لقد يسر الله تعالى لقطر الحبيبة رجلاً من رجالها أولع بهذا العلم منذ شبابه هو سيدي الوالد فضيلة الشيخ عبد الله بن إبراهيم الأنصاري، فتلقاه عن والده الشيخ إبراهيم الأنصاري الذي برع في الفلك، وأتقنه – رحمهما الله تعالى – ثم سافر في طلب العلم فكان مما درس علم الفلك في كل من الأحساء، والبحرين، ثم مكة المكرمة، ثم عاد إلى وطنه الحبيب قطر فعمل جاهداً على أن يكون لبلاده تقويمها الخاص بها، والذي يلبي كل حاجاتها، وقد اشتعلت هذه الرغبة في قلبه في الوقت الذي لم تكن الطباعة معروفة فما وهن لذلك، وما أرجأ تنفيذ تلك الرغبة الصادقة.
وإنما سخر لها إمكاناته الخاصة في صبر وجلد فقد كان الشيخ عبد الله – رحمه الله – يقوم بخط هذا التقويم بيده، وينسخ منه عدة نسخ يوزعها على أهل الفضل والعلم، ويودع نسخة منها في المسجد الجامع الكبير (جامع الشيوخ)، وكان من يحصل على نسخة من هذا التقويم يقوم بنسخها عدة مرات ليتم توزيعها مرة أخرى على أكبر عدد من الناس لتعم الفائدة، ويشمل النفع أكبر عدد من جموع المسلمين.
التقويم القطري واهميته
وإذا صدقت النية لدى مؤمن يسر الله له أموره، وهيأ له أسباب الخير من حيث لا يحتسب، فقد أشرقت شمس الطباعة على بلادنا وصدر أول تقويم قطري مطبوع عام 1377 هـ، وأيد الله تعالى قطر الخير بساسة كرام فطروا على الخير، وعملوا على نشره ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، فطبع التقويم منذ بدء طباعته على نفقة المرحوم الشيخ على بن عبد الله آل ثاني، فكانت سنة حميدة جرى عليها حكام قطر الأوفياء – غفر الله لمن مضى منهم وبارك في أميرنا المفدى – فهم يولون التقويم خير عنايتهم، وكريم اهتمامهم.
أما عن شكل أول تقويم مطبوع فقد كان تقويماً دفترياً، يفتتح بمقدمة، ثم يقدم لكل شهر بمقتطفات من القرآن الكريم، والحديث الشريف، وبعض الحكم شعراً أو نثراً، أما الصفحة الثانية فقد كتب في أعلاها أهم أنباء الشهر، وتركت لحامل التقويم يكتب فيها ما يشاء، ثم يجئ دور حساب الشهر فيبدأ من الصفحة الثالثة وهو عبارة عن جدول به ستة أنهار الأول لعدد الأيام حسب تسلسلها الرقمي، والثاني لتسمية أيام الأسبوع، والثالث للأبراج، والرابع لنجم سهيل، والخامس للشهر الميلادي، والسادس للطالع، يضاف إلى ذلك مواقيت الصلاة ( الفجر – والظهر – والعصر) فقط حسب التوقيت الغروبي للشمس بالساعة العربية على اعتبار أن وقت صلاة المغرب ثابت على الساعة الثانية عشرة تعقبها العشاء بعد ساعة ونصف، وتضم الصفحة خمسة عشر يوماً، ثم تبدأ الصفحة التالية من اليوم السادس عشر، وقد سجل على كل صفحة فكرة موجزة عما يوافق أيامها من الطوالع، ثم أضيف التقويم الزوالي عام 1380 هـ.