المادة المظلمة أو السوداء هي المادة غير المرئية والتي تشكل أكبر نسبة (80%) من الكتلة الكونية ، و حجم هذه المادة أكثر بكثير من مجموع الأشياء التي يمكن أن يلاحظها الفلكيون مثل النجوم والكواكب وغير ذلك ، ولكن يبدو أن دراسة جديدة قد ظهرت مؤخرًا ترجح أن تلك المادة ربما لا تكون موجودة على الإطلاق .
بدأ الحديث عن وجود المادة المظلمة في وقت مبكر في عام 1930م ، ولكن الاكتشاف الحقيقي لتلك المادة حدث في عام 1978م ، عندما استنتجت عالمة الفيزياء الفلكية فيرا روبين أن حركة المجرات التي يتم ملاحظتها لا يمكن تفسيرها عن طريق قوانين الفيزياء النيوترونية وحدها ، حيث أن النجوم الموجودة على أطراف المجرات تطير مبتعدة عنها بسبب دورانها الشديد ، ولكن ذلك يتم إذا قام شيء ما بحملهم إلى مكان يوجد به مادة مرئية .
وقد افترضت روبن أن المجرات لابد وأنها تحتوي على كتلة أكثر بستة أضعاف من الكتلة التي نراها باستخدام الآلات ، وعلى الرغم من استمرار الأبحاث لمدة أربعين عامًا إلا أن العلماء لم يجدوا جسيمات تلك المادة المظلمة ولا أي دليل على ما تشكله تلك المادة الغامضة ، وقد اقترح عالم الفيزياء الفلكية السويسري أندريه ميدر مؤلف الدراسة الجديدة ، أن يكون لتلك الآثار الغامضة المنسوبة للمادة المظلمة أي تفسير آخر غير وجود تلك المادة .
بديل لآينشتاين :
ويقول ميدر وهو أستاذ في علم الفلك بجامعة جنيف : ” إن النظرية الجديد و تفترض أن مساحة واسعة النقاط من الكون فارغة ، وهذا يعني أن أي تمتد أو انكماش يحدث في الكون لن يغير من خصائصه ، وهذا الافتراض يبدو معقولًا ” .
ويضيف أنه إذا أدخلنا مقياس ثابت إلى المعادلات ، فإن هذا سوف يؤدي إلى وجود قوة صغيرة جديدة ، وتكون هذه القوة عكس اتجاه الجاذبية وتظهر فقط في كثافات منخفضة جدًا ، وهذه القوة على الأرض تكون أقل من الجاذبية بمليون أو مليار مرة ولذلك لا يمكن قياسها بسهولة ، ومع ذلك فهذه القوة قوية بما فيه الكفاية للمساعدة في جمع المجرات الدوارة مع بعضها بدون وجود المادة المظلمة .
ولكن هذا المقياس الثابت الذي اقترحه ميدر ليس جزء من نظرية آينشتاين العامة ، والتي أدخلت مفهوم عالمي جديد يسمى الزمكان ، والنظرية النسبية توفر الوصف الأكثر دقة للجاذبية ، كما أن العديد من الملاحظات الجديدة تؤكد على صحة النظرية النسبية .
وبدلًا من أن يعمل ميدر على نظرية آينشتاين المقبولة نسبيًا ، فإنه يطور نظرية جديدة مبنية على وجود هذا مقياس ثابت ويقول ميدر أن لديه أكثر من عشرة أدلة على صحة نظريته .
في حالة وجود المادة المظلمة :
ويقول ديفيد سبيرجيل أستاذ الفيزياء الفلكية في جامعة برينستون : إن أي نموذج جديد يحل محل النظرية النسبية العامة سيتعين أن يتناسب مع جميع بيانات علوم الكونيات الرصدية ، وأن فرضية ميدر لا تشرح بعض الملاحظات الهامة وكذلك المادة المظلمة .
ويقول سبيرجيل : ” إن أقوى دليل على وجود المادة السوداء هي الموجات الكونية الدقيقة CMB ، وهي توهج خافت يملأ الكون بأسره ويمكن ملاحظته في كل اتجاه ، وهذه الموجات هي إشعاعات باردة وقد بقيت هذه الإشعاعات من الكون القديم بعد حدوث الانفجار العظيم بفترة وجيزة .
ويقول بات سكوت عالم الظواهر الفلكية في كلية أمبريال بلندن أنه لا يمكن تفسير التقلبات في درجة الحرارة التي تم ملاحظتها في الموجات الكونية الدقيقة لا يمكن تفسيرها بدون وجود المادة المظلمة .
ويقول سبيرجل : ” إن النماذج التي تم بناؤها على فرضية وجود المادة المظلمة تتناسب بشكل كبير مع بيانات الموجات الكونية الدقيقة ، بينما نظرية ميدر لا تناسب تلك البيانات ، وقد فشلميدر في تقديم تفسير بديل لعدد من الملاحظات الأخرى ” .