صلاة الاستخارة كيف تصلى وكيف تعرف نتائجها، هذا ما سوف نعرفه خلال مقالنا، فالاستخارة هي طلب العبد من ربه –عز وجل- أن يختار له، وحكمها سنة مؤكدة، وقد شرعت صلاة الاستخارة لكي يُسّلم المسلم أمره لله، ويلجأ إليه سبحانه وتعالى لكي يجمع بين خيري الدنيا والآخرة، وسببها أن المسلم يكون لده حيرة في بعض أموره الدنيوية لا يعلم الصواب فيها، فيستخير الله – عز وجل- أن ييسر له ما يصلح في هذا الأمر، وقد يكون الأمر سفر أو زواج أو عمل، ولذا سنعرف معًا عن صلاة الاستخارة كيف تصلى وكيف تعرف نتائجها.
صلاة الاستخارة كيف تصلى وكيف تعرف نتائجها
لصلاة الاستخارة حالات وطرق ذكرها علماء الفقه وهي كما يلي:
الطريقة الأولى
وهي الأفضل عند جمهور الفقهاء، وتكون من خلال صلاة ركعتين بنية الاستخارة يقوم المستخير في الركعة الأولى بقراءة الفاتحة وسورة الكافرون، ثم يقوم في الركعة الثانية بقراءة الفاتحة وسورة الإخلاص، ومن ثم بعد صلاته يدعو بدعاء الاستخارة، فيبدأ دعائه بحمد لله والصلاة والسلام على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ثم يقول:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِك الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأْمْرَ -ويذكر حاجته التي يصلي الاستخارة من أجلها- خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأْمْرَ– ويذكر حاجته التي يصلي الاستخارة من أجلها- شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ.
الطريقة الثانية
أن يدعوا المسلم بدعاء الاستخارة بعد أي صلاة.
الطريقة الثالثة
أن يدعوا المسلم بدعاء صلاة الاستخارة فقط دون صلاة، وهذا إذا تعذر عليه أ يؤدي صلاة الاستخارة والدعاء معًا.
بالنسبة لنتيجة الاستخارة فإنه ينبغي على المستخير ألا يتعجل النتيجة، ولا يشترط أن يرى أي رؤيا سواء كانت تدل على الخير أو تدل على الشر في أمره الذي يستخير من أجله، فقد يظهر من خلال الشعور بالسرور والاطمئنان في القلب، أو تيسير الحال في الأمر، ومن الأفضل تكرارها إلى أن يحدث اطمئنان في قلب المستخير.
ومن الواجب على المستخير أن يفوض أمره لله –عز وجل-، فإن كان له خيرًا في هذا الأمر، فسييسر الله سبحانه وتعالى له هذا الأمر، وإن كان شرًا فسيصرفه عنه الله تعالى، وعليه أن يكون راضيًا بما اختاره الله تعالى ، فلا يوجد بعد استخارة الله تعالى أي ندم.
ما هي علامات الاستخارة ونتائجها؟
يستطيع المسلم أن يعرف نتيجة الاستخارة إما من خلال بعض العلامات التي تدل على القبول، أو العلامات التي تدل على عدم القبول، بالنسبة لعلامات القبول، فقد اتفق علماء الفقه على أنها تؤدي إلى:
- حدوث انشراح بالصدر، حيث يميل قبل المستخير لأحد الأمرين، ولا يكون هذا الميل نابعًا عن هوى بالنفس للأمر.
بينما تؤدي كل علامات عدم القبول إلى:
- انصراف النفس عن هذا الأمر، فلا يصبح القلب معلقًا به.
وقد ذكر الحنفية والمالكية والشافعية أنه من الأفضل تكرار الاستخارة بالصلاة وبالدعاء، وهذا إذا لم يظهر له أي شيء، أما إذا حدث وأن انشرح صدره فلا يوجد داعي لتكرارها.
شروط صلاة الاستخارة
- أن يستخير المسلم في أمور لا يعرف خيرها من شرها، فلا تصح الاستخارة في العبادات والواجبات على سبيل المثال، أو المحرمات أو المنهيات، إلا إن كانت الاستخارة يقصد منها بيان خصوص الوقت، كأن يستخير المسلم الحج في هذا العام، أم في العام التالي.
- أن تكون الاستخارة في الأمور المباحة أو المندوبة، وهذا إذا تعارض أكثر من أمر مندوب.
- لصلاة الاستخارة شروط كصلوات الفريضة مثل أن يستر المسلم عورته، ويستقبل قبلته، والطهارة، وأي شروط عامة للصلاة، أما بالنسبة للحائض أو النفساء، فلا تصح صلاتهن، لكن يمكنهن أن يتوجهن لله سبحانه وتعالى بدعاء الاستخارة فقط.
