يدرك الجميع أهمية المنارات ، وهي عبارة عن أبراج أو مبانى عالية توجد بالقرب من الشواطئ والتي تبعث أضواء ساطعة للمساعدة في توجيه السفن في البحر ، فتتمكن السفن بأمان من تجنب السواحل والشعاب المرجانية الخطرة ، كما تساعد المنارات على تحديد مداخل الموانىء والخلجان.
كانت المنارات قديما تضئ بالمشاعل أو الشموع ، ثم تم استخدام مواد أخرى لتوليد الضوء ، كالزيت والشحم والكيروسين ، وبعد اختراع الإضاءة الكهربائية أصبحت هى مصدر الضوء الأساسي بالمنارات ، ويسمى مصدر الضوء في المنارة بالمصباح ، ويجب تركيز مصدر الضوء وتوجيهه للوصول إلى السفن في البحر ، ويتم ذلك من خلال استخدام سلسلة من العدسات التي تسمى غالبا بصريات ، وقد سمحت عدسة فريسنل ، التي اخترعها الفيزيائي الفرنسي “أوغستين جان فريسنل” في عام 1822 ، لوصول الضوء من المصباح في المنارة لمسافات بعيدة ، كما تم إدخال آلية الدوران للسماح بإسقاط الضوء بطريقة دائرية في جميع الأنحاء حول المنارة ، وبالتالي زيادة وضوح الرؤية.
و لكى تصبح المنارات فعالة ؛ يجب أن يكون الضوء المنبعث من المنارة ساطعا بما يكفي ليتم رؤيتها من قبل السفن من مسافة بعيدة وقبل الاقتراب من الخطر ، وهذا ما دفع المهندسين المعماريين إلى تصميم العديد من المنارات فى شكل إسطوانات عالية ، حيث يقلل الشكل الأسطواني من تأثير الرياح القوية على المنارة ، وبطبيعة الحال لا ينبغي أن تكون المنارة عالية إذا كانت علي جرف عال بالقرب من شاطئ البحر ، وقد تم بناء منارات داخل الماء و بعيدا عن الشاطئ فى بعض الأحيان ، فعلى سبيل المثال ، قد يوجد مناطق ذات شعاب مرجانية خطرة بعيدة عن الخطوط الساحلية ، لذا تقوم تلك المنارات بمساعدة السفن على تجنب هذه المخاطر.
لكن أين توجد أطول منارة؟ قد يبدو هذا سؤال بسيط ، لكن في الواقع هناك بعض الجدل حول ما ينبغي اعتباره منارة ، كبعض الأبنية العالية التى تحتوى على مصابيح ويمكن استخدامها لارشاد الحركات الملاحية.
يبلغ ارتفاع منارة جدة في المملكة العربية السعودية 436 قدما ، ويزعم إنها أطول منارة في العالم ، ومن بين المنافسين الآخرين فى الارتفاع ، برج يوكوهاما مارين في اليابان والذي يبلغ ارتفاعه 348 قدما ، ونصب بيري التذكاري في أوهايو والذي يبلغ طوله 352 قدما ، و لكن هناك جدل حولهما حيث أن كلاهما لم يؤسس بغرض القيام بدور المنارة التقليدية.
وتعتبر أطول منارة تقليدية بشكل عام هى منارة ” Île Vierge” بطول 271 قدم وتوجد في فرنسا ، وقد بنيت في عام 1902 ، وهي مصنوعة من الجرانيت وهي حاليا أطول منارة حجرية في العالم ، ولا تزال تستخدم المنارات حتى يومنا هذا ، لكنها ليست ضرورية كما كانت في السابق ، وذلك بفضل التقدم في التكنولوجيا الملاحية ، وقد تم إغلاق العديد من المنارات توفيرا لنفقات الصيانة ، وفي الواقع كانت آخر منارة تعمل بعنصر بشرى تم بناؤها في الولايات المتحدة ، وهي منارة “شارلستون” والتي بنيت في عام 1962.