إن الضوء يساعد في ضبط الإيقاعات الطبيعية لجسمنا وعقلنا ، وعدم الحصول على كمية كافية من الضوء يمكن أن يؤثر سلبًا على صحتنا بطرق مدهشة .
فقد قال ريتشارد شوارتز أستاذ الطب النفسي في كلية الطب في هارڤارد : ” لقد تطور البشر بفضل دورة النهار والليل ، حيث تساعد في ضبط ساعتنا البيولوچية مع المخ وباقي أعضاء الجسم” ، وعندما تتعرض تلك الساعة البيولوچية التي تعرف ب”النظم اليومي” إلى الخلل يمكن أن تؤثر على صحتنا ومزاجنا ونشاطنا الإدراكي.
ما هو العلاج بالضوء ؟
هو علاج يتم فيه تعريض المريض إلى مصدر ضوء صناعي ، ويعالج ذلك في المقام الأول نوبة الاكتئاب العظمى والتي تعرف باضطراب العاطفة الموسمي ، وهو نوع من الاكتئاب يحدث في وقت معين من السنة عادةً في الشتاء .
كما يستخدم الضوء لعلاج حالات أخرى من ضمنها اضطرابات النوم وأنواع أخرى من الاكتئاب ، كما يساعد على تحسين الوظائف الحركية في مرضى الشلل الرعاش (باركينسون).
العلاج بالضوء ينفع بديلا للأدوية في بعض الأمراض النفسية وليس كلها :
وقد قال مايكل تيرمان وهو مدير مركز المعالجة الضوئية والنظم البيولوچية في جامعة كولومبيا: “في كثير من الحالات يمكن أن تصبح المعالجة الضوئية بديلًا عن الأدوية للمرضى الذين يعانون من الاكتئاب الموسمي وغير الموسمي والاكتئاب ثنائي القطب واكتئاب الحَمل ، أما في حالات أخرى فإن إضافة المعالجة الضوئية للأدوية يمكن أن يقوي فاعليتها”.
العلاج الضوئي جنبا إلى جنب مع العلاج الدوائي :
يقترح د.كارل ڤينسنت وهو عالم نفسي في مولين أن تلقِّي المعالجة الضوئية يجب أن يكون مقترنًا بعلاجات أخرى مثل العلاج النفسي أو نظام دوائي ، فيقول: “تكمن فكرة العلاج النفسي في استخدامه كعلاج مكمل ، وبجانب تلقي العلاج يجب أن يحاول مرضى الاكتئاب الموسمي أن يكونوا أكثر نشاطًا ، ففي الشتاء يميل معظم الناس إلى السكون ، إلا أن ممارسة الكثير من التمرينات يمكن أن يحسّن المزاج”.
ما الهدف من المعالجة بالضوء ، وكيف تتم ؟
إن الهدف من المعالجة الضوئية ، هو تعويض نقص التعرض لضوء الشمس المرتبط بنوبة الاكتئاب العظمي الموسمية ، حيث يجلس المريض بالقرب من صندوق ضوئي ينبعث منه ضوء قوي يشبه ضوء الشمس الطبيعي ، مع وجود بعض الاختلافات ، وتسمى وحدة قياس الضوء المستخدم في المعالجة “لاكس” ويتراوح كمية الضوء الصادرة من الصندوق بين ٢٥٠٠ إلى ١٠٠٠٠ لاكس.
غالبًا ما تبدأ تلك المعالجة في فصل الخريف وتنتهي بحلول بوادر الربيع ، وتستغرق كل جلسة ١٠-١٥ دقيقة حسب استجابتك للعلاج وقوة الصندوق الضوئي ، فالشخص الذي بدأ لتوه المعالجة قد يتلقى جلسات مبدئية قصيرة ، كما أنه كلما زادت قوة الصندوق الضوئي أصبحت الجلسة أقصر .
كيف يكون العلاج بالضوء مؤثرا بهذا الشكل في العلاج ؟!
ما زال السبب وراء فاعلية المعالجة الضوئية قيد الدراسة ، وتشير إحدى النظريات إلى أن الضوء يحفز إفراز السيروتونين “هرمون السعادة” والميلاتونين في المخ ، واللذان ينظّمان النوم والمزاج ، كما أن ضوء الشمس الطبيعي يحفز إنتاح ڤيتامين د ، ويقلل ضغط الدم ولكن يوجد خطر الإصابة بسرطان الجلد بسبب فرط التعرض للأشعة فوق البنفسجية.
إلا أن بعض الخبراء يزعمون أن السبب في نجاح المعالجة الضوئية هو التأثير الوهمي للعلاج أو الإيحاء “بلاسيبو”.
الآثار الجانبية للعلاج :
هناك بعض الآثار الجانبية للمعالجة الضوئية من ضمنها الصداع وحروق الشمس والأرق والإرهاق وجفاف العين والأنف والهوس الخفيف ، وتلك الآثار عادة ما تكون طفيفة وغير خطيرة ، ومعظمها يمكن التعامل معه عن طريق تعديل مدة وشدة الجلسات .
كما أن هناك بعض الأدوية التي يمكن أن تخفف الآثار الجانبية مثل قطرة العين والأنف ، فإذا فكرت في تجربة تلك المعالجة يجب أن تستشير طبيبك أولًا ، إذا كانت تعاني من بشرة حساسة أو مشاكل في العين أو تاريخ عائلي لسرطان الجلد.
مميزات المعالجة الضوئية :
إن المعالجة الضوئية لها الكثير من الجوانب الإيجابية على رأسها أنه يمكن إجراؤها في المنزل باستخدام صناديق ضوئية مشتراه أو مستأجرة ، كما أنها غير جراحية وآمنة وملائمة وسهلة الإجراء وأعراضها الجانبية قليلة وخفيفة.