رؤية ورسالة وزارة التربية في الكويت

تهدف هذه الإستراتيجية إلى إحداث نقلة نوعية أساسية في توجهات المواطن ومستوى معارفه ومهاراته ، بما يصل بمستوى قدراته الفعلية إلى الإسهام المؤثر في تلبية متطلبات التنمية الشاملة في مجتمعه في ضوء المؤشرات التي تؤكدها البحوث والدراسات التي أجريت حول الواقع واستشراف المستقبل، إذا كانت الإستراتيجية استشرافا لمستقبل يترجم طموحات أمة، ويرسم أملها ورؤيتها لموقعها من عالم جديد ، فإن ذلك لا يمكن أن يتم إلا انطلاقا من دراسة الواقع التي تسعى الإستراتيجية إلى أن تنتقل منه إلى بناء مرتكزات ودعائم هذا المستقبل الذي ترجوه ؛ لأن الآمال والطموحات إذا انفصلت عن الواقع تحولت من رؤية تستهدف العلم الحقيقي إلى حلم بعيد المنال .

و الواقع هنا بمنظوره الشامل : هو واقع المجتمع الكويتي وخصائص المرحلة التي يمر بها ، وما يواجهه من تحديات ، وما يحيط به من ظروف إقليمية وعربية ودولية .

وهو في نطاق التربية يعني الممارسة التربوية القائمة بمنظومتها الشاملة, ما أنجزته , وما تواجهه من عقبات وتحديات ,وما يفرضه ذلك من دواعي التطوير , التي تم رصدها من خلال الدراسة المعنونة : “الإصلاح التربوي في التعليم العام بدولة الكويت , رؤية مستقبلية “.

وقد تم في هذه الدراسة التعرف إلى آراء الأسرة التربوية العاملة في الميدان ، وأولياء الأمور ، بمراحل التعليم المختلفة ورياض الأطفال ، حول المشكلات التي يعاني منها النظام التربوي ، من خلال رسالة وجهت إليهم من وزير التربية ، حتى يكون الإصلاح التربوي مرتبطا ارتباطا قويا بالواقع وممارساته ،واعيا بمشكلاته الحقيقية وأولوياتها ،مستوعبا الطموحات التي ترسمها أهداف مجتمعنا ،ونرتضيها لأبنائنا واقعا ومصيرا . وقد تم تصنيف المقترحات و الآراء التي وردت ،تحت قضايا رئيسية ، وأخرى فرعية، حرصا على أن تبرز الصورة المتكاملة للرؤية الميدانية في متطلبات الإصلاح والتطوير التربوي ومجالاته وأولوياته.

ورؤيتنا لواقع المجتمع الكويتي ومحددات السلوك فيه ،من خلال الشخصية الكويتية ، والأسرة الكويتية ،والمدرسة ، والتعليم العالي مستمدة من حصاد البحوث والدراسات التي قام بها المجلس الأعلى للتخطيط والفرق التي شكلها والتي انتهت إلى تقديم ورقة أولية للإستراتيجية المستقبلية لدولة الكويت ، لتكون منطلقا للحوار الوطني الذي يستهدف بلورة الرؤية الاستشرافية لمستقبل الكويت وتنميتها ، هذه الرؤية التي ستكون أساسا لتوجيهات خطط التنمية بالدولة في ضوء ما يسفر عنه هذا الحوار من نتائج .

ومن المرتكزات الأساسية التي راعتها هذه الإستراتيجية متابعة التجربة التربوية في الكويت في الفترة الماضية ، والتوجهات التي أشارت إليها دراسات تقويمها في المراحل المختلفة و الاستشارات التي قدمتها المنظمات الدولية والعربية والإقليمية والخبراء، والتي تناولت جوانب العمل التربوي في الكويت ، والتجارب التربوية في العالم المعاصر وما حققته من إنجازات وما تشكو منه من قصور ، وما تتطلع إليه من تطوير .

كما تمنح أهمية خاصة للمرحلة التي تعرضت فيها الكويت لعدوان غادر ، وما مر به شعبها من معاناة وما كشفت عنه من عناصر أصيلة تصدى بها المجتمع لمحاولات محو هويته وتدمير منجزاته ، وحقق بها التحرير وحركة التعمير وما تفرضه نتائج هذه المرحلة من دعم لهذه الإيجابيات متمثلة في تعزيز الوحدة الوطنية ، ودعم الانتماء وتعميقه ، وتوسيع قاعدة الديمقراطية والشورى التي منحت الكويت وحدتها وصلابتها في هذه الفترة ، وتنمية الوعي التطوعي فكرا وسلوكا .

بعضها يتجه إلى تحليل عناصر المنظومة التربوية حتى يتناول جوانبها دون استثناء في تكامل و شمول ( فلسفة التربية في الكويت – الأهداف العامة للتربية – السياسة التربوية والتخطيط التربوي – المناهج الدراسية – المعلم – الطالب . . . الخ ).

