فضل ليلة النصف من شعبان، ليلة النصف من شعبان وهي ليلة اليوم الخامس عشر من شهر شعبان، حيث يقترب موعد تلك الليلة والتي تعد من أفضل الليالي التي يترقبها المسلمون ليغتنموا فيها الفرصة لعبادة القيام والصيام، والاجتهاد في العبادات والطاعات، كما وكان الصحابة والسلف الصالح يكثرون في هذا الشهر من الصدقات، ولحرص المسلمين على اغتنام الأيام والأزمان للاجتهاد في الطاعات، و تكثر التساؤلات حول فضل هذه الأيام وفضل العبادة فيها.
فضل ليلة النصف من شعبان
شهر شعبان هو الشهر الثامن من التوقيت الهجري، وهو من الشهور المعظمة التي يتسابق به المسلمون بالطاعات والأعمال الصالحة إلا أن هناك روايات كثيرة تتحدث عن فضل وأهمية ليلة النصف من شهر شعبان، ولكن أهل العلم أشاروا أن تلك الروايات موضوعة وضعيفة، فلم يرد في السنة النبوية الشريفة ما يؤكد فضل هذه الليلة أو مظاهر احيائها.
غير أن هناك أحاديث يؤخذ بها في أفضلية ليلة النصف من شعبان وقد قبل العلماء بالاحتجاج بها، ما ورد عن أبي ثعلبة الخشني -رضي الله عنه:
عن النبيّ عليه الصلاة والسلام: “يطَّلِعُ اللهُ إلى عبادِه ليلةَ النِّصفِ من شعبانَ؛ فيغفِرُ للمؤمنين، ويُمهِلُ الكافرين، ويدَعُ أهلَ الحقدِ بحقدِهم حتى يدَعوه”.
حكم ما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان
ذهب جمهور العلماء الى القول بأن كافة ما ورد من احاديث عن ليلة النصف من شعبان ضعيفة ولا يجوز الأخذ بها، وما ورد من مظاهر الاحتفال بالصوم أو احياء الليلة بالصلاة والقيام في المساجد ما هو الا بدعة ابتدعها البعض، ولا يجوز لنا الأخذ بهذه الروايات لضعفها وعدم ثبوت صحة سندها.
فقد ورد روايات كثيرة عن أفضلية ليلة النصف من شعبان إلا أن العلماء لم يصححوها ولم يحتجوا بها ومن هذه الروايات وما ورد عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- عن النبي عليه الصلاة والسلام: “يطَّلِعُ اللهُ إلى جميعِ خلقِه ليلةَ النِّصفِ من شعبانَ، فيَغفِرُ لجميع خلْقِه إلا لمشركٍ، أو مُشاحِنٍ”
أجمع الفقهاء على انه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة ما يدلل على فضل ليلة النصف من شعبان ولا أي مظهر من مظاهر الاحتفال بها، وما ورد من أحاديث ورايات ما هي الا أحاديث موضوعة وضعيفة، ومن تلك الأحاديث ما روى ابن ماجه والبيهقي في الشعب عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلتها وصوموا يومها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول: ألا مستغفر فأغفر له؟ ألا مسترزق فارزقه؟ ألا مبتلى فأعافيه؟ ألا سائل فأعطيه؟ ألا كذا، ألا كذا؟ حتى يطلع الفجر”.
ماذا حدث في ليلة النصف من شعبان
ذهب كثير من العلماء بالقول أن في ليلة النصف من شعبان تم تغيير القبلة من المسجد الأقصى في القدس الى المسجد الحرام في مكة المكرمة، وقد ورد في كتب السنة الشريفة ما يدلل على صحة هذا القول، فعن عبد الله بن عمر رض الله عنه حين قال: “بيْنَا النَّاسُ بقُبَاءٍ في صَلَاةِ الصُّبْحِ، إذْ جَاءَهُمْ آتٍ، فَقالَ: إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ أُنْزِلَ عليه اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وقدْ أُمِرَ أنْ يَسْتَقْبِلَ الكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، وكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إلى الشَّأْمِ، فَاسْتَدَارُوا إلى الكَعْبَةِ”، وفي بعض الأقوال أن هذه الواقعة حدثت في السنة الثانية بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة الى المدينة المنورة.
