كثيرا من الأباء يحلمون بالهدوء في علاقتهم مع أطفالهم ، ولكن يجدون صعوبة في تحقيق ذلك الحلم خاصة عندما تكون سلوكيات الطفل تثير الغضب ، وعادة ما نوجه اللوم إلى أطفالنا حيال غضبنا ، لأنهم لا يصغون لكلامنا أو يتصرفون بعدم احترام معنا ، وعادة ما ينتهي الأمر بالندم على غضبنا وانفعالاتنا المتزايدة مع أطفالنا الذين نحبهم .
ونعلم أن دوافعنا هي التي تقودنا إلى العنف في الكلام مع الأطفال ، وأحيانًا نترك مشاعرنا هي التي تتحكم في سلوكنا مع أطفالنا ، وكثيرًا ما يكون دوافع انفعالاتنا هي الخوف الزائد على أطفالنا .
ويبقى داخل كل منا صراع من المشاعر عند تعنيف الطفل ، ولكن بمجرد أن تدرك أن طفلك ليس كائن كامل ومثالي ستتغير انفعالاتك ، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون طفلك كائن جميل ، حتى وإن لم يكن في غاية الجمال ونقصد هنا الجمال السلوكي وليس الشكلي ، فأحيانًا يعمينا غضبنا عن رؤية حقيقة أطفالنا وجمالهم ونركز على سلبياتهم .
غرفة المنطق :
لك أن تتخيل معي أن مخك بمثابة حجرتين ، حجرة علوية وحجرة سفلية ، وأن الحجرة العلوية تسمى حجرة العقل ، حيث يتم فيها الأعمال المنطقية والمنظمة ووضع الخطط والأهداف والاستراتيجيات ، بينما الغرفة السفلية هي غرفة المشاعر والتي يتم فيها اتخاذ القرارات بالمشاعر .
وعندما تكون الأعمال في الغرفة السفلية هادئة ، ستكون أعمال الغرفة العلوية هادئة أيضًا ، وسيتم القيام بالأعمال بطريقة جيدة وصحيحة ، من اتخاذ قرارات ووضع خطط وأهداف واستراتيجيات .
ولكن عندما تكون الغرفة السفلية في حالة ذعر وحريق ، تلك الحرارة ستؤثر على الغرفة العلوية وما يتم داخلها ، وهذا ما نود التركيز عليه ، أنه عندما تهدأ مشاعرنا وانفعالاتنا ستكون الطريقة التي نتعامل بها مع أطفالنا أفضل وأكثر فاعلية .
وكلما استطاع الوالدين السيطرة على مشاعرهم السلبية ، كلما زاد حسن تعاملهم مع أطفالهم ، بل واستطاعوا التقرب من أطفالهم بفاعلية ، وإن كنت تعجز على ذلك فيمكن أن تدرب نفسك بشكل تدريجي على الهدوء في التعامل مع طفلك .
كيف يمكنك فعل ذلك ؟
أولًا : ثقف الجانب العقلي في حياتك
فيمكن فعل ذلك عن طريق الاطلاع وقراءة مقالات ، عن أهمية التعامل بهدوء مع الطفل ، بل وقراءة مقالات تعلم التفكير قبل الانفعال .
ثانيًا: أعلم أنك لا يمكن أن تجعل الأخرين يتصرفون كما تحب دائمًا
بالطبع لا يمكننا أن نجعل كل من حولنا يتكلم ويسلك بالطريقة التي نحبها دائمًا ، وعندما ندرك تلك الحقيقة ، سنكون في حالة أفضل عند التعامل مع أطفالنا ، عندما نقبل الاختلاف في وجهات النظر وطريقة التعبير والكلام .
ثالثًا : تعرف على دوافعك
أعرف مسببات غضبك وانفعالك المتزايد مع أطفالك ودونها في ورقة .
رابعًا : اسأل نفسك لماذا هذا السلوك من طفلك يزعجك إلى هذا الحد
فعندما تواجه مشاعرك بشكل حقيقي ، سيخفف ذلك من انفعالك مع طفلك عندما يسلك بنفس الطريقة المرة المقبلة .
خامسًا : تعرف على نتيجة انفعالاتك
عندما تعلم ما الذي سيقوده انفعالك من خسارة نفسية ، ستتوقف حتمًا عن الغضب ، أو على الأقل ستحاول التقليل من حدته في المرات المقبلة .
سادسًا : أكتب توقعاتك الواقعية
نحن أشخاص نخطيء ونتعلم من أخطائنا ، فلا تتوقع أن طفلك يكون مثالي بدرجة كبيرة ، أو أنك ستكون أب مثالي وكامل ، ولكن في مسيرة الحياة يكتسب الطفل مهارات بل والوالدين أيضًا والحياة تعلم تصحيح الأخطاء بعد المرور بمواقف وتجارب متعددة ، فدع طفلك يخوض التجربة وإن اخطأ حتمًا سيتلقى درسًا عظيمًا من أخطائه .
سابعًا : داوي جروحك
ربما يكون انفعالك هو رد فعل لعنف تعرضت له في طفولتك ، ولذلك فكر في السبب الرئيس حيال غضبك بشدة عن التعامل مع طفلك .
ثامنًا : تجنب معارك القوة
كن حذرًا من رد الفعل السلبي عند مواجهة طفلك ، مثل السب والشتم والضرب .
تاسعًا : توقف عن توقع المستقبل
إذا كنت من النوع الذي يراوده القلق كثيرًا حيال طفلك ، مما يحمل داخلك صور سلبية كثيرة تقودك إلى الانفعال ، فتوقف عن ذلك ، ولكن عليك تبديل تلك الصورة السلبية إلى صور ايجابية تحسن من علاقتك مع طفلك .
عاشرًا : مارس تمارين رياضية
ممارسة التمارين الرياضية تقلل من الغضب ورد الفعل العنيف ، ولتجرب المشي وتمارين اليوجا والتأمل .
وأعلم أنه أحيانًا تكون تصرفات أطفالنا لا تستحق رد فعل عنيف منا ، ولكن ردود أفعالنا عادة ما تعكس جروح تعرضنا لها في طفولتنا ، ونعيد تذكرها مع أطفالنا مما يولد غضب وقلق داخلنا .