وهناك اتجاه آخر يرى أن حصاد التربية وهدفها هو تنمية السلوك الإنساني في اتجاه ما يؤمن به المجتمع من قيم ، وما يفرضه واقعه التنموي من احتياجات ، وما تمليه حركة عالمنا من ضرورات المواكبة والمنافسة ،أي أنه مدخل يركز على السلوك ، والقيم والدوافع المحركة له و منطلقا من خصائص السلوك في المجتمع الكويتي ومحدداته ومحركاته ، والتحديات التي تواجه هذا السلوك ، والمجال الذي توجه إليه التربية حركتها و جهودها

وتتبنى هذه الإستراتيجية الأولية المطروحة على الحوار موقفا إجرائيا يركز أساسا على السلوك الإنساني ، موليا اهتمامه لتنميته وتطويره توجيهه ، ويعنى في كل ذلك بالنظر إلى المنظومة التربوية بعناصرها المختلفة ، فهو لا يهمل الإطار ، ولا يغفل جوهر التربية وهدفها ، لأن السلوك التربوي يؤثر ويتأثر بكل عناصر المنظومة التربوية والمجتمع الذي يحتويها

كما أنها تتجه إلى الفكر المثالي الحالم الذي يرسم صورة مجتمع مثالي داعيا إلى إحلاله محل المنظومة التربوية القائمة بحركة تطوير شاملة ، فقد أوضحت التجربة التربوية في مجال التطوير أن هذا النهج لم يحقق نجاحا ، بل ربما كان عائقا أمام جهود تالية للتطوير .

و تدعو إلى أن يركز التطوير على نقاط الاختناق والحرج في أداء المنظومة التربوية ، ساعيا إلى معالجتها ، مؤمنا بأن النجاح في ذلك سيمتد أثره باعثا الحيوية والحياة في سائر جوانبها ، وهو أسلوب يتبنى التدرج ويرفض الطفرة ، وبخاصة في مجال بناء الشخصية الإنسانية ، ولكن التدرج لا يعني التباطؤ والتأخر ، بل الانطلاق الواثب المصمم في مراحل متتالية وفق خطة شاملة

وتؤمن بأن الأمة التي صمدت في مواجهة عدوان حشدت له الدنيا قواتها وتحالفت في عمل دولي لتتمكن من ردعه ، ولم يجد المعتدي من بين صفوفها من يناصره أو يستسلم له – هي أمة قادرة على أن تحدد طرائقها ، وتشحذ جهدها ، وتجمع مواردها ، لتضعها في خدمة بناء الإنسان القادر على تحقيق آمالها في التنمية والمتعة

وتمثل التوجهات التالية التي ركزت عليها هذه الإستراتيجية منطلقاتها نحو الإصلاح ، وسبيلها إلى التطوير .

التوجه الأول: التربية الإيمانية بالعمل والممارسة

لقد انتهى لقاء الكويت شعبا وقيادة في المؤتمر الشعبي بجدة ، وهو المؤتمر الذي انطلق من المحنة ومعاناتها ، والحوار الذي استوعب المطلب الشعبي وتصميم القيادة على إرادة واحدة مجتمعة تطالب بأن تستقي التربية توجيهاتها في بنائها للإنسان الكويتي من الإيمان بالله تعالى عقيدة و سلوكا ، وأن يتوجه المنهج الدراسي بكافة مكوناته إلى تعميق إيمان الناشئة بعقيدة الإسلام و شريعته ، مؤكدا على الممارسة و السلوك في سماحة لا تعرف الانغلاق والتزمت ، ومنهجية في الفكر تدعو إلى إعمال العقل بالتأمل والنظر والبحث ، وتقرأ آيات الله التي يقدمها في كتابه المحكم ، وآياته في كتاب الكون والآفاق والأنفس ،كما تقرأ التاريخ و جهود السلف ، ليعيش هذا الوطن بروح الإيمان مواكبا عالمه المتغير منتفعا بالعلم ونتائجه ، مصمما على تنمية وإتقان مهاراته اللازمة لحياة أبنائه وأمنهم ،منطلقا في ذلك كله من مبدأ أساسي هو الاعتماد على القدرة الذاتية والتصميم على تنميتها

والتربية الإيمانية لمجتمع تدعوه شواهد الواقع وبوادر المستقبل إلى إجراء مجموعة من التحولات الاجتماعية تستهدف التعمير بالكد والجهد الذاتي وانتهاج أسلوب حياة ، هي تربية تقوم على التعارف والتراحم ، والإيثار والإحسان دون عنف أو إكراه ، في أخوة لكل من سواه مستقيا من دينه التأكيد على العمل والتكافل والتطوع والحوار والشورى والعمل الجمعي ، والتحلي بآداب الخلاف والالتزام في السلوك بآداب الإسلام ونهج نبيه بما ينعكس في ممارساته اليومية إنتاجا يستهدف الثواب والأجر ، فالتربية الإيمانية بالعمل والممارسة هي تربية تدور حول السلوك وتستهدفه ولا ترى قيمة لإيمان لا يصدقه العمل ولا يتجاوز المظهر ، وترديد الشعارات ، إيمان أثره في التأكيد على الآداب الشرعية في المعاملة صدقا والتزاما بالإتقان فهو إيمان ترقى به الأمة ،لأنه إيمان الفعل والمعاناة

