هل يمكن للكوكب أن يصدر صوتًا ؟ إنه سؤال مثير للاهتمام يلقى الضوء عن طبيعة الموجات الصوتية ، حيث تبعث الكواكب إشارات يمكن تحويلها لأصوات يمكننا سماعها ، ولكن كيف يحدث ذلك ؟
فيزياء الموجات الصوتية
كل شيء في الكون يطلق إشعاعا ولكن ليس فى مقدورنا سماعه أو رؤيته ، إن طيف الضوء الذي نراه في الواقع صغير جدًا ، مقارنةً بالطيف الواسع جدًا من الضوء المتاح ، بدءًا من أشعة جاما إلى موجات الراديو ، وتشكل الإشارات التي يمكن تحويلها إلى صوت جزءًا واحدًا فقط من هذا الطيف .
يسمع البشر و الحيوانات عن طريق انتقال الموجات الصوتية عبر الهواء حتي تصل في نهاية المطاف إلى الأذن ، وتحرك الأصوات طبلة الأذن بالداخل والتي تبدأ في الاهتزاز ، وتمر تلك الاهتزازات من خلال عظام صغيرة في الأذن فتسبب اهتزاز الشعيرات الصغيرة ، وتقوم الشعيرات بتحويل الاهتزازات إلى إشارات كهربائية تنتقل إلى المخ عبر الأعصاب ، ثم يقوم المخ بترجمتها إلى أصوات .
ماذا عن الصوت في الفضاء؟
تهتز جزيئات الهواء على كوكب الأرض وتنقل الصوت إلى آذاننا ، بينما في الفضاء ينعدم وجود أي جزيئات لنقل الموجات الصوتية لآذان البشر ، بالإضافة إلى ارتداء رواد الفضاء خوذات وبذلات فضائية لن تسمح بسماع أى صوت حتى إذا وجد هواء لنقله .
وهذا لا يعني عدم وجود اهتزازات عبر الفضاء ، وإنما لا توجد جزيئات لالتقاطها ونقلها ، ومع ذلك يمكن استخدام هذه اهتزازات لصنع أصوات يمكن سماعها ، وكمثال على ذلك ، قام البعض بتسجيل الانبعاثات الصادرة عندما تواجه الجزيئات المشحونة من الشمس المجال المغناطيسي لكوكب الأرض ، وهذه الإشارات ذات ترددات عالية فلا يمكن لآذاننا إدراكها ، ولكن يمكن إبطاء تلك الإشارات بما يكفي للسماح لنا بالاستماع إليها ، وكانت أصوات تلك الصافرات والانفجار والفرقعة الغريبة ليست سوى بعض من الأصوات العديدة للأرض أو بالتحديد من المجال المغناطيسي للأرض .
وبحثت ناسا في التسعينات فكرة التقاط الإشارات من الكواكب الأخرى ومعالجتها حتى يتمكن البشر من سماعها ، وكان الناتج مجموعة من الأصوات المخيفة والمرعبة ، وهي عبارة عن تسجيل مصطنع للأحداث الحقيقية ، حيث يشبه الأمر إلى حدٍ كبير تسجيل مقطع لمواء قطة ، ثم إبطائه لسماع كل الترددات في صوت القطة .
هل هذا حقا صوت كوكب؟
ليس تماما ، فالكواكب لا تصدر موسيقى عندما تحلق السفن الفضائية ، ولكنها تصدر إشارات تقوم الأقمار الصناعية بتجميعها و نقلها إلى كوكب الأرض ، وتنشأ الأصوات أثناء قيام العلماء بمعالجة البيانات حتى نتمكن من سماعها ، ومع ذلك فإن كل كوكب لديه صوت فريد خاص به ، حيث يرسل كل كوكب ترددات مختلفة (بسبب اختلاف نسب الجسيمات المشحونة حوله واختلاف شدة المجال المغناطيسي) ، لذا سيكون لكل كوكب وكذلك الفضاء المحيط به صوت مختلف ، كما لا يرتبط الأمر بأي كوكب حيث يمكن للإشارات أن تأتي من أماكن كثيرة في الفضاء ، و تحويلها إلى أصوات يمكن أن نسمعها .
تحويل البيانات إلى أصوات
إن الموسيقى التي نستمع إليها على خدمات البث أو أجهزة المحمول أو مشغلات الموسيقى هي بيانات مشفرة بكل بساطة ، حيث يقوم مشغل الموسيقى بتحويل البيانات إلى موجات صوتية يمكننا سماعها ، وهذا ما قامت به ناسا بعد إطلاق مركبة Voyager 2 ، فلم تسجل المركبة أى موجات صوتية فعلية ، إنما تمت ترجمة العديد من ترددات الموجات الكهرومغناطيسية وتذبذب الجسيمات إلى صوت بالطريقة نفسها التي تعمل بها مشغلات الموسيقى الشخصية ، وهكذا تنشأ أصوات الكواكب البعيدة ؛ كبيانات من مركبة فضائية .