كان عقد السبيعينيات من القرن الماضي فترة تاريخية للذهب و الفضة: لمدة عقود سابقة لهذا العقد كان الذهب مرتبطا بالدولار حتى بداية هذا العقد عندما كان سعر الذهب $35.08 كسعر ثابت مفروض بواسطة الحكومة ، و تدريجيا ازيلت القيود المفروضة على الذهب مع تخفيض الحكومة لقيمة الدولار في عام 1971 و في فبراير 1973 قامت الحكومة بتخفيض قيمة الدولار مرة أخرى و ارتفع سعر الدولار الى $42.22. خلال هذا العام لم يعد الدولار مرتبطا بسعر الذهب و تم تعويمه لينافس العملات العالمية في السوق الحر. هذا أدى الى بداية صعود قوي للذهب حتى وصل سعر الذهب في يونيو 1973 –أي بعد حوالي ثلاثة اشهر فقط- الى 120$.
في عام 1974 أصبح سوق الذهب مفتوحا بصورة حقيقية عندما سمحت الولايات المتحدة للمواطنين بحيازة الذهب و قامت دول أخرى عديدة مثل اليابان بازالة القيود على بيع و شراء الذهب. و أدى زيادة طلب السوق الى ارتفاع سعر الذهب الى 180$ مع بداية عام 1975 قبل أن يهبط بشكل مؤقت الى 100$ في أواخر 1976.
بعد ذلك بدأ سعر الذهب في الارتفاع بشكل منعرج حتى بلغ 240 $ في منتصف 1978قبل أن يهبط مرة أخرى. مؤقتا إلى $190 في اواخر عام 1978. بحلول خريف 1979 ارتفع الذهب الى 420$ و في خلال اسابيع وصل الذهب الى المستوى الشهير 870$ في منتصف يناير 1980 قبل ان ينهار بسرعة الصاروخ. وبدأ عام 1980 فترة ممتدة من الهبوط في اسعار الذهب.
الخلاصة: بدأ عقد السبعينيات و سعر أوقية الذهب 35$ و انتهى و سعر الاوقية 870$ اي ما ساوي نسبة مكسب حوالي 2386%.
للمقارنة، اذا ألقينا نظرة على أداء مؤشر داو جونز الصناعي “Dow Jones Industrial Average- DJIA”، وهو مقياس رئيسي لأداء سوق الأوراق المالية، نرى أنه بدأ مؤشر داو جونز الصناعي عند مستوى 809 (2 يناير 1970) وانتهى عند مستوى 839 (31 ديسمبر 1979). هذه زيادة 30 نقطة تشكل مكسب تافه للغاية بما يساوي 3.7% لعقد كامل.
بالمثل شهدت اسهم شركات تعدين الذهب ارتفاعا أكبر بكثير مما شهدته أسهم الشركات الأخرى لتصل الى ثلاثة و أربعة أضعاف قيمتها السابقة بنهاية السبعينيات. كان هناك نوعان من شركات تعدين الذهب: الشركات الكبرى “The majors” و الشركات الصغرى “The juniors”:
على سبيل المثال ، ارتفعت قيمة السهم بشركة هومستيك ماينينج ” Homestake Mining” و هي من الشركات الكبرى ” The majors” من تحت $5 في 1978إلى أكثر من $25 في عام 1980 أي ما يعادل 400% في عامين تقريبا.
الفضة (ذهب الفقراء): لم تختلف الفضة كثيرا في مسارها عن الذهب, و بينما كان العالم مشغولا بمراقبة ارتفاع اسعار الذهب, كان المستثمرون و المضاربون المخضرمون في الظل يراقبون الفضة التي حققت مكاسب اكبر من تلك التي حققها الذهب حيث ارتفع سعر الفضة من 2$ للأوقية في بداية السبعينيات الى 10$ في بداية عام 1979 . بعد ذلك أدت زيادة المضاربة على الفضة من قبل المستثمرين الى رفع اسعار المعدن الأبيض نحو 20$.
و كان المصدر الرئيسي وراء الارتفاع الصاروخي في اسعار الفضة هو شركة واحدة “الأخوة هانت” (Hunt Brothers):
قامت الأخوة هانت بالاشتراك مع اثنين من المستثمرين العرب الأثرياء بانشاء شركة استثمار المعادن الدولية المحدودة (International Metals Investment Company, Ltd) بغرض الاستخواذ على سوق الفضة و أدى ذلك الى الارتفاع الصاروخي في اسعار الفضة الى ما يقرب 50$ بحلول يناير 1980. أي مكسب حوالي 3733% في عقد السبعينيات فقط.
تماما كما حدث لشركات تعدين الذهب، فان أسهم شركات تعدين الفضة صعدت الى السماء بحلول عامي 1979 – 1980. على سبيل المثال شركة “ليون ماينز” (Lion Mines) كانت احدى شركات التعدين الصغيرة و كانت قيمة السهم في هذه الشركة في عام 1976 حوالي 7 سنتات و بحلول عام 1980 وصل سعر السهم 380$! لا.. هذا ليس خطأ مطبعي! معنى ذلك انك اذا كنت اشتريت اسهم من الشركة بما يساوي 184$ في بداية عام 1976 لأصبحت أسهمك قيمتها أكثر من مليون دولار بعد سنتين فقط.