وتعمل هذه الإستراتيجية على ترجمة هذه التوجهات وتبنيها في برامج إعداد المعلم وأسلوب بناء المناهج ومحتوى الكتب المدرسية، وطرائق التدريس في منهج التربية الإسلامية بخاصة ، وفي سائر المواد بعامة كما تخطط لأن يسود السلوك الراشد نوعية العلاقات والأنشطة والتوجهات في البيئة المدرسية ، والعمل على أن يتوافر لها الدعم من الأسرة و أجهزة الإعلام والتوجه الوطني في شموله ،لتكون التربية الإسلامية واقعا حيا يمارسه الأبناء ، ينتفعون به في صلاح أنفسهم ووحدة أمتهم وعمران مجتمعهم وتنميته

التوجه الثاني : تعميق روح الانتماء والاعتزاز بالوطن

ويتم ذلك من خلال تربية وطنية تنتقل بالانتماء من ترديد لفظي إلى وعي فكري يقوم على الإدراك والمعرفة الموثقة بقضايا الوطن وجودا وحدودا ، والتحديات التي واجهها مجتمع الكويت عبر تاريخه وجهود الرواد في التغلب عليها ،بما يوثق الصلة بين الأجيال ، ويبث الوعي بجهود وثمار رحلة بناء هذا الوطن وتقدمه ، والعناصر التي استمد منها قوته ووحدته وصموده وثباته : من الكد والتكافل والشورى والتعاون وعلاقات المحبة الصادقة والاحترام المتبادل بين الشعب والقيادة التي تميز بها مجتمع الكويت على امتداد تاريخه.

وتعمل التربية الوطنية على تعميق روح الانتماء بإعداد مواطنين يكون لديهم الوعي بأولويات احتياجات وطنهم , ويعمر قلوبهم الإحساس بمسؤولياتهم حيال بلدهم في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية ،يستوعبون قيم الوطن الفكرية والثقافية ويدركون حقائق موارده الاقتصادية وركائز استقلاله وتميزه وطبيعة علاقاته وأسسها مع البلدان الأخرى ، ويقدرون دور المؤسسات الحكومية والأهلية في النهوض بالوطن والإسهام في تطويره ونمائه.

وتركز التربية الوطنية على تنمية وعي الأبناء بمشكلات الواقع وتوابعها المستقبلية ؛ وتنمي في عقولهم وإرادتهم الوعي بمسئوليتهم عن التصدي لمواجهة مشكلات عالم مختلف عما ألفوه في مجتمع الوفرة والخدمات ؛ اعتياد الأخذ أكثر من العطاء ،وانعكاس ذلك على ما يتعلق بالحفاظ على المال العام ، وتصحيح النظرة الدونية إلى العمل اليدوي و الدراسات المهنية ، وضعف العلاقة بين الأجر و الجهد ، والانشغال بالموقف الآني دون المستقبلي نتيجة الشعور المفرط بالأمن والوفرة ، واضطراب الأولويات حيث يتقدم الترفيه على الكد ، والترويح على الضروريات ، إلى غير ذلك من ضعف الإقبال على العمل التطوعي ، مع شدة الحاجة إلى التدرب على العمل الجمعي وما يتطلبه من مهارات هذا إلى جانب القدرة على التفكير التحليلي الناقد المستند إلى المعلومة الصحيحة ، ومتطلبات الحياة الناجحة في مجتمع الشورى والديمقراطية من تقبل التنوع في إطار الوحدة ، وإفساح المجال والصدور للرأي الآخر ، والتعاون فيما يتفق عليه ، والتماس العذر لما يختلف فيه .

وتؤكد التربية الوطنية في هذا التوجه على ترجمة الوعي بفكر الانتماء ومكوناته إلى سلوك اجتماعي يمارس في مناخ من الديمقراطية والشورى يسود العلاقات في المجتمع المدرسي يكتسب الأبناء فيه من خلال الممارسة الفعلية أن الديمقراطية حقوق وواجبات يقوم المجتمع بالحفاظ على التوازن بينهما ، وينهار عند اختلاله ، كي يتكون في وعيهم وإرادتهم أن العطاء هو روح الانتماء ، وأن الانتماء هو السياج المنيع الذي يستمد منه المجتمع قوته ووحدته ،وصموده والحركة الدافعة لنجاحه والحفاظ على وجوده

التوجه الثالث: التوسع في تنويع التعليم وربطه بأولويات متطلبات التنمية واحتياجات سوق العمل