أهمية صلاة الاستخارة
- في صلاة الاستخارة نفي من أي تعلق للقلب بأي شيء غير الله سبحانه وتعالى، واللجوء لغيره، والتوكل على الله عز وجل، والتفويض بالأمر إليه، مما يعمل على تعزيز توحيد الله والإيمان به في القلب.
- تقوية علاقة المسلم بربه، فكلما لجأ المسلم للاستخارة في أمور تحدث في حياته، كلما اطمئن ووفِق في اختياراته، وبالتالي تزداد ثقته بالله عز وجل.
- تقضي على الشعوذة والأمور السيئة التي قد يرتكبها المسلم إذا لجأ لغير الله حينما يتحير في أمره، فنرى كثير من الجهلاء بدينهم يلجئون إلى المشعوذين الذين يدّعون معرفة الغيب، وهذا يدل على ضعف إيمانهم بربهم، فلا يعلم الغيب إلا الله.
- يأتي مع الأخذ بالأسباب التوفيق من الله لعبده خلال سعيه ، ويكتب له الفلاح في اختياره، فمن كان صادقًا مع الله في سؤاله يعطيه الله حاجته ولا يرده.
- تتحقق الطمأنينة واليقين بقلب المسلم، ويرضى بقضاء الله وقدره، وبالتالي يُردّ الحزن والهم الذي قد يحدث للمسلم نتيجة اختياره.
- تعوّد الإنسان على الصلاة، فالاستخارة ليست مجرد دعاء فحسب، ولمنها صلاة كاملة يقوم العبد بتأديتها، وكثرة تأديتها تجعله يتعود على الصلاة وتقربه من الله.
متى يحتاج المسلم لصلاة الاستخارة؟
قد يتعرض المسلم لأمور في دنياه يتحير منها، ويجد نفسه في حاجة إلى اللجوء لله -عز وجل- ، فيرفع يديه داعيًا لله مستخيرًا يرجو الصواب في طلبه، وقد قال شيخنا شيخ الإسلام بن تيمية: “ما ندم من استخار الخالق، وشاور المخلوقين، وثبت في أمره”، وقال النووي رحمه الله في باب الاستخارة والمشاورة: أن الاستخارة مع الله أم المشاورة فتكون مع أصحاب الرأي والصلاح.
ما الفرق بين الاستخارة والاستشارة؟
يقصد بالاستخارة كما قلنا سابقًا: لجوء المسلم لربه لكي يعينه في أمور تشغله في حياته، مع يقينه بأن الله سبحانه وتعالى سيلهمه الصواب والوصول للقرار السليم في طلبه.
أما الاستشارة فهي: لجوء الإنسان لشخص آخر لكي يعرف رأيه في أمر أو موضوع، وقد تكون الاستشارة طبية يلجأ الشخص وقتها لطبيب، أو قد تكون قانونية يلجأ الشخص وقتها على القضاء، أو دينية، فيلجأ الشخص وقتها إلى المشايخ وعلماء الدين، فنحن نلجأ إلى استشارة المختصين بناء على طبيعة الأمر المراد الاستشارة فيه.
الاستخارة للخطوبة أو الزواج من شخص معين
يعتبر الزواج من أفضل الصلات بين البشر، وهو وسيلة للحفاظ على الجنس البشري، ووقاية له من الوقوع في المعاصي والفتن، كما أن الزواج هو مودة ورحمة يستشعرها كلًا من الزوجين، ويشعر به كل من الزوجين بالمسئولية تجاه كل منهما الآخر وتجاه أبناءهما، ولكي يكون اختيار شريك أو شريك الزواج مبنيًا على التوافق يحتاج الكثيرين لأداء صلاة الاستخارة قبل أن يحدث الزواج.
استخارات بدعية
يجب على المسلم أن يحذر من الاستخارات البدعية التي يفعلها بعض الناس، فقد يستخير الشخص بفتح المصحف على سبيل المثال، فإذا وقع على آية عذاب امتنع، وإذا كانت آية رحمة فعل، وقد يقوم بعض من ينتمون إلى المذاهب يذهبون إلى شيخ لهم ليبيت لهم الاستخارة، وهذا خطأ فصاحب الشأن هو من يقوم بالاستخارة بنفسه، غلا إذا كان الشأن متعلق به أكثر من فرد، مثل زواج فتاة من أحد الأشخاص، فإن الفتاة تستخير، وقد يستخير والدها، وتستخير أمها.