يسأل العديد عادةً : لماذا لا تطبع الحكومات أموالًا أكثر للتغلب على مشكلة الفقر والدين القومي ؟
والسبب أن طباعة المزيد من الأموال لا يزيد الناتج الاقتصادي بأية طريقة بل يسبب التضخم المالي .
لنفترض أن اقتصادًا ينتج بضائع بقيمة ١٠ مليون جنيه (مليون كتاب مثلًا بقيمة ١٠ جنيهات للكتاب) عندها يكون الإمداد المالي ١٠ مليون جنيه ، وإذا ضاعفت الحكومة الإمداد المالي سيظل لدينا مليون كتاب إلا أن الناس سيملكون أموالًا أكثر فيزداد الطلب على الكتب وعندها سترفع الشركات الأسعار وسيباع الكتاب ب٢٠ جنيهًا بدلًا من ١٠ جنيهات .
إذن أصبحت قيمة الاقتصاد ٢٠ مليون جنيه في حين ظل عدد البضائع ثابتًا أي أن لديك أموالًا أكثر لكن كل شيء أصبح أغلى سعرًا
لماذا يشكل التضخم المالي مشكلة ؟
١- انخفاض قيمة المدخرات ، فإذا ادخر الناس أموالًا سيسبب التضخم نقص قيمتها ، مما يقلل الحافز لادخار الأموال .
٢- إذا كان التضخم مرتفعًا للغاية سيكون من الصعب عقد الصفقات فالأسعار في تغير مستمر ، وستضطر الشركات لإنفاق المزيد من الأموال على تغيير قوائم الأسعار ، وإذا لم تشترِ المنتج في الحال سيصبح باهظًا للغاية مما يسبب زعزعة الاقتصاد .
٣- الريبة والحيرة ، حيث تسبب فترات التضخم المرتفع نفور الشركات من الاستثمار مما قد يؤدي إلى انخفاض النمو الاقتصادي.
طباعة الأموال والدين الوطني :
تستعير الحكومات من خلال بيع السندات الحكومية – وهي شكل من أشكال المدخرات – إلى القطاع الخاص الذي يشتريها باعتبارها استثمار آمن ، أما إذا طبعت الحكومة المزيد من الأموال لسد الدين الوطني سيرتفع التضخم الذي سيؤدي إلى تقليل قيمة السندات ، وعندها لن يرغب الناس في امتلاك السندات وستجد الحكومة صعوبة في بيعها لسد الدين الوطني .
كما سيفقد المستثمرون الثقة في الحكومة وسيكون من الصعب على الحكومة استعارة أي شيء على الإطلاق ، وبذلك يسبب طباعة الأموال مشاكل أكثر مما يحلّ .
التضخم المالي في ألمانيا خلال الثلاثينات :
كان التضخم سيئًا للغاية لدرجة أن أصبحت النقود بلا قيمة فكان يتم استخدامها لصناعة ورق الجدران والطائرات الورقية ، وكان الناس يحملونها في عربات اليد فكان السارقون يسرقون عربات اليد ويتركون الأموال .
وقد حدث ذلك نتيجة قيام جمهورية فايمار بطباعة المزيد من الأموال عام ١٩٢٢ للوفاء باستعدادات الحلفاء مما سبب تضخمًا جامحًا وأدى إلى انهيار الاقتصاد .
طباعة الأموال وقيمة العملة :
إذا طبعت دولة المزيد من الأموال وسببت تضخمًا سيكون هناك انخفاض في قيمة العملة :
فلنفترض أن التضخم في ألمانيا ١٠٠% والتضخم في بريطانيا ٠% ، مما يعني أن الأسعار في ألمانيا مضاعفة مقارنة ببريطانيا أي أنك ستحتاج إلى ضِعف العملة الألمانية لتشتري نفس كمية البضائع التي تشتريها العملة البريطانية ، لذا ستنخفض القدرة الشرائية للعملة الألمانية ، وعندها سيشتري المستثمرون عملة أجنبية ثابتة لأنها تحتفظ بقيمتها بشكل أفضل .
يمكن ألا يسبب طباعة الأموال تضخمًا :
خلال الكساد الاقتصادي في فترات الانكماش يمكن زيادة الإمداد المالي دون أن يسبب ذلك تضخمًا ، وذلك لأن الإمداد المالي لا يعتمد على القاعدة المالية فقط بل يعتمد أيضًا على سرعة التداول .
فمثلًا إذا كان هناك نقص حاد في العمليات التجارية (سرعة التداول) سيكون من الضروري طباعة المزيد من الأموال لتجنب حدوث الانكماش الاقتصادي .