إن توفير الأطر الوطنية القادرة على تلبية الاحتياجات المتطورة لمشروعات التنمية ومجالات سوق العمل وبخاصة في المجالات التقنية والفنية سعيا إلى الاعتماد على الذات ، وتحقيق التوازن في التركيبة السكانية ، وتوطين الخبرة التكنولوجية وتواصلها ، و توفير فرص عمل فعلية منتجة للمواطنين بما يواجه تزايد مشكلة البطالة – يمثل بالنسبة للوطن مطلبا أساسيا تتحرك المؤسسة التربوية لتحقيقه على محورين متلازمين : أولهما ، تنويع التعليم بعد المرحلة الأساسية وفي التعليم العالي ،وتنوع فرص التدريب ومجالاته من خلال تنسيق تخطيطي تقوم به آليات فاعلة يتم إقامتها بالمشاركة بين مؤسسات التربية والجهات الممثلة لسوق العمل ؛ لتعمل جميعا على توفير الدراسات العلمية التي تتابع احتياجات السوق وتطورها ، وتحديد التخصصات والأعداد المطلوبة في المجالات المختلفة على مدى زمني ملائم ، ليتم في ضوء ذلك بناء شبكة من البرامج التعليمية والتدريبية تبث في أرجاء المجتمع ، وتكون على نحو من التنوع والمرونة في هياكلها ، بحيث تستوعب إلى جوار التعليم النظامي الصيغ الجديدة من مثل التعليم المتناوب ، والتعليم في مواقع العمل ، والتلمذة الصناعية ، وغيرها من الصيغ التي تثبت ملاءمتها.

مع مراعاة توجيه سياسات القبول في برامجها بما يضمن الاستثمار الأمثل للموارد البشرية الوطنية وفق الاحتياجات التنموية للبلاد .

أما المحور الثاني الذي تتحرك عليه الاستراتيجية للارتفاع بنسبة مساهمة المواطنين في المجالات التقنية و الفنية بسوق العمل فيقوم على تنمية الاتجاهات الإيجابية لديهم لمزيد من الإقبال على الالتحاق بهذه المجالات المطلوبة للتنمية ، ويتم ذلك من خلال :

– دعم التربية التكنولوجية في التعليم العام وتطوير برامجها والعناية بوجه خاص بإرساء بواكير الخبرات التقنية في التعليم الابتدائي وما قبل الابتدائي عن طريق العناية بالأنشطة اليدوية والعملية وتنمية الحواس و المهارات والقدرات العملية وتكوين المواقف والاتجاهات الإيجابية نحو العمل المهني والتقني ؛ سعيا وراء كشف مدى الاستعداد لهذا وتفجير طاقات الإبداع الكامنة في العقل والجسم مع مزيد من التركيز والتنوع في التعليم الثانوي .

– توظيف الإعلام بكافة أجهزته للإسهام في حملات التوعية لدعم هذه التوجهات.

– تطوير الهياكل التعليمية نحو مزيد من المرونة والانفتاح الذي يوفر السبيل أمام خريجي البرامج الفنية للالتحاق بدراسات أعلى تفتح أمامهم فرصا متجددة لإعادة التدريب وللنمو المهني في مجالهم أو في مجالات جديدة لتشجيع الإقبال على برامجه.

– دعم العلاقة بين المدرسة وسوق العمل والمجتمع المحلي ، والإفادة من خبرات سوق العمل في تعريف الناشئة ببنية المهن في المجتمع ومساعدتهم على اكتشاف ميولهم وقدراتهم المهنية واختيار المجالات الأكثر ملاءمة لهم ليحققوا من خلالها ذواتهم.

– أن تتضمن متطلبات التخرج من المرحلة الثانوية قضاء فترة من ممارسة العمل في المؤسسات الإنتاجية أو قطاع الخدمات تحت إشراف مشترك من المدرسة وسوق العمل.

التوجه الرابع : الانتقال من التركيز على التعليم النظامي وحده إلى توفير التربية للجميع وبناء مجتمع دائم التعلم

إن الحجم السكاني لمجتمع الكويت وما يحيط به من أطماع وتحديات ، يجعل حتمية الاعتماد على النفس ضرورة حياة ، ويفرض على التربية أن تتجه إلى بناء مجتمع دائم التعلم يستثمر إمكانيات كل فرد فيه إلى أقصى ما تسمح به طاقاته ، الأمر الذي يوجب تبني مبدأ التربية للجميع كما عبر عنه لقاء القرن التربوي الذي عقد على المستوى الدولي برعاية منظمات الأمم المتحدة للتربية والطفولة والتنمية ، داعيا إلى ” توفير التربية للجميع : أطفالا ويافعين ، وشبابا وكهولا ، رجالا ونساء ، على النحو وفي الوقت وبالكيفية التي تستجيب لظروف كل تلك الفئات واحتياجاتها على مدى رحلة الحياة ” .

ومن هذا المنطلق تصبح المؤسسة التربوية في الكويت منسقا وطنيا لعملية تنمية قدرات الأمة وتطويرها ، وهذا يلقي عليها مسئولية استخدام إمكانيات كافة المؤسسات والقطاعات بالمجتمع ؛ لتوفير الفرصة لكل مواطن للوصول إلى مستوى أعلى وخبرة متقدمة ، ترتفع بإنتاجه وتثري حياته

وقد بذلت جهود طيبة في توفير خدمات تعليمية في الفترة الماضية تحت مسمى خدمة المجتمع ، سواء من خلال جامعة الكويت أو الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب ، ومن خلال عدد من الوزارات بصورة أو بأخرى

