كهف حوق.. اعجوبة الدنيا الثامنة

كهف حوق.. اعجوبة الدنيا الثامنة
جزيرة سقطرى

الكهوف التاريخية الكثيرة في سقطرى  أصبحت اليوم مثار جدل لدى العلماء والمستكشفين  من كل أنحاء العالم  والذين يحاولون بشكل مستمر  فك رموزها والتعمق في فهم  أسرارها وعجائبها و أساطيرها، ويعد  كهف «حوق» في جزيرة سقطرى  اليمنية  أعجوبة الدنيا الثامنة  لجماله الطبيعي وفنه الإنساني الرائع  وتاريخه العالمي فهو متحف مفتوح لكل زائر اليوم إلى سقطرى.

يوجد في جزيرة  سقطرى اثنان وخمسون كهفاً معظمها تقع في وسط الجزيرة، أكبرها  كهف  «جنيبا» الذي يقع وسط الجزيرة و تبلغ  مساحته أكثر من  عشرين كيلومتر، لكن الأجمل بينها كهف «حوق»  والذي  لم تعرف مساحته الإجمالية  بشكل دقيق، لكن  البعثات العلمية البلجيكية تعمقت فيه لحدود خمسة  كيلومترات  ولم يبلغوا إلى نهايته، وأشاروا إلى احتمال أرجح هو أن امتداده من الداخل ليس باتجاه واحد وإنما يمتد باتجاهات مختلفة يربط فيها   أطراف البحر العربي بالمحيط الهندي من جهات الجزيرة ويعتبرونه واحداً  من غرائب الطبيعة في العالم.

مكونات الكهف

رافقنا  الخبير اليمني في علم الكهوف محمد نجيب  في سقطرى في أثناء جولة داخل الكهف وهو يشرح مواصفات الكهف من الداخل من ناحية جيولوجية. وأخبرنا عن مكونات الكهف قائلاً:  يتكون الكهف من ترسبات كلسية وصواعق وهوابط و ترسبات زجاجية  شفافة من كربونات الكلسيوم بنسبة 80 % واختراق هذه الطبقات الصخرية يدلنا على نوعين من  التركيب الصخري،  كما أن كربونات الكلسيوم هي مكامن الغاز في العالم ومن أهم  مواد الصناعات التي توجد بالكهف مادة الأسمنت الأسود والأبيض  الذي يستخدم في البناء..» وحول تاريخ الكهف أضاف: «من خلال دراسة الكهوف والمناخ الفارق فإنه سيعود بنا إلى المناخ المطري في الجزيرة حيث كانت تتساقط  على الجزيرة كميات كبيرة من الأمطار، وهذا الحزام  المطري أصبح يصب حالياً في المحيط الهندي».

وأشــــار إلى أن دراســــة الطــبـــقات الصخــــرية مـــهــمـة والترسبات والحيثيات مهمة لدراسة الطاقة والنفط  والغاز الموجودة في هذا الكهف.

وبين هذا وذاك تمتزج التراكيب اللونية للطبيعة داخل الكهف  مع لمسات الإنسان  وهو يعبر عن ذاته  بريشة الطبيعة، ونحن نتجول داخل الكهف  لفت انتباهنا عدد من المنحوتات الكلسية والفنية  المعبرة التي تعكس مراحل من تغيرات الطبيعة ومراحل تاريخ حياة إنسان الكهف عبر قرون عدّة في سقطرى والعالم.

وتوجد بالكهف  أوانٍ فخارية كانت تستخدم للبخور الذي كان يلطف جو الكهف من الداخل،  وهذا دليل أن كهف حوق استخدم كمعبد ديني ومأوى  للناس الذين يأتون إلى سقطرى لغرض  التجارة والبحث عن الأشجار الطبية  والأشجار المقدسة المذكورة في الديانات القديمة ولا توجد سوى في الجزيرة.

تتنوع تشكيلات الكهف  الفنية على هيئة صوامع مساجد دينية تشبه صوامع المسجد الحرام في مكة وأشكال مباخر كبيرة  ربما عملها من صنع  الإنسان   وهي منحوتة في الصخور من داخل  الكهف، بالإضافة إلى وجود أشكال فنية من  أوراق الأشجار و زعانف مرجانية  وحيوانات بحرية مختلفة تشير إلى الحياة البحرية المتنوعة في أعماق جزيرة سقطرى.

