.
ويُرسل النبي عادةً لتجديد الإيمان في قلوب الناس، وتصحيح الانحرافات التي طرأت على الرسالة الأصلية.
ثانيًا: تعريف الرسول
الرسول هو رجل أرسله الله تعالى بشريعة جديدة أو بكتاب جديد، أو مُكلّف بتبليغ رسالة خاصة لقومه أو للعالمين.
ويُعطى الرسول غالبًا معجزات واضحة تؤيد رسالته وتثبت صدق وحيه أمام قومه.
ثالثًا: الفروق الأساسية بين النبي والرسول
يمكن تلخيص أبرز الاختلافات في النقاط التالية:
الرسالة والشريعة
الرسول: يأتي بشريعة جديدة أو كتاب سماوي.
النبي: يتّبع شريعة رسول قبله دون أن يأتي بتشريع جديد.
المهمة الأساسية
الرسول: يُرسل إلى قوم مخالفين غالبًا، ويدعو من لم يؤمن بالله من قبل.
النبي: يأتي غالبًا لتهذيب سلوك مؤمنين موجودين أصلًا وتجديد الإيمان فيهم.
درجة التكليف
الرسول: تكليفه أصعب وأعظم، لأن معه رسالة أو شريعة يجب تبليغها كاملة.
النبي: تكليفه في الغالب أقل مشقة، إذ يعمل وفق رسالة سابقة.
عددهم
الأنبياء أكثر عددًا من الرسل؛ لأن مهمة النبي هي الهداية والتذكير، وهي أوسع انتشارًا عبر العصور.
رابعًا: هل كل رسول نبي؟
اتفق العلماء على قاعدة مهمة:
كل رسول نبي، وليس كل نبي رسولًا.
فالرسول يبدأ بمرتبة النبوّة ثم يُزاد بالتكليف الإلهي ليصبح رسولًا.
خامسًا: أهمية التفريق بينهما
فهم الاختلاف بين النبي والرسول يساعد على إدراك تنوّع مهام الأنبياء، وطبيعة الرسالات التي نزلت للعالمين، ويُظهر الرحمة الإلهية بإرسال الهداة على مر العصور حفاظًا على نقاء العقيدة واستقامة المجتمعات.