ولكن كل هذه الجهود لم تكن تنظمها خطة وطنية عامة ذات أهداف محددة وأولويات ومراحل متفق عليها ، وتوزيع للأعمال والمسئوليات تشرف عليه جهة تنسيق وطني مكلفة بذلك ، تنسق هذه الجهود وتعمل على انتظامها في خطة وطنية شاملة نابعة من مسح علمي للاحتياجات التعليمية الفعلية للمجتمع بأفراده ، وقطاعاته ، ومؤسساته

و إتاحة التعليم للجميع ، وتوفير فرص تعليمية متكافئة لكل الأطفال و المواطنين في مختلف الأعمار ، وبناء مجتمع دائم التعلم ؛ وكل ذلك يتطلب رؤية جديدة للتربية لا تقصرها على فترة واحدة من التعليم يخرج المتعلم بعدها إلى الحياة العملية ، فكثير من الأفراد قد لا يحسنون الإفادة من فرصة تعليم تقدم لهم مرة أخرى في حياتهم ، وقد يمثل ذلك إحباطا لهم مدى الحياة ، مما يؤدي إلى إهدار إمكانيات قد تكون كامنة لديهم يمكن أن يفيد منها المجتمع ، لذلك ينادي التوجه العالمي نحو التربية للجميع باستراتيجية تربوية تتبنى مفهوم الجسور التعليمية ونقاط العبور المتعددة حتى يتاح لكل مواطن دخول النظام التعليمي من خلال فرص جديدة متاحة له مهما كان عمره وتعليمه السابق ، فتتعدد نقاط الدخول إلى فرص التعليم وتتنوع مساراته ، ويسمح بالانتقال بينها عبر جسور تعليمية من تخصص إلى آخر ومن مهنةإلى أخرى ،ويكون معيار العبور على هذه الجسور الاختبارات العلمية المقننة التي تقيس قدرة الفرد وإمكانياته على متابعة نوع التعليم الذي يريد الالتحاق به من أجل العيش بصورة كريمة ، والمشاركة في عملية التنمية

ويتطلب تحقيق ذلك أن تصبح المدرسة النظامية إحدى مصادر التعلم إلى جانب مصادر أخرى تستخدم وسائل الإعلام وتقنيات الاتصال الجديدة وشبكاتها ، وتعمل على توظيفها لتوفير التعلم للجميع ، كما يتم التوجه للإفادة من تجارب الصيغ المرنة الجديدة للتعليم ، كالتعليم المتناوب ، و التعليم عن بعد ، والتعليم المفتوح ، والجامعات بلا أسوار وغيرها من الصيغ

ولابد لمواجهة الإنفاق الضخم الذي يتطلبه هذا الانفتاح التعليمي من العمل على مشاركة المواطنين والمؤسسات غير الحكومية والوحدات الاقتصادية في تمويله . وقد قطعت خطوات في هذا المجال ، ويقع على هذه الإستراتيجية مسئولية تنمية هذه المشاركة وإثرائها وصولا إلى مزيد من المشاركة المجتمعية في تمويل وتوفير فرص التعليم ، و المساهمة في إدارته ، الأمر الذي يقدم للتعليم خبرات جديدة وربطا عضويا أكثر إحكاما ومباشرة بينه وبين المؤسسات الاقتصادية

وتمثل الجهود التي بدأت لإحياء الممارسات المعبرة عن إيمان مجتمع الكويت بالعلم وتنميته كالوقف التعليمي منطلقات إيجابية في هذا التوجه ، ندعو إلى المساهمة في إثرائها والتنسيق معها.

التوجه الخامس : تحقيق مستوى الامتياز في الأداء بمدارسنا والحفاظ على استمراره كمحور أساسي لجهود تطوير التعليم

إن تملك المعرفة والقدرة على مواجهة تحديات تحقيق الأمن لوطننا والحفاظ على استمرار مستوى التنمية الذي يحظى به مجتمعنا ، ومواجهة تحديات تناقص الموارد والمنافسة الحادة في عالم التجمعات الكبرى ، وصمود الهوية في مواجهة تيارات الانحلال والتطرف – يتوقف على نوعية الإعداد التربوي في مدارسنا ومستواه ، وبالتالي مستوى الإنجاز والتميز الذي يحققه أبناؤنا ومقدار ما يمنحهم من قدرة على اجتياز تلك التحديات .

ولقد اعتبرت أمم تحتل موضع القمة والصدارة في عالمنا أنها “أمة في خطر ” عندما تدنى مستوى الأداء التربوي في نظامها التعليمي عن مستوى التميز .

وحرصا على أن يكون تقويم الأداء مستندا إلى معايير يتم التوصل إليها بمنهجية علمية معيارية المرجع ، سوف توجه الجهود إلى :

  1.  تحديد الحد الأدنى من الأداء المستهدف للمتعلم في كل الكفايات الأساسية التي يشتمل عليها المنهج في نهاية كل حلقة أو مرحلة دراسية.
  2. تطوير أدوات قياس علمية متنوعة لهذه الكفايات.
  3. وضع برنامج تنفيذي واضح وعملي لتقويم مستوى التحصيل الدراسي للطلبة في نهاية كل حلقة دراسية.
  4. إعداد برنامج تدريبي على استخدام هذه الأدوات.
  5. إعداد برامج تعويضية للمتعلمين وخدمات إرشاد وتوجيه للآباء والمعلمين للنهوض بمن هم دون المستوى.
  6. توفير كافة الضمانات التي تكفل أن يكون التقويم حقيقيا معبرا عن المستوى الفعلي لأداء المتعلمين والتصدي بحسم لكل ما يتعارض مع ذلك.

