منذ خمسين عاما ، أعلن الجراح كريستيان برنارد من جنوب أفريقيا أنه قد نجح في أول عمليه زراعة قلب بشري في الساعات الأولى من يوم الثالث من ديسمبر عام ١٩٦٧.
وقد أجريت تلك العملية الريادية التي تقارن في أهميتها بهبوط الإنسان على سطح القمر في مستشفى “جروت شور” في كيب تاون ، حيث أخد د/ برنارد قلب دينيس دارفيل ذات الخمسة وعشرين عامًا على إثر توقف مخها عن العمل في اصطدام سيارة وتم زرعه في جسم لويس واشكنسكي ذي الثلاثة وخمسين عامًا.
وبعد مرور خمسين عامًا هل تطور الطب ، وما مستقبل هذه العملية؟
في ديسمبر عام ٢٠١٣ وصلت قائمة الانتظار لزرع الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى ٦٣ ألف مريض من ضمنهم٣٤٥٠ مريض في انتظار قلب جديد.
وتمثل تلك الإحصائيات قمة ما وصلت إليه قوائم الانتظار ، كما تعكس واقعًا مبهرًا ، كما تعكس تطور تلك التقنية ، وأعرب أعضاء الاتحاد الأوروبي عن رغبتهم في تبني عملية ” الانضمام الاختياري ” والتي يختار فيها المواطنون أن ينضموا لقائمة المتبرعين.
ففي بريطانيا على سبيل المثال يتواجد حاليًا نظام “الانضمام” ، حيث تضاعفت قائمة الانتظار لزراعة القلب ثلاثة مرات خلال العِقد الأخير وفقًا للمؤسسة البريطانية للتبرع بالقلب.
تطور أدوية رفض القلب الجديد :
رغم أن واشكنسكي أُعطِي أدوية قوية مضادة للرفض ، لتكبت جهازه المناعي وتمنع جسمه من رفض القلب الجديد ، فعاش لمدة ١٨ يومًا بقلب كفء حتى مات من الالتهاب الرئوي ، ومنذ ذلك الوقت تطورت الأدوية المضادة للرفض مما جعل عملية الزرع أكثر كفاءة ، وما زال خطر الرفض موجودًا ولكن يعتقد مجدي يعقوب – أستاذ جراحة القلب في المستشفى الإمبراطوري في لندن- أن هناك تطورات كثيرة في الأفق ستمنع عملية الرفض.
عمليات زراعة القلب مازالت محدودة :
إن إجراء هذه العملية ما زال على نطاق محدود في بقع كثيرة من العالم ، وقد حث البروفيسور بزويدينهاوت من قسم الأبحاث القلبية الوعائية في جامعة كيب تاون على ضرورة إيجاد حلول لملايين المرضى الذين لا يستطيعون إجراء جراحة القلب نظرًا للمشاكل المالية أو عدم إتاحتها في بلدهم .
كما يعتقد بضرورة توفير التعاون والمساهمة المالية من جانب الحكومات وواضعي السياسات والمنظمات غير الحكومية ورجال الأعمال والعاملين في مجال الصحة نفسهم ، من أجل توفير الرعاية القلبية الوعائية في المناطق التي تحتاجها.
كما أضاف هيذر كومبيس: “من غير المقبول أنه يوجد في الولايات المتحدة مركز قلبي لكل ١٢٠ ألف شخص ، في حين أنه في موزمبيق على سبيل المثال لا يوجد إلا مركزان للقلب لخدمة حوالي ٢٧ مليون شخص ، ويقعان على بعد كيلومترين”.
الخلايا الجذعية والقلب الصناعي ومستقبل عمليات زراعة القلب :
يعتقد بعض الخبراء من ضمنهم جراح القلب المشهور عالميًا ستيفين ويستابي أن زراعة قلب بشري قد تندثر قريبًا ، فبعد أن تقاعد ويستابي من مستشفى جون رادكليف في أكسفورد قام بتطوير مضخات قلبية صناعية خلال عِقد من الزمان ، ويعتقد أنها إذا ما صوحبت بحقن الخلايا الجذعية لإعادة إحياء عقلة القلب المتضررة قد توفر تلك الوسيلة بديلًا لزراعة القلب ولكن بمخاطر أقل.
وقد أُجريت تلك العملية على مريض في مراحله الأخيرة من المرض ويبلغ من العمر ٥٢ عامًا من شمال اليونان ، والذي ظل حيًا لمدة ٦ سنوات بعد العملية.
وقد قال ويستابي: ” إن زراعة القلب رائعة ، ولكن تمثل مضخة القلب الصناعية بجانب الخلايا الجذعية طريقًا للأمام ، وأنا واثق أنه في خلال بضع سنوات سنرى تطبيقها على مرضى أكثر من زراعة القلب “.
القلب الصناعي لا يغني عن القلب البشري :
ولكن على الجانب الآخر لا يتفق معه بعض أقرانه زاعمين بأن القلب الحي هو الأفضل ، فقد قال مجدي يعقوب: ” إن القلوب الصناعية بالكامل لن تغني عن زراعة القلب البشري أبدًا ” ، ولكنه اعترف رغم ذلك بمخاطر زراعة القلب البشري قائلًا : “تتضمن التحديات نقصًا في المتبرعين أو عدم كفاءة الأعضاء بالإضافة إلى المضاعفات الخاصة بالأدوية الكابتة للمناعة مثل التعرض للعدوى أو السرطان أو فشل كلوي مزمن ، ولكن الشيء الجيد أن كل تلك المخاطر يمكن التغلب عليها “.