هل الجنين في بطن امه عليه زكاة فطر، ديننا الإسلامي هو دين التسامح والتكافل فقد سطر بمعاملاته كافة أنواع مظاهر التكافل الإنساني، ولمن يريد الفلاح في الدنيا والآخرة فعليه بالزكاة والتي هي ركن من أركان الإسلام قال تعالى:” قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى”، زكاة الفطر ما فرضت إلا لحكمة يريدها الله عز وجل فهي جبر للخلل الذي يقع من المسلم في شهر رمضان المبارك فتجبر الصيام وتطهير لنفس الصائم، كما أنها سبب من أسباب إدخال السرور في يوم العيد على المسلمين حتى لا يبقى أي مسلم في احتياج القوت والطعام من يومه، زكاة الفطر واجبة على كل المسلمين إلا من لم يجد زيادة عن قوته فليس عليه شيء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” زكاة الفطر قال فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَات”.
الحكمة من زكاة الفطر
زكاة الفطر تكفير وتطهير وجبر لأي خلل قد أصاب الصيام أو انقص من أجر الصائم فقد فرضها الله عز وجل لحكمة، فهي الجابر لهذا الخلل وتسد ما نقص من الأجر شرعها وفرضها على كل المسلمين مبتغياً بذلك الأجر لكافة المسلمين الذين قد يقع منهم اللغو والزلل في اللسان أو الأقوال أو الأعمال وهو الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم:” زكاةُ الفطرِ طُهْرَةٌ للصائِمِ مِنَ اللغوِ والرفَثِ، و طُعْمَةٌ للمساكينِ”، ولكن ما حكم زكاة الفطر وما هو مقدارها.
مشروعية زكاة الفطر
مشروعية زكاة الفطر أنها فرض باجماع الفقهاء ولكن حدث الاختلاف في القولين كما يلي:
- قول جمهور العلماء من الحنابلة والشافعية والحنفية إذ نادوا بوجوب زكاة الفطر على المسلمين ودليلهم ما روي عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما:” أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الفِطْرِ مِن رَمَضَانَ علَى النَّاسِ، صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، علَى كُلِّ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى، مِنَ المُسْلِمِينَ”.
- القول الثاني كان للمالكية حيث نادوا بأنها سنة من بعد ما تم نسخها بوجوب زكاة الأموال، وقد استدلوا في قولهم مما رُوي عن قيس بن سعد رضي الله عنه قال:” كنَّا نصومُ عاشوراءَ، ونؤدِّي زَكاةَ الفطرِ، فلمَّا نزلَ رمَضانُ، ونزلتِ الزَّكاةُ، لم نُؤمَر بِهِ ولم نُنهَ عنهُ، وَكُنَّا نفعلُهُ”، والمقصود الشرعي من ذلك أنها واجبة في السنة كما ثبت عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في بعض الاحاديث.
شروط وجوب زكاة الفطر
تجب زكاة الفطر على المسلمين وفقاً للشروط التي حددها الشرع الحكيم، والشروط كما يلي:
- الاسلام: وهو أن الزكاة واجبة على كل مسلم رجل أو أنثى صغيراً كان أو كبيراً، حراً أو عبداً ودليل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم:” أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الفِطْرِ مِن رَمَضَانَ علَى كُلِّ نَفْسٍ مِنَ المُسْلِمِينَ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ، أَوْ رَجُلٍ، أَوِ امْرَأَةٍ، صَغِيرٍ، أَوْ كَبِيرٍ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ”.
- القدرة المالية: وهو أن يكون المسلم قادراً على تأديتها بشرط أن يجد ما يزيد عن قوته اليومي وفي ذلك فتوى خاصة إن كان فقيراً.
- دخول الوقت: وهناك وقت محدد لدفع زكاة الفطر حيث تجب على المسلم حتى غروب شمس آخر يوم من أيام شهر رمضان المبارك فهي فرض.
- النية: لا يتم أي عمل في الإسلام إلا بالنية حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:” إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امريء ما نوى”، فهي شرط لا تتم بدون وجودها كافة العبادات ولا تصح بدونها.
هل الجنين في بطن امه عليه زكاة فطر
ذهب الجمهور من العلماء أن من شروط وجوب الزكاة أن يُخرج المسلم الزكاة عنه وعن أهل بيته ممن يكون فيهم حياً حياة حقيقة ومن هذا فإن الجنين لا تجب عليه الزكاة وهذا لعدم تحقق حياته فإن تحققت وولد قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان فتكون زكاة الفطر عنه واجبة عند الجمهور، وقول الحنفية إن ولد قبل طلوع فجر يوم العيد وجبت اخراج الزكاة عنه، وقول الجمهور أنه لو غربت شمس آخر يوم من رمضان وهو في بطن أمه فلا تجب عليه الزكاة وهو القول الراجح من بين العلماء، وهذا مذهب الحنفية والحنابلة والشافعية واحد قولي المالكية، ولا عبرة من قول الظاهرية وغيرهم بوجوب زكاة الفطر على الجنين في بطن أمه إن بقي في بطنها حتى طلوع الفجر من يوم العيد وذلك لمخالفتهم اجماع الأئمة، وعلى ذلك لا تكون زكاة على الجنين في بطن أمه ولكن لمن أخرجها الأجر والثواب، روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه كان يُعطي الصدقة عن الصغير والكبير حتى عن الحمل في بطن أمه ومن لم يفعل فلا شيء عليه.
مقدار زكاة الفطر
مقدار زكاة الفطر قد حددها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث له روي عن ابن عمر رضي الله عنهما:” أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الفِطْرِ مِن رَمَضَانَ علَى النَّاسِ، صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، علَى كُلِّ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى، مِنَ المُسْلِمِينَ”، ونقداً يختلف مقدار زكاة الفطر وهذا لأنها تختلف من مكان لآخر ومن زمان لزمان ويتم احتسابها بحسب ما نص عليه الفقهاء، وفي إخراج الزكاة نقداً قولين كالتالي:
- المالكية والحنابلة والشافعية نادوا بعدم جواز اخراجها نقداً إذ لم يرد أي نص على جواز ذلك والقيمة لا تكون إلى في حالة التراضي بين الأطراق ومن المعروف أن زكاة الفطر ليس لها مالك محدد.
- قول الحنفية فقد نادوا بإخراجها نقداً وبدفع قيمتها تسهيلاً على الفقراء حيث إن بالنقد يستطيع الفقراء الإستفادة منها بحسب حاجاتهم وهذا إن كانت الحبوب والأقوات نادرة وإن كانت متوفرة فعليهم أدائها عيناً لا نقداً.