استمرار مشاركة الكويت في المسوحات التقويمية الدولية المقارنة لمستوى الأداء والتقويم ؛ لتوفير آليات فاعلة للإفادة من التغذية الراجعة التي يقدمها تقويم الأداء وما يسفر عنه الحوار الذي يقام حول نتائجه خلال عمليات مراجعة المناهج والكتب المدرسية وبرامج تدريب المعلمين ، وآليات التواصل مع أولياء الأمور ؛ لإعادة ترشيد المسار نحو مزيد من الامتياز في الأداء يقوم على توجه أساسي يقود العمل التربوي و يرفع شعار التربية من أجل الإتقان في كل مراحل التعليم بدءا من بواكير الطفولة ؛ إيمانا بأن الرضا أو السكوت عن مستوى متدن من الأداء يضعف في المتعلمين إرادة التحدي والإصرار على بذل قصارى الجهد الذي يقود الأداء إلى التميز والسبق .

وينعكس هذا التوجه على مناخ عمليات التقويم لجهد المتعلم وأدائه ، إذ ينظر إليها باعتبارها إدلاء بشهادة حق لا يجوز بشأنها إلا الصدق الكامل والدقة والمواجهة الصريحة بالمستوى في عدالة وموضوعية تتنزه عن المغالاة وترفض التهاون .

التوجه السادس : الانتقال بالتعليم من الممارسة التقليدية المركزة على الكم المعرفي والتلقين إلى التعلم الذاتي باستخدام التقنيات المتقدمة للمعلومات ومصادر المعرفة

إن الحياة في عصر المعلومات بتقنياتها المتقدمة ، وتفجر المعرفة بمعدلاتها المتسارعة وما نجم عن ذلك من تحديات ومستجدات ، كل ذلك يفرض على التربية أن تتحول في أساليبها من التلقين بجرعات من المعرفة يكون دور المتعلم فيها سلبيا يركز على التلقي والحفظ – إلى دور جديد يقوم على معاونة المتعلم على اكتساب كفايات التعلم الذاتي التي تمكنه من القيام بدور إيجابي يواصل فيه بنفسه وعلى امتداد رحلة حياته استقاء المعرفة من مصادرها المتجددة ، واكتساب القدرة والمهارة على الاختيار الواعي من بينها ، وتنظيمها وإدارتها وتحليلها ونقدها ، مستخدما في ذلك تقنيات المعلومات وشبكاتها المتقدمة ، مستفيدا من هذه المعرفة بتوظيفها في تحقيق المواءمة الذكية مع المتغيرات التي تطرأ على حياته بعامة ومجاله المهني بخاصة ، وحل ما يواجهه من مشكلات ؛ مكتسبا من هذا التواصل الثقافي المتجدد القدرة على الحكم الواعي على الأمور والمواجهة الناجحة لها ؛ مما يكسبه القدرة على أداء دوره الاجتماعي في العمل ،وفي حياة الجماعة بكفاية واقتدار .

وتشير الدراسات الاستشرافية للمستقبل القائمة على أدلة متضافرة ومعطيات وملاحظات دقيقة في حديثها عن ” صدمة المستقبل ” : أن ما أدى إليه التقدم التكنولوجي المتسارع وتطبيقاته في الحياة من اندثار مهن وظهور مهن أخرى ، وتغيير واسع في نظم الإنتاج أتاحته أساليب و تقنيات جديدة سوف يستمر بمعدلات أكبر في المستقبل .

كما تشير دراسات اليونسكو حول مستقبل التعليم في القرن الحادي والعشرين إلى :” أن نجاح الدور الإنمائي مرتبط بقدرته على التحول من صيغته التقليدية ، التي تركز على التلقين والكم المعرفي إلى صيغة جديدة تمكن الأفراد من التعلم الذاتي و تثير لديهم الرغبة في الاكتشاف العلمي وتنمي قدراتهم على التحليل والبحث والمقارنة ” .

وتؤكد لنا نظريات التعلم على أن التعلم لا يكون له معنى ، ولا يصبح جزءا من التكوين النفسي و البناء المعرفي للفرد إلا إذا كان مرتبطا بأهداف يسعى المتعلم لتحقيقها وتستجيب لميوله واتجاهاته .

كما أن التعلم الذاتي يقدم حلا لمواجهة مشكلة الفروق الفردية وتفاوتها ؛ تلك التي لا يتيح المنهج التقليدي الموحد للجميع الفرصة الواجبة لمراعاتها ، فالمتعلم في المدرسة التقليدية الحالية يحصل على المعرفة من خلال البرنامج الذي وزعت مفرداته شهريا وسنويا ليمر به الجميع ، بينما يستطيع المتعلم أن يتدرج في تعلمه الذاتي بحسب سرعته وقدراته ورغبته الشخصية ، حيثما لا تكون أمامه عوائق إدارية أو نظم تحد من تقدمه .

