الأرواح جنود مجندة ( ما صحة هذه المقولة )

الأرواح جنود مجندة ( ما صحة هذه المقولة )

الألفة…الارتياح…. الانجذاب، سهام مندفعة من القلب إلى القلب عبر وسط لا نعلم أين هو وكيف هو ولا قوانينه، أن تشعر بأنك بجانب شخص تأنس لحديثه، تشعر بأنفاسه وتعجبك طلته، وتتراقص الدماء في وريدك برؤيته، وينتفض القلب شوقًا لوصله، دفقة من هرمون السعادة تطرب لها أعضائك،/كلها أشياء لا نعلم لها قوانين ولا عنوان، ولعل ذلك ما يجمله مقولة الأرواح جنود مجندة” من قائلها وما تفسيرها كل ذلك وأكثر تعرف عليه في التالي.

شرح معنى الأرواح جنود مجندة

الإحساس بشخص، التفكير به في نفس الوقت، الشعور بقبضة في القلب عندما يصيبه مكروه، التواصل الروحي هل هي مجرد خرافات، أم أن للقلب عيون وبصيرة تفوق نظر العيون؟!!

قال رسول الله عليه صلوات ربي وسلامه عليه:

(الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تنافر منها اختلف).

  • وعن صحة هذا الحديث نقول أنه رواه مسلم والبخاري وغيرهما، وهو حديث صحيح.
  • أما عن الشرح، يقصد به أن الأرواح أنواع وصنوف ما يتشابه منها بالخصال والتوافق يتآلف ويتحاب ويندمج معًا.
  • وعلى النقيض أيضًا نجد أن هناك صنوف من البشر تتنافر وتتباعد بسبب عدم تلائم الشخصيات أو الأرواح معًا.
  • وبالأساس يجب أن يكون التآلف والتحاب على الخير والتآخي بين المسلمين.
  • ولا يجب أن يكون الاقتراب بين الناس بعضهم من بعض في الشر أو على العدوان.

قال النووي في شرح الحديث:

  • أن المقصود أنها مجموعات تتآلف وتجتمع فيما بينها بناء على خصال أوجدها الله في بعض البشر فيحدث تناسق وتناغم.
  • ويدفع أيضًا بكون الأرواح بالأساس كانت مجتمعة وبالأساس تم توزيعها في الأجساد، فأيما روح لاقت أنيسها ومن تتوافق معه يألفه.
  • وأيما وجد من هو بينه تنافر وتباعد تفرق عنه.

وذكر الخطابي:

  • أن التآلف نابع من ما جبلها الله -الأرواح- عليها من الشقاء أو السعادة، .
  • وأن الأرواح مقسمة لنوعين متضادان، فينجذب الأخيار للأخيار وينجذب الأشرار للأشرار.

قصة حديث الأرواح جنود مجندة

وقصة الحديث هنا أنه ذكر في مجمع الزوائد:

أن امرأة كثيرة الضحك بين الناس وكانت من مكة، وعندما قدمت إلى المدينة أقامت كضيفة عند امرأة لها نفس الخصلة وحسها الضاحك بين الناس، ولذا قال الرسول حديثه.

ونذكر أنه خلال البحث تم العثور على عدة صياغات لنفس الحديث ولكن كلها أحاديث ضعيفة لم يثبت صحتها سوى الصيغة سابقة الذكر.

الأرواح جنود مجندة والحب

نحن نعلم أن الشرع حرم وجود علاقة غير شرعية بين رجل وامرأة أجنبية، ولكن هناك عدة اعتبارات:

  • حتى من يدعون الصداقة أو صلة رحم بين رجل وامرأة ليس هذا بحلال.
  • المرأة تختلط فقط بمحارمها المعلومين.
  • حتى في العمل هناك ضوابط شرعية لهذا الأمر لدرء المفاسد، فلا يحل الخلوة والتبرج وتجاذب الأحاديث الجانبية.
  • وبالتطرق لتطبيق هذا الحديث في العلاقة بين الرجل والمرأة، من الوارد أن يحدث هذا التآلف وحتى الحب، ولا يأثم المرء عما تحرك في القلب.

ولكن من الممكن أن يكون هذا الأمر اختبار من الله للرجل أو المرأة وعليه، أمامه أمران:

  • أن يسارع بالارتباط الشرعي بهذه المرأة بالطبع التي شغفها حبًا بعد أن يدرس حيثيات الموضوع وبعد صلاة الاستخارة.
  •  أو أن يدعوا الله أن يصرف عنه السوء ويردد دعاء سيدنا يوسف، وأن يري الله من نفسه خيرًا.
  • صحيح أن القلب بيد الله، ولكن لا يجب أن يطلق البصر، وألا يطيل التفكير، وأنه يحفظ سمعه، وألا يعصى الله بجوارحه.
  • وأن يدعوا الله في صلاته أن يجمعه بمن شغف بها عقلًا في إطار شرعي.

الأرواح جنود مجندة في الزواج

وفقًا للشرح الذي جاء بالسابق نستشف عدة أمور نذكرها على النحو التالي:

  • من المهم عند اختيار الشريك النظر لموقف النصف الآخر من الألفة من عدمها.
  • لا ينبغي النظر إلى الدين فقط -وإن كان هذا جيد- ولكن لن ينفع الارتباط بشخص غير متآلف مع الشريك ولو كان ذا دين، ولنا عبرة في قصة “زينب بنت جحش وزيد بن حارثة”.
  • لا يجب أن يرتبط شخص بنصفه الآخر لمجرد امتلاكه للمال والجاه، لا بد من الانجذاب وهذا من الضروري.
  • من المهم أيضًا حين يرتبط شخص ويقبل على الخطبة أن يقوم بعمل رؤية شرعية.
  • يحدث في هذا الاجتماع أن يجلس الخطيب والمخطوبة معًا في محيط العائلة يتجاذبان أطراف الحديث.

وندفع بالدليل التالي:

النبي ﷺ قال: إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل، إذا استطاع أن ينظر ولو من بعد من غير علمها، فلا بأس، خطب جابر بن عبد الله الأنصاري امرأة من الأنصار ولم يرها قال: فجعلت أتتبع النخل لعلي أراها حتى رأى منها ما أعجبه منها فتزوجها.

الدين يسر، ويعلم الرسول أن الزواج لابد أن يكون مبني على حب وتوافق وإعجاب، فلا بد من النظر للمخطوبة حتى يتحرى التآلف الذي جاب به حديث “الأرواح جنود مجندة”.