إن عملية تجربة الأدوية والنتائج العلمية ليست مزحة ، فهي تنطوي على الكثير من المخاطر ، ولذلك يتم إجراء التجارب على الحيوانات أولًا مثل الفئران أو الخنازير ، كما أن التجارب يجب أن تتم في بيئة خاصة بحيث تكون تلك الحيوانات تحت السيطرة حتى لا تحدث أي مخاطر .
ولكن ماذا يحدث إذا كنت باحث وأردت إثبات فعالية النتائج والأبحاث التي توصلت إليها ولم تجد متطوع بشرى يقبل بتجربة هذه الأبحاث ؟ ، هذا هو ما حدث مع الطبيب باري جي مارشال Barry J. Marshall’s ، حيث أنه قام بإجراء أبحاث خاصة بقرحة المعدة ، وقد استنتج من خلال أبحاثه أن قرحة المعدة تنتج عن نوع من البكتيريا وليست بسبب الطعام أو البهارات كما كان شائعًا .
ولكن قام بعض الباحثين بالتشكيك في نتائج الأبحاث التي توصل إليها مارشال وأرادوا الحصول على أدلة قوية تثبت صحة هذه النتائج ، ولكن مارشال كان متأكد بنسبة 100% من صحة نتائجة وقد كان يعرف أن هذه الأبحاث سوف تساهم في إنقاذ آلاف الأرواح ، لذلك قرر أن يثبت صحة اكتشافه .
كان الطبيب مارشال يعمل بالتعاون مع الطبيب روبين وارنر حين اكتشفا نوع من البكتيريا والتي تسكن بالمعدة والاثنى عشر مسببة تقرحات والتهابات في المعدة ، وقد كان الطبيبان مقتنعان أن تلك البكتيريا لن تصمد كثيرًا ، وسوف تموت نتيجة الأحماض المعدية ، ولكنهما أرادا التأكد من ذلك .
الاكتشاف :
وقد اكتشف الطبيبان أيضًا أن الكثير من مرضى تقرحات المعدة يحملون هذا النوع من البكتريا الحلزونية ، والتي أطلق عليها فيما بعد اسم هيليكوباكتر بيلوري Helicobacter pylori أو الملوية البوابية ، وأن هذا النوع من البكتيريا يمكن القضاء عليه باستخدام المضادات الحيوية ، بدلًا من أدوية علاج التقرحات التي كانت تستخدم أنذاك لعلاج هذه الحالات .
حيوانات التجارب :
أصر الباحثون على أن القرحة تحدث نتيجة للنظام الغذائي الخاطيء والإجهاد وأن بكتريا هيليكوباكتر بيلوري تلعب دورًا في زيادة التقرحات ، ولكنها ليست المسبب الأساسي للقرحة ، ولكن الطبيب مارشال أصر على غثبات وجهة نظرة ، وقد قام بإجراء التجارب على حيوانات المعمل ولكن النتائج لم تكن واضحة ، ولذلك قرر مارشال عمل التجارب على نفسه .
إجراء التجربة على نفسه :
قام مارشال بشرب كوب يحتوي على بكتيريا مستزرعة ، وفي غضون عدة أيام أصيب مارشال بقرحة المعدة ، وقد تناول بعض المضادات الحيوية لعلاجها ، وقد شُفي تمامًا بعدها .
تقدير أعماله :
نال مارشال تقديرًا كبيرًا على عمله ، وقد نشرت أبحاثه في الدورية الطبيبة الاسترالية ، وحصل على درجة رفيق وهو أعلى وسام شرف مدني باستراليا ، كما حصل على العديد من التكريمات والجوائز الأخرى نتيجة لأبحاثه .