إضافة إلى أشكال أسود وحيوانات برية ترتبط بديانات الشرق والغرب  ملتصقة بسطح الكهف من  سقفه المتماسك بأعمدة كلسية  ملتوية أو حلزونية  تشبه أشجاراً معمرة وحيوانات، توجد صور أخرى لرأس تمساح ولمراكب سفن  و مشاهد مرسومة  من جوانب حياة البحارة، مئات الرسومات الموجودة فوق بعضها مستوحاة من الطبيعة.

وهي رسومات حية مليئة بالدلالات والمعاني التي تعكس القوة  وتحاكي قانون الخلق والتكوين لحياة الطبيعة والإنسان قبل آلاف السنين.

وتعد رسومات  الكهف أعمالاً فنيه رائعة تعطي معنى روحي عميق، ومع مرور الزمن تلونت طبقة الكهف العليا باللون الأسود الداكن مع بعض النتواءت البيضاء.

وعندما تتجول في الكهف  تسمع قطرات المياه الساقطة من أسقف الكهف، وكلما اتجهت إلى الداخل تجد بحيرات مياه صغيرة، وتكبر كلما تعمقت في داخل الكهف.

إنسان الكهف كان هنا

التجول في الكهف مغامرة ممتعة، فمساحته واسعة وارتفاعه كبير،  لكن لا تنس أن تجلب معك  إضاءة لترافق أصدقاءك مع مرشد سياحي يعرفكم بمحتويات منحوتات  الكهف، ولا تخش أن تصادف شيئاً مؤذياً ومخيفاً في طريقك داخل الكهف فسقطرى محمية ولا توجد فيها ثعابين سامة وحيوانات مفترسة أو طيور جارحة و مؤذية.

شكل الكهف من الداخل  بكل ما تعنيه الكلمة تنطبق عليه مواصفات المتحف العالمي المتناهي في الجمال، ويوحي بالزمن العتيق لسقطرى وارتباطها بالبشرية الأولى،  والعلاقة ألدينية ألقديمة بين الكهف وحضارات العالم، وكذلك الترابط الوثيق القائم منذ القدم و إلى اليوم بين الكهوف والقبيلة والمجتمع والأسرة في سقطرى، وعندما تتجول في أنحاء الجزيرة ستجد أسراً وقبائل لا تزال تعيش حياة إنسان الكهف  وتتقمص شخصيته.

المنظر  السريالي حول الكهف

  • يمكن للزائر والسائح القيام بجولة سياحية واستكشافية من مدينة حديبو حاضرة سقطرى إلى كهف حوق بمنطقة حالة على امتداد الطريق الإسفلتي الساحلي  البالغ طوله أكثر من خمسين كيلومتر.
  • موقع الكهــف  في نــهاية جـــبل حــــالــــة  على بـــعــد حوالي ســـاعــتــين مـــشــــياً على الأقـــدام من الطــريق الإسفلتي.
  • وأفـــضـل وقــــت للـــقيـــام بجولة إلى كهف حالة وقت الصباح حيث يكون الجو مــعــتـــدلاً ومنـــاسبــــاً للصعود إلى قمة الجبل.

وعــــنــــد ما تـــصــعـــد إلـــى الكـــهـــف  تـمـــر بطـــريـــــق معـــلم بواســــطة الــــــــبــدو الرحـــــل الـــــذيـــــن عـــــــادة يخيـــمون مع أغـــنامهم في ســـهل أخــضـــر منــبســـــط تحيط به كهوف صغيرة تقع تحــــت كـهــف حـوق مـــباشرة .

فــيمــا جـــوانـــب الطــــــريق إلـــى الـكــــهـــــف ملــيئة بأشــــجــار «بويهن» الأفـــــريقيــة» وأشـــــجــــــار «ذكر اللبان» الذي يقــول عنه عـــــلــــمـــاء مختصـــين وعلوم الطب القديم  أن له دوراً في تنشيط الذاكرة.

عــنـد الوصــــول إلى قــــمة الكـــهــــــف توقـــف وحــــدق بعــيــنيك يــميـــناً وشــــمالاً ستحس بجمال الطبــــيعة والساحل البنفسجي حولك.

ولاكتمال هذا الجمال تمتزج أصوات الطيـور والـطـــبــيــعـــة وتــختــلـط مع موسيقي البحر ونسيمه، وبالتأكيد فهذا المنظر سيمنحك شعوراً بالسحر وبأكثر من انطباع.