و يستطيع التعلم الذاتي أن يسهم في حل مجموعة من المشكلات التي تواجه التعليم التقليدي ، فهو أسلوب ونظام متكامل في التعليم فرضته حركة عصر ، ومطالب مجتمع ، وتطبيق تطالب به البحوث الحديثة في سيكولوجية التعلم .

ويتطلب التحول إلى التعلم الذاتي عملية مراجعة شاملة ، وتطويرا يتناول عناصر المنظومة التربوية يعيد صياغة أهدافها ، ويقود هذا التوجه إلى بناء مناهجها ، حيث لم يعد من الممكن أن نعلم أبناءنا في فترة التعليم النظامي كل شيء .

ويشير الواقع إلى أن التعليم القائم على التلقين وحشد المعلومات يفضي إلى مخرجات تفتقر إلى الإتقان والمهارات المبدعة مما يؤكد ضرورة تسليحهم بالمهارات ، وتنمية قدراتهم أكثر من تلقينهم المعارف ، كما يبرز أهمية أن نقدم لهم أساسيات المعرفة وأدواتها ومفاتيحها ، ثم نترك لهم ابتكار السبل لتوظيفها وإثرائها من خلال تقنيات وشبكات المعلومات الجديدة . ولا بد من التأكد على أن المعلوماتية ليست مجرد حشد بيانات ووقائع ، إنما هي منهج تفكير وأسلوب للتعامل وصولا إلى نوع من المعرفة يعين على إصدار الأحكام واتخاذ القرارات وحل المشكلات واستكشاف البدائل أو العلاقات الجديدة ، وهكذا نرى أن تنمية التفكير المحلل الناقد هو جوهر عملية التعلم .

و الكتاب المدرسي المعين على التعلم الذاتي ليس كتابا يحشد المعلومات ويقدمها بتفصيلاتها إلى المتعلم جاهزة ، بحيث يقتصر جهده على حفظها ثم استرجاعها في أوراق الامتحان ، فلا بد لكي يوجه الكتاب المدرسي التعلم الذاتي وينميه أن يكون كتابا يحفز أساسا على التفكير ، يقدم الأساسيات ، ويستثير فضول المتعلم ، ويلح عليه بالتساؤلات ليفكر فيما حوله ، ويربط المعلومة بالواقع وممارساته ، ويحرك في داخله ذلك الكنز المكنون المتمثل في الرغبة في التعلم لتفسير ما يراه ويحس المتعة الحقيقية بهذا الاكتشاف ، أي يصبح الكتاب المدرسي دليل عمل لطرائق الاتصال بمصادر المعرفة والحصول على المعلومة المطلوبة ، فضلا عن أنه يمكن المتعلم من توظيف هذه المعرفة في حياته .

وقد اتجهت بعض التجارب التربوية في تطوير الكتاب المدرسي إلى استيراد كتاب مطور تكلف بعض الجهات في بلدان متقدمة إعداده وترجمته إلى العربية .

وترى هذه الإستراتيجية أن الكتاب المطور عمل لا بد أن يتعرف إلى أحدث ما وصل إليه غيرنا في هذا المجال ، ولكن هذا العمل لا بد أن يتم على أرضنا وبجهود أبنائنا ، لأن هذه المعاناة في تطوير الكتاب المدرسي هي وحدها التي تكون النخبة القادرة على مواصلة رحلة تنميته وتطويره ، وهي رحلة مصاحبة لسعينا الذي لا بد أن يتواصل لتجديد وتطوير عملنا التربوي .

البوابة التعليمية

 

صحيح أن الأخذ بهذا المنهج قد يتطلب جهدا أكبر ويستغرق زمنا أطول ، لكن حصاده سوف يمنح جهازنا التربوي متخصصين أكفياء اكتسبوا القدرة واستفادوا من تقويم نتائجها ، وأصبحوا بالتالي جسر خبرة لأجيال تليهم .

ويمثل جانب الإخراج للكتاب المدرسي عنصرا مهما في جذب المتعلم للإقبال عليه ، والإحساس بالمتعة عند الاطلاع على أساليب العرض التي يستخدمها ، ويسهم في تنمية الذوق الجمالي للمتعلم ، فكل هذه الأمور تسهم في توثيق الصلة بين المتعلم والكتاب على مدى رحلة حياته كلها .

والكتاب المدرسي المطور – المساند لعملية التحول للتعلم الذاتي – لن يحقق الهدف المرجو منه إلا إذا توافرت لمساندته وإثرائه مكتبة مدرسية متطورة ، تحوي إلى جوار الكتب أوعية المعرفة المختلفة المصورة والمسموعة وسبل التواصل مع تقنيات وشبكات المعلومات المتقدمة ، ولكن كل ذلك قد يكون ” زخرفا ” وعملا تجميليا قليل الفائدة ما لم يتوافر بالمكتبة المدرسية أو مركز مصادر التعلم كفايات مكتبية تحسن تقديم الخدمة المكتبية وتوثق الصلة مع الطلبة والمعلمين والمجتمع المحلي . ويؤكد هذا التوجه تبني حملة شاملة لإعادة تأهيل بناء وتطوير المكتبات .

