خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وجعل الوظائف الجسدية والعقلية له من الوظائف الدقيقة التي تسير وفق قانون حساس، لا يقبل الخلل أو التغير، فإن طرأ من ذلك شيء على الإنسان لم تستقر الحياة لديه، وأحس بضعف في جسده، وإعياء يمنعه من الإستقرار في ممارسة حياته وأنشطته بشكل طبيعي، ومن بين الأمور التي قد تصل بصاحبها إلى هذا الأمر المخدرات، فإليكم طلابنا الأعزاء نبسط الحديث عليها.
تعريف المخدرات
يعود أصل كلمة المخدرات إلى خدر، ويعني الستر والخمول والكسل، فهي مواد تؤثر على الإنسان وتترك لديه الكثير من الأعراض التي قد تزيد أو تنقص حسب المادة المخدرة والشخص الذي تعرض لهذه المادة، ما يترك في الأغلب لدى المتعاطى لها ضعفاً وكسلاً وشعور عن الإنعزال عن الواقع، من خلال التحكم في الجهاز العصبي للجسم.
الإسلام والمخدرات
جاء الإسلام ناشراً للفضيلة قاضياً على الرذيلة، داعياً لمكارم الأخلاق محذراً من شؤم رذائلها، كما أنه أتى ليحافض على الكليات الخمس أو المقاصد الخمس أو الضروريات الخمس كما يتعارف عليها فقهاء الإسلام، وهي حفظ الدين ثم حفظ النفس ثم حفظ العقل، ثم حفظ العرض، ثم حفظ المال، فأقام حد الردة أو القتل على منتقص الدين أو الخارج منه، كما أنه جعل عقوبة قاتل النفس القتل، وضمن حفظ العقل بتحريم شرب الخمر وجعل في ذلك جلداً، وحفظ العرض بتحريم الزنا واللواط وأقام لهذه عقوبة، والمال بوضع حد للسارق وزجره.
ومن أهم الكليات الخمس حفظ العقل من خلال استعماله في جوانب الخير والحفاظ على سلامته وما يمكن أن يجعله في حالته المستقرة الطبيعة، لأنه أمانة من الله ليس للإنسان في إيجادها نصيب، كما أنه مناط التكليف، فالمجنون قد رفع الله عنه القلم حتى يعقل، وكذلك فإن الأعمال والمسائلة عليها متعلق بعقل الإنسان وسلامته لأنه بذلك يتخير الخير من الشر ويمكنه الحكم على الأِياء، فإذهاب العقل يعني سلبية صاحبها والخلود على الأمور الفاسدة، دون أن يكون شخصاً منتجاً في المجتمع، أو يكون من أصحاب التفكير الذين يفيدون غيرهم.
تحريم المخدرات من القرأن والسنة
حرمت الشريعة الإسلامية شرب المخدرات فهي تعمل على ذهاب العقل، وتترك لدى الإنسان آثاراً سلبية شديدة، قال الله ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون )
وقال الله تعالى (ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون)، وقال صلى الله عليه وسلم (كل مخمر خمر، وكل مسكر حرام) وقال أيضا (ما أسكر كثيره فقليله حرام).
فالمخدرات من الخبائث، كما أنها من المخمر الذي يذهب العقل ويتعب الإنسان، كما أنها تبدل نعمة الله على الإنسان بعكس ذلك من الجحود والكفران بها، قال الله (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار)، كما أنها تجعل الإنسان مدمناً عليها عبدا لها كشهوة وإنما أمرنا أن نتخلص من عبودية الأشياء والأشخاص لوحدانية الله.
كما أنها بداية الجرائم كلها كالزنا والقتل كما روي عن عثمان رضي الله عنه عثمان رضي الله عنه (اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث إنه كان رجل ممن خلا قبلكم تعبد فعلقته امرأة غوية فأرسلت إليه جاريتها فقالت له إنا ندعوك للشهادة فانطلق مع جاريتها فطفقت كلما دخل بابا أغلقته دونه حتى أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلام وباطية خمر فقالت إني والله ما دعوتك للشهادة ولكن دعوتك لتقع علي أو تشرب من هذه الخمرة كأسا أو تقتل هذا الغلام قال فاسقيني من هذا الخمر كأسا فسقته كأسا قال زيدوني فلم يرم حتى وقع عليها وقتل النفس فاجتنبوا الخمر فإنها والله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر إلا ليوشك أن يخرج أحدهما صاحبه).
أسباب تعاطي المخدرات وضررها
* الجهل بضرر المخدرات والظن بأن من يتعاطها يعني ذلك أنه رجلاً عظيماً، وغياب التربية السليمية والوازع الديني من مخافة الله تعالى.
* التفكك الأسري، والفقر، والهروب من الهموم، ومرافقة أصدقاء السوء، وغيرها من الأسباب.
أما أضرار المخدرات التي يمكن أن نجمل بعضها في هذا الموضوع الهام فمنها:
* الإنهاك الجسدي والترقب للمادة وتعاطيها بشكل مستمر، وذهاب العقل وضعف الذاكرة.
* ضياع المال والتبذير الشديد من خلال السعي لشراء هذه المادة بشكل مستمر.
* غياب النشاط اليومي والقدرة على مزاولة الحياة بشكل طبيعي، بسبب تدمير أجهزة الجسد
العصبي والتنفسي والدوري وغيرها من أجهزة الإنسان ويظهر ذلك من الأعراض التي تتركها المادة.
ومن خلال النبذة التي قدمناها عن المخدرات ومخاطرها، وما تقود إليه ينبغي على الإنسان قبل أن يتعاطها ثم يلهث خلف علاجها التوقي منها لأن الوقاية خير من قنطار علاج.