على مدى السنوات القليلة الماضية قامت شركة فيسبوك بعمل مجموعة من الاختبارات على المجتمع باستخدام اثنين من تطبيقات التواصل الاجتماعي المختلفة .
التطبيق الأول هو صاحب أعلى تصميم : وهو يتيح للمستخدم أن يقوم بنشر ومشاركات تحديثات حالة طويلة ،مع روابط لمجموعة من الأخبار والمقالات والصور ومقاطع الفيديو وأكثر من ذلك .
وهذا التطبيق يعمل بمثابة مكبر صوت عملاق حيث أنه يركز على مشاركة الحالات مع العامة ، وهو يعمل بخوارزمية قادرة على إرسال مشاركات المستخدمين بسرعة الصاروخ إلى جميع أنحاء العالم في ثواني .
أما التطبيق الثاني في الاختبار فهو صاحب التصميم الأقل : وهو مصمم لمشاركة اللحظات الحميمة مع الأصدقاء المقربين ، بدلا من البث واسع النطاق ، ويمكن لهذا التطبيق نشر الصور ومقاطع الفيديو ، ولكنه لا يستطيع نشر أي روابط خارجية وليس به زر إعادة مشاركة ، مما يجعل من الصعب على المستخدمين تضخيم مشاركات الحالات التي ينشرها الآخرين .
وقد كانت نتائج هذا الاختبار واضحة ، فقد تحول التطبيق الأول وهو فيسبوك إلى تطبيق عملاق ولا يمكن التحكم به ، وقد ابتلع وهيمن على صناعة الإعلام ، كما تم استغلاله من لاعبين خارجيين ، وخلق الظروف المناسبة لوباء عالمي وهذا الوباء هو نشر أخبار وهمية على مستوى عالمي ، وأصبح في النهاية يمثل صداع عملاق لمن قاموا بابتكاره .
أما التطبيق الثاني وهو انستجرام ،فقد نجح في الاختبار حيث أنه لم يتم استغلاله لنشر أخبار وهمية بنفس الدرجة التي تم بها استغلال فيسبوك ، كما أن معظم مستخدميه سعداء باستخدامه وخاصة الشباب الذين يفضلون استخدامه أكثر من فيسبوك .
وقد تعهد مارك بإنفاق عام 2018م في تنظيف فيسبوك ، وضمان أن التطبيق لن يكون مجرد متعة للمستخدمين ، ولكنه سيكون أيضًا مفيد لهم ، كما تعهد بالتعامل مع آفة الأخبار الوهمية ، ومنع أي أطراف خارجية من استخدام الفيسبوك بطريقة سيئة .
وقد كشفت إدارة فيسبوك في الأسبوع الماضي عن أحدث محاولة لكبح جماح منتجها الرئيسي “فيسبوك” في محاولة للحد من الأخبار الكاذبة ، عن طريق السماح للمستخدمين بتقييم وترتيب الأخبار من ناحية المصداقية ووضع هذا التقييم في الاعتبار عند اختيار الأخبار التي يتم عرضها في الصفحات الرئيسية للمستخدمين .
ولكن هذه التعديلات سوف تستخدم خوارزميات صغيرة ولن تكون كافية لتنقية التطبيق ، وبدلًا من ذلك يجب أن يتعلم فيسبوك بعض الدروس من تطبيق انستجرام الذي ينتمي لنفس الشركة ومن هذه الدروس :
التركيز على الصور والتقليل من أهمية النصوص :
الأمر الأكثر وضوحا أن انستجرام هو وسيلة بصرية ، حيث الصور ومقاطع الفيديو هي الحدث الرئيسي فيه ، والنص فيه يقتصر في الغالب على التسميات التوضيحية والتعليقات ،ونتيجة لذلك يشعر المستخدمين أن إينستجرام أكثر حميمة من الفيسبوك .
وقد أظهرت الأبحاث أنه في بعض الحالات يمكن للمنصات البصرية أن تكون جيدة بالنسبة لنا كمستخدمين ، ووجدت إحدى الدراسات التي نشرها باحثون في جامعة أوريجون في عام 2016م ، أن استخدام المنصات القائمة على الصور مثل انستجرام و سناب شات مرتبطا بمستويات أدنى من الشعور بالوحدة بين المستخدمين ، ومستويات أعلى من الشعور بالسعادة والرضا ، في حين أن المنصات المستندة إلى النصوص لا علاقة لها بتحسن الحالة النفسية للمستخدمين .
إعادة النظر في زر المشاركة :
إن أحد أفضل فضائل انستجرام هي فرض حدود على المشاركات ، وقدرة المنشورات على الانتشار خارج نطاق الأصدقاء على عكس تويتر وفيسبوك .
وقد كان زر المشاركة الموجود في فيسبوك وتويتر مفيد لهم حيث سمح بانتشار هذه التطبيقات بشكل جماهيري واسع ، كما سمح أيضًا لبعض المنظمات والمؤسسات الأخرى بالنمو من خلال مشاركة أعمالهم ، ولكنه في نفس الوقت سمح بوصول مجموعة كبيرة الأخبار الكاذبة لملايين المستخدمين .
حظر الروابط الخارجية :
إن أحسن قرار اتخذته إدارة انستجرام هي جعل التطبيق خالي من الروابط الخارجية في التسميات التوضيحية ، كما أن التعليقات غير قابلة للنقر ، وأغلب لمنشورات على انستجرام ليس الهدف منها إرسال المستخدم إلى روابط خارجية باستثناء بعض الإعلانات .
وقد أحبطت طبيعة انستجرام محاولات الناشرين الذين يريدون إرسال المتابعين إلى مواقعهم الإلكترونية حيث يمكن للناشرين كسب المال الإعلاني و التحكم في تجربة القارئ ، وتحويل المنصة إلى سوق للصراخ الإعلاني .
ولذلك فإن إزالة الروابط الخارجية من منشورات فيسبوك سوف يقطع الطريق على من يحاول نشر أخبار كاذبة أو يحاول استغلال المنصة من أجل أغراض حزبية .
الفاعلين السيئين لا يمكن التخلص منهم نهائيًا ، ولكن يمكن تقليل أثارهم :
بالتأكيد إن انستجرام أبعد ما يكون على المثالية ، وتبين الأبحاث أن انستجرام قد يكون موقع غير أمن ، فعلى سبيل المثال مشكلة انتشار صور عارية وخاصة للشابات ، ولكن عيوب انستجرام مازالت أقل بكثير من المشاكل الهيكلية الموجودة في فيسبوك .