ونجاح عملية التحول إلى التعلم الذاتي يتوقف في النهاية على توافر معلم مقتنع به مؤمن بجدواه ، كنهج يمارسه بالفعل لإثراء معرفته بمجال تخصصه وتحقيق تنميته المهنية ، ويشير ذلك إلى أهمية التنسيق بين التحول إلى التعلم الذاتي وتطوير برامج إعداد المعلم ،لأن فاقد الشيء لا يعطيه .

ومن الشروط الأساسية لنجاح التحول إلى التعلم الذاتي أن تتجه أساليب التقويم لأداء المتعلم إلى تبني هذا التوجه ، لتتغير وجهتها الحالية التي صيغت في ضوئها معاييرها وأدواتها ، وتنتقل من المكافأة على الحفظ والتلقين إلى الاهتمام بقياس مدى قدرة المتعلم على ممارسة التفكير الناقد وإتقان مهارات التعلم الذاتي .

والتعلم الذاتي من خلال حركة التطوير سيدخل إلى المنظومة التربوية ،ليقوم بدوره في إثراء رحلة عمر الفرد في مجتمعنا بفكر متجدد ، وأداء متميز وسط مؤسسات وتشريعات عاشت العمر في إطار تقليدي ، ولا خيار لها إلا أن تحتضنه وتؤازره في عالم يتسابق في ثورة المعلومات وطرق الاتصال .

التوجه السابع : نشر المعرفة التقنية والثقافة العلمية في المجتمع

إن الدور الذي يسهم به العلم وتضطلع به تطبيقاته في شتى جوانب الحياة في عصرنا الحديث هو دور أساسي لانطلاق جهود التنمية واستمرارها ، ودعم جهود المجتمع في مواجهة التحديات وبناء القدرة الذاتية .

وتقدم لنا تجربة الدول النامية التي اقتحمت – بوعي هذا الميدان نموذجا علميا ناجحا لاستيعاب التقنية الحديثة وتطويرها وإتاحتها للجماهير التي ساندت هذا التوجه وأسهمت بفاعلية فيه .

وتشير الدراسات التي ترصد حركة هذه الدول إلى أن اتصالها بالتقنية الحديثة واستيعابها لها لم يفقدها أصالتها وتميزها بتراث حضاري عريق .

والكويت والحمد لله بلد مسلم تشربت نفوس أبنائه الإسلام بقيمه الرفيعة وجوهره النقي الذي يدعو إلى الاحتكام إلى العقل ، والتأمل والتفكر والتبصر ، ويدعو إلى إكبار العلماء وإعلاء قيمة العلم ، فهي بحكم قيمها ومواكبتها للنهضة العلمية اقتحام آفاق ( التكنولوجيا ) الحديثة إذا استطاعت التربية ومناهج التعليم أن تحقق التواصل بين المواطنين والثقافة العلمية والتقنية المعاصرة ، وتيسر حقائقها ، وتجلو مفاهيمها ، وتنشر الوعي بمجالات استخدامها ، وتصل بذلك إلى تكوين اتجاه مؤثر وأسلوب عمل يصل المواطن العادي بقيمة العلم وقدرته على تطوير مقدرات الحياة لخدمة الإنسان .

وتعمل الاستراتيجية لتحقيق هذا التوجه من خلال بناء خطة يتم التنسيق بشأنها مع قطاعات عديدة معينة للتوصل إلى آلية مناسبة ( كلجنة عليا على سبيل المثال لتنمية الثقافة العلمية ) تكفل الإشراف على تنفيذ هذه الخطة ومتابعتها واستمرارها ، على أن تضم المؤسسات المرتبطة بهذا النشاط في مجالات التربية والإعلام والبحث العلمي والثقافة والجامعات وأندية العلوم وغرفة التجارة والصناعة وبعض الشخصيات المهتمة بالموضوع ، على أن تتبعها أمانة عامة من عدد محدود تقوم بمتابعة التوصيات والمشروعات التي تنتهي إليها اللجنة أو الآلية التي يتم الاتفاق عليها مع كافة الجهات المعنية على مشروعات من مثل :

  • ترجمة وإصدار سلاسل من كتيبات تبسيط العلوم والتكنولوجيا وتوزيعها بأثمان زهيدة .
  • توفير عدد من المتاحف العلمية في المناطق المختلفة بالكويت على غرار المتحف العلمي التابع لوزارة التربية ، ويمكن أن يتخصص كل منها في مجال على غرار متاحف العلوم والتكنولوجيا في واشنطن وغيرها .
  • تبني اتجاه لتعزيز الثقافة العلمية عند مراجعة المناهج في المواد الدراسية كافة ، ليظهر ذلك في كتب القراءة وتاريخ العلوم والعلماء وبخاصة برامج وكتب تعليم الكبار .
  • التعاون مع وسائل الإعلام في تقديم برامج لنشر الثقافة العلمية بين المواطنين .
  • إصدار مجلة للعلوم الميسرة والتكنولوجيا بهدف إنماء الثقافة العلمية غير المتخصصة للجماهير.