من أصعب المهام التي يمكن أن تواجه الأبوين في تربية الصغار، محاولة تحسين سلوكيات الطفل الذي بدأ يمشي ويتفاعل مع الآخرين في البيت وخارجه، في هذه السن نرى أشياء كالصراخ والانفعال العصبي والتعدي على الآخرين وغيرها..
كيف نشجع الصغير على الإنصات لما يقال له والتعاون مع أبويه والباقين على أن تسير الحياة بسهولة وسلاسة؟ وماذا عن السلوكيات السيئة عند الصغار في هذه السن بشكل خاص وعند الأطفال بشكل عام؟
تعالي معنا أيها الأم وأيها الأب لنتعرف على تلك السلوكيات وكيفية مواجهتها..
بداية، اعلمي أن الحياة يمكن أن تكون محبطة للصغار الذين بدأوا المشي والتحرك، جيئة وذهابا للتو، فعلى الرغم من شغفهم لإظهار استقلاليتهم، إلا أن هؤلاء ربما لا يستطيعون التحرك بالسرعة التي يودونها أو التواصل بفاعلية مع الغير وإبلاغه باحتياجاتهم. هذا الخليط يمكن أن يؤدي بسهولة إلى نوبات غضب وصراخ والتصرف بشكل خاطئ سلوكيا، لكن بمقدور الأم والأب أن يعلما الصغير كيف يتصرف بشكل جيد بتوفير الحب والاهتمام والمدح والتشجيع له علاوة على درجة من الروتين.
كيف اعدل سلوكيات طفلي؟
لكي يحسن الأبوان سلوكيات الطفل عليهما دراسة النصائح العملية التالية:
إظهار الحب والحنان
الاهتمام الإيجابي بالصغير يأتي على رأس قائمة النصائح الأبوية لينصلح حال الصغار في هذه السن والأطفال بشكل عام، احرصا أيها الأبوان على أن تظهرا للصغير كل الحب والحنان والاهتمام وبشكل يفوق كثيرا أي تبعات أو عقوبات يمكن أن تنتج عن سلوكه غير المرغوب فيه، الأحضان والقبلات والكلام الحلو خير السبل لإظهار ذلك، كثرة المدح والاهتمام بالصغير يمكن أن تدفعه لاتباع القواعد والمعايير الموضوعة لحسن السير والسلوك في البيت.
كيف اعرف ان طفلي يحتاج تعديل سلوك؟
قبول الصغير كما هو
في فترة نمو الطفل تصدر عنه سمات شخصية بعينها.. بعضها متعلم والبعض الآخر وراثي، احترما شخصية النمو الخاصة بالطفل ولا تنتظرا منه أن يكون مثلكما.
من المحتمل أن نلاحظ بعض سمات الطبع الخاصة بالطفل، هنا علينا ألا نصفه قولا بها أبدا لئلا يشجعه هذا الوصف غير المستحب على اللجوء إلى السلوكيات السيئة، بدلا من ذلك قوما برعاية شخصية الطفل بالشكل الأمثل من خلال البحث عن وسائل تساعده في الشعور بالثقة بالنفس وأن يكون قويا أمام ما يواجهه.
الطفل قوي الإرادة يتمتع بالمثابرة ومن السهل التعامل معه أبويا، قوما ببناء قوة الطفل بتشجيعه على اللعب بشيء مليء بالتحدي.
تقليل الأدوار
بدلا من إثقال كاهل الطفل بالكثير من الأدوار التي تصيبه باليأس والإحباط، لتكن هناك أولويات في الأدوار الموجهة نحو «الأمان والسلامة أولا» ثم أضيفا القواعد تدريجيا لقائمة المفروضات على الطفل بمرور الوقت، ساعدا الصغير على اتباع هذه القواعد بجعل البيت محصنا ضد كل ما يمكن أن يؤثر سلبا عليه بدنيا أو نفسيا أو في ما يتعلق بسلامته وأمانه والحد ما أمكن من المغريات المؤذية.
منع نوبات العصبية والصراخ
من الطبيعي للطفل في هذه السن الصغير أن يصاب بنوبات عصبية وصراخ ربما لأتفه الأسباب، لكن يستطيع الوالدان تقليل مرات ومدة وشدة نوبات العصبية والصراخ باتباع النصائح التالية:
معرفة حدود الطفل، فالطفل ربما يسيء السلوك لأنه لا يفهم أو لا يستطيع فعل ما يطلبه الأبوان منه.
قيام الأبوين بشرح كيفية اتباع القواعد للطفل، فبدلا من أن نقول له «توقف عن الضرب» يمكن تقديم اقتراحات بشأن كيفية سير عملية اللعب بشكل أكثر سلاسة، مثل «لماذا لا تتبادلان الأدوار؟»
عدم الانفعال والاحتفاظ بالهدوء أمام الطفل
- لا تنفعلا أو تفرطا في رد الفعل عندما يقول الصغير لكما “لا” بدلا من ذلك كررا الطلب بهدوء.
- ادخلا المعركة عندما يتطلب الأمر..
- لا تقولا له “لا” وتصرا عليه إلا عندما يكون ذلك ضروريا.
- اعرضا خيارات ما أمكن..
- شجعا الطفل على الاستقلالية بجعله يختار الملابس التي سيرتديها أو حكاية قبل النوم التي يريد سماعها.
- تجنبا المواقف التي قد تشعل شرارة الإحباط أو نوبات الغضب..
