أحدث الإنترنت حالة انفراج للسعوديات، ويعد منفذا للأقلام النسائية لتقديم نفسها في مساحات مختلفة وخلف رموز ومسميات تبعدها عن دائرة النقد الموجه والحواجز التي تعترض إبداعها، واستعرضت ندوة الأبداع النسائي على الإنترنت التي نظمها مؤخرا القسم النسائي في مكتبة الملك عبد العزيز في المربع أكثر من 20 موقعا نسائياً سعوديا حيث تجلت الأقلام المبدعة ما بين كتابة مقالة وتأليف قصة وتصميم موقع وإصدار ديوان شعري إلكتروني مسموع ومقروء.
وذكرت الكاتبة السعودية بدرية العبيد أن العوامل المؤثرة وراء انتشار الكتابة النسائية على الإنترنت إلى حد الإبداع جراء ارتفاع سقف الحريات على الإنترنت بعيدا عن القيود التي تفرضها المطبوعات حيث تتجاوز مراحل التنقيح والحذف والمصادرة، موضحة أن مجتمع الإنترنت يقدم للكاتبة حرية من نوع آخر على حد قولها تسمح لها بإخراج كتابتها من حيث المحتوى والشكل والتنسيق بعيدا عن ضيق المساحة وحدود الصفحات وذلك خلال ثوان معدودة و إن حرية المبدع هي السبيل الأساسي في ضخ الأقلام النسائية المبدعة على الإنترنت.
وتكشف العبيد أسباب لجوء المبدعة السعودية للكتابة على الإنترنت التي أصبحت ظاهرة صحية جراء ضخامة المتلقين واختلاف الرؤى والاتجاهات الفكرية وكذلك سهولة النشر وحرية كتابة الاسم أو استخدام الاسم المستعار الذي لجأت له الكثيرات مما ساهم برفع سمات الإطناب والمدح من الردود والتي دفعن بالتالي إلى ارتقاء الكاتبة بأسلوبها وأفكارها.
وتتسم الكاتبات على الإنترنت وفقا للكاتبة سارة الخضير أنهن يوجهن الحديث للشباب حيث إنهم أكثر فئة تقبل على الإنترنت وتصفحه والكتابة فيه والجرأة في الطرح والمواضيع والثقة واللغة العميقة والمميزة بعيدا عن التقليدية والرتابة والتفاوت في التعبير والابتكارية رغم ظهور بعض الأخطاء النحوية والإملائية، إضافة إلى ذلك تتميز الكاتبات في الإنترنت بالتآلف وعدوى الإبداع والتميز إضافة إلى الاستقلالية.
وتناول المحور الثالث للندوة البحث في الحقوق الأدبية والملكية الفكرية لكاتبة الإنترنت في ضوء كثرة السرقات الأدبية واختلاف القوانين العامة، وعللت العبيد أسباب ذلك انه لا توجد قوانين تحمي المبدعة على الإنترنت وخاصة إذا كانت السرقات دولية في حين أن حقوق كتاب الإنترنت الدوليين وبحسب أنظمة التجارة العالمية التي تعولمت لضمان الحقوق الاقتصادية والأدبية بهدف دفع التعدي على الكاتب ودفع الضرر المادي والمعنوي عنه، حيث طالبا المكتبة الوطنية بفهرست وتسجيل الحقوق الأدبية لكل منتدى من خلال موقع متخصص بالفهرس يمكن المتصفح من معرفة أصحاب هذه الإبداعات منعا لسرقات، وتشكيل حكومة إلكترونية تمكن المبدعة من التواصل مع وزارة الإعلام ودور النشر من منزلها، واستعرضت الندوة الكثير من الطرق المتبعة للحد من السرقات والتقليل منها كمنع خاصية النسخ والتصفح دون اتصال ومنع حفظ صفحات الويب.
وطرحت الكاتبة بدرية العبيد في حديثها مقترحات لمستقبل كاتبات الإنترنت السعوديات وذلك في محور الندوة الرابع ”ماذا بعد”، قائلة إن مطحنة الإنترنت تفرز أسماء جادة ومتميزة من خلال المشهد الثقافي ويجب ألا تبقى المبدعة السعودية حبيسة الشبكة وتغذي المطبوعات بنتاجها المميز ليكون في متناول أكبر عدد من القراء، مؤكدة ضرورة زيادة الوعي بثقافة الإنترنت الإيجابية والتخلص من النظرة السلبية للإنترنت وإصدار قوانين تحمي هذه الإبداعات من السرقات وتقلل من أعداد المنتديات وحجمها التي شكلت تخمة ثقافية، وتوجيه المنتديات إلى أن تكون مواقع حوارية فكرية هادفة مسؤولة عما ينشر من خلالها.
وفي ذات السياق كشف عدد من الكاتبات تحت أسماء مستعارة خلال الندوة النقاب عن هوياتهن الحقيقية وأسمائهن، مستعرضات تجاربهن عن الإنترنت التي أنجزن من خلالها الكثير من الأهداف، حيث تقول حنان الوكيل (مساعدة في إحدى مدارس المرحلة الابتدائية في تبوك ) أن الإنترنت فتح لها الكثير من الآفاق، وقد استطاعت من خلال موقها الذي صممته على الشبكة ليكون نافذة لأصحاب الاحتياجات الشخصية التي تعاني نفس معاناتهم، موضحة أنها تمكنت من الاتصال عبر الإنترنت بأحد المسؤولين في شؤون الحرمين الشريفين وشرحت له معاناة المعوق في أداء صلاة الجمعة.
وخاصة الأصم ليصدر بعدها قرار فوري لتحديد مكان للمعوقين في المسجد الحرام وتوفير مترجم لخطبة الجمعة لذوي الفئات الخاصة من الصم.
أما مرام الموسى التي بدأت الكتابة على الإنترنت من خلال اسم مستعار فترى أن الإنترنت قدم لها الكثير من خلال تقويم أسلوبها كتابتها بعد أن أصبحت تتلقى الردود مباشرة من القراء ودون أي مجاملات، وهذا ما تتفق معها فيه أريج السليمان التي ترى أن الإنترنت يتميز عن غيره في سرعة النشر وعدم تغير أو حذف النص وعدم ارتباطه بزمان أو مكان ما يسهل الكتابة على المرأة.