يُطرح أحيانًا سؤال في سياق المعلومات الدينية يقول: “من هو النبي الذي حرمت عليه جميع نساء الأرض؟”، وهو سؤال يحمل قدرًا من اللبس، لأن الأنبياء جميعهم لم يُحرَّم عليهم الزواج بالنساء، بل أُبيح لهم ما يبيح الله لعباده من الزواج، وقد تزوّج معظم الأنبياء عليهم السلام، وكان في ذلك حكمة في بناء الأسر وإقامة المجتمعات وتعليم الناس.
يُعدّ شيث عليه السلام أحد الأنبياء الذين ورد ذكرهم في روايات التاريخ الإسلامي، رغم أنه لم يُذكر اسمه صراحة في القرآن الكريم، لكن تُجمع المصادر التراثية على أنه من أبناء آدم عليه السلام، وأنه وُلِد بعد مقتل هابيل ليكون رحمة وعوضًا لوالديه.
من هو شيث عليه السلام؟
هو شيث بن آدم عليهما السلام.
- تقول كتب التاريخ إنه وُلِد لآدم وهو في سنّ 130 عامًا.
- عُرف بالحكمة والصلاح، وتلقّى من أبيه الكثير من العلم، حتى قيل إن آدم سلّمه ألواح العلم والوصايا.
- عاش بعد آدم سنين طويلة، وورث عنه الدعوة إلى التوحيد والصلاح.
- سبب انتشار رواية أنه “النبي الذي حُرِّمت عليه جميع نساء الأرض”
تُروى بين بعض الناس قصة تقول إن شيث عليه السلام كان أشد أبناء آدم صلاحًا، وأن أخاه قابيل وذريته كانوا يعيشون حياة مليئة بالفساد، لذلك يقال — في روايات شعبية غير ثابتة — إن:
نساء قوم قابيل كنّ غير ملتزمات بطاعة الله،
بينما كان شيث وقومه يعيشون حياة طاعة وعبادة،
ولحماية المجتمع المؤمن من الاختلاط بالفساد، يُقال إن الله حرّم على شيث الزواج من نساء قوم قابيل.
لكن هل هذا ثابت دينيًا؟
من المهم التأكيد على الآتي:
- لا يوجد أي نص من القرآن أو السنة الصحيحة يذكر أن شيث عليه السلام حرمت عليه جميع النساء.
- هذه الرواية تُنسب إلى قصص تاريخية وأخبار إسرائيلية تُذكر للاستئناس لا للاعتماد القطعي.
- الثابت فقط أن شيث عليه السلام عاش في زمنٍ كانت فيه البشرية تنقسم إلى فئتين: أهل طاعة وأهل معصية.
إذن، فقول “النبي الذي حُرّمت عليه جميع نساء الأرض” ليس حقيقة دينية ثابتة، بل قصة تُروى ضمن التراث الشعبي، والغرض منها تصوير شدة الفساد لدى قوم قابيل، لا أنها حكم شرعي من عند الله.
مكانة شيث عليه السلام في التاريخ
رغم قلة التفاصيل الموثوقة عنه، إلا أن العلماء يذكرون له فضائل، منها:
- أنه أول من بعثه الله نبيًا بعد آدم عليه السلام.
- أنه درّس الناس الكتابة والصناعة حسب ما تذكر المصادر التاريخية.
- أنه نشر التوحيد بين قومه، ووقف في وجه فساد أبناء قابيل.
شيث عليه السلام شخصية عظيمة في التاريخ الإنساني، ورغم قلة الأدلة الشرعية حول تفاصيل حياته، إلا أن مكانته محفوظة باعتباره من الأنبياء الذين حملوا رسالة الهداية الأولى للبشر بعد آدم عليه السلام.
أما قصة أنه “النبي الذي حُرِّمت عليه جميع نساء الأرض” فهي رواية شعبية غير مؤكدة، وليست جزءًا من العقيدة الإسلامية الثابتة، لكنها تُروى للدلالة على انقسام البشر في ذلك الزمن بين أهل صلاح وأهل فساد.