لو كان الطفل يبدو دائما أنه يصدر نوبات الغضب والعصبية في مكان التسوق، لا تأخذاه معكما في ذلك الوقت واجعلاه في البيت مع المربية أو مع أخيه الكبير أو أخته الكبيرة أيضا، اعلما أن الطفل من المحتمل بشدة أن يغضب وتثور أعصابه عندما يكون متعبا أو جائعا أو مريضا أو موجودا في وضع غير مريح أو مألوف.
كيف اعدل السلوك؟
حولا الموقف إلى جانب المرح، قوما بإلهاء الطفل عما يضايقه أو ابتكرا شيئا مرحا يتعلق بالسلوك الجيد، فالطفل من المحتمل بشدة أن يفعل ما تريدانه منه لو جعلتما النشاط المطلوب منه مليئا باللهو والمرح.
الالتزام بالوقت والنظام..
- حافظي على الروتين اليومي ما أمكن بحيث يعلم الصغير ما ينتظره.
- التشجيع على التواصل الجيد..
- قومي بتذكير الطفل باستعمال الكلمات للتعبير عن مشاعره، لو كان الطفل لا ينطق بعد، ادرسي مسألة تعليمه لغة الإشارة الخاصة بالصغار.
- لو هبت على طفلك نوبة صراخ وغضب انفعالي، ابقي هادئة وحاولي إلهاءه، قومي بإهمال مظاهر الغضب الصغيرة كالبكاء، لكن لو ضرب ورفس وصرخ (الصغير) لفترة طويلة من الزمن، قومي بإخراجه من الموقف، احملي الطفل وأمهليه وقتا ليهدأ.
ماذا يحدث في جلسات تعديل السلوك؟
تطبيق العواقب بالقوة
على الرغم من الجهود الطيبة المبذولة من قبل الوالدين ليكون سلوك الصغير حسنا، فإنه في وقت من الأوقات سيحدث أن يكسر الطفل أو يخالف القواعد الموضوعة أو المفروضة عليه وعلى غيره، على الأبوين التفكير في النصائح والنقاط التالية لتشجيعه على التعاون:
العواقب الطبيعية:
اجعلا الصغير يرى تبعات أفعاله طالما كان الخطر بعيدا عنه، مثلا لو ألقى الطفل لعبته وكسرها لن تكون لديه لعبة أو ألعاب أخرى يلهو بها مجددا.
العواقب المنطقية:
قوما بتوضيح تبعة أو تبعات أفعال الطفل له، أخبراه أنه إن لم يلتقط لعبته أو ألعابه فسيتم حرمانه منها لفترة معينة، ساعدا الطفل على القيام بالمهمة إذا لزم الأمر، لو لم يتعاون الصغير عليكما بالتبعات المفروضة.
منع الميزات: لو لم يتصرف الطفل كما هو مطلوب منه ليكن ردك بأن تمنعي عنه ميزة أو شيئا ذا قيمة كبيرة بالنسبة له كلعبة يحبها بشدة أو شيء يرتبط بسوء سلوكه، لكن لا تمنعي عنه شيئا ضروريا كالطعام مثلا.
وقت العقاب المستقطع: لو أساء الصغير التصرف أعطه تحذيرا، ولو استمر السلوك السيئ، أرشدي طفلك إلى الذهاب لإلى “مكان عقاب” بوقت مستقطع محدد؛ كمكان هادئ بلا أي نوع أو مصدر من الإلهاء. بقعة الوقت المستقطع هنا تعتبر نوعا من العقاب؛ كأنك تضعينه في السجن لوقت ما، اجعلي وقت العقاب أطول كلما زاد عمر الطفل، ولو قاوم الطفل أمسكيه برفق وثبات واجعليه يذهب لمكان العقاب مجبرا، احرصي على أن يدرك الطفل لماذا وضع في موضع العقاب هذا لئلا يكرر ما صدر منه، بعد ذلك، أرشدي الصغير إلى نشاط إيجابي، ولو فشلت كل الجهود، خبري الطفل أنك ستقاطعينه لبعض الوقت بسبب سلوكه السيئ، احرصي على أن تشرحي له نوع السلوك الطيب الذي تنتظرينه منه في هذا الموقف.
ومهما كانت التبعات التي اخترتها كوني ثابتة عليها، احرصي على أن كل شخص كبير يرعى طفلك يراعي نفس القواعد والخطوط النظامية. هذا من شأنه تقليل الارتباك و«اللخبطة» في عقل الطفل والحاجة للرجوع إليك في مواقف مشابهة، أيضا احرصي على انتقاد سلوكيات الطفل وليس الطفل نفسه، فبدلا من أن تقولي له: «إنك ولد طائش ومتهور وسيئ السلوك، جربي أن تقولي له: «لا تجري في الشارع بتهور لئلا يصيبك مكروه»
لا تلجئي للعقوبات التي تؤذيه بدنيا أو شعوريا؛ ضرب وصفع الطفل والصراخ في وجهة أشياء مرفوضة تاما من جهة حسن سلوك الأبوين تجاه طفلهما. هذه الأشياء تضر أكثر مما تنفع ولها عواقب وخيمة على المدى الطويل.
كونا له القدوة الحسنة
قلنا مرارا وتكرارا على هذه الصفحات من مجلة اليقظة، أن الطفل يرى أبويه قدوة بالنسبة له فلا بد أن يراعيا صورتهما قولا وفعلا أمامه، فلو رآهما يتصرفان بشكل طيب سيقلدهما والعكس صحيح طبعا، أفضل طريقة لجعل الطفل حسن السير والسلوك أن نتصرف أمامه بشكل حسن وسلوك طيب.