حكم صيام النصف من شعبان
لقد أجمع علماء المسلمين على عدم جواز صيام النصف الثاني من شهر شعبان لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ” إذا انتصف شعبانُ ، فلا تصوموا حتى يكونُ رمضانُ”. وفي الحديث مايدل على كراهة الصيام في هذا اليوم، ولكن إن كان صيام يوم النصف من شعبان على أنه يوم من الأيام البيض الثلاثة التي يستحب فيها الصيام وهي اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر قمري.
فذلك جائز بل وإنه مستحب لأن صيام هذه الأيام من النوافل، بينما إفراد يوم النصف من شعبان بالصيام اعتقاداً لفضله عن باقي الأيام فذلك لا يصح بإجماع العلماء لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من نهي لصيام النصف الثاني من شعبان ويستثنى من ذلك من صام بداية شعبان، ومن كان معتاداً على الصيام، ومن كان عليه قضاء أو نذر أو كفارة.
ما حكم قيام ليلة النصف من شعبان
اختلف العلماء في جواز إفراد قيام ليلة النصف من شهر شعبان إلى قولين وهما كما يلي:
- الرأي الأول: من يثبتون أفضلية ليلة النصف من شعبان فقد قال ابن رجب في كتاب لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف: “كان التابعون من أهل الشام، كخالد بن معدان ومكحول، ولقمان بن عامر وغيرهم، يعظمونها، ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها”.
- والرأي الثاني: من ينكرون فضل ليلة النصف من شعبان ويطعنون في صحة الأحاديث والروايات الواردة بأفضلية ليلة النصف من شعبان، وأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة اجتماعهم ليلاً لإحياء هذه الليلة، وأن كل ما ورد في شهر شعبان من صحيح هو حديث عائشة رضي الله عنها ” ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان.
ليلة النصف من شعبان عند الشيعة
تعد ليلة النصف من شعبان عند الطائفة الشيعية من أفضل الليالي بعد ليلة القدر، ويستدلون على فضل هذه الليلة ما ورد من أحاديث ينسبونها الى الامام الصادق، فقد قال الامام الباقر نقلاً عن الامام الصادق عندما سئل عن ليلة النصف من شعبان قال:
هي أفضل اللّيالي بعد ليلة القدر، فيها يمنح الله العباد فضله ويغفر لهم بمنّه، فاجتهدوا في القربة الى الله تعالى فيها فانّها ليلة آلى الله عز وجل على نفسه أن لا يردّ سائلاً فيها ما لم يسأل الله المعصية، وانّها اللّيلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بازاء ما جعل ليلة القدر لنبيّنا (عليه السلام)، فاجتهدوا في دعاء الله تعالى والثّناء عليه، وقد ورد فيها أعمال أفضله.
حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان ابن باز
شهر شعبان من الاشهر المباركة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر الصيام فيه، ولكنه لم يرد عن رسولنا الكريم ولا الصحابة الأجلاء أنهم كانوا يحيون ليلة النصف من شعبان بأي من مظاهر الاحتفال، فقد أجمع علماء الدين أن كافة مظاهر الاحتفال بهذه الليلة ما هي الا بدعة أحدثها بعض الناس، فقد ورد في فضلها عدد من الأحاديث الضعيفة التي لا يجوز الاعتماد عليها.
في ختام مقالنا فضل ليلة النصف من شعبان نؤكد أنه لم يثبت في كتب السنة النبوية الشريفة ما يثبت فضل ليلة النصف من شعبان، فلا يجوز الاحتفال به فهو بدعة لا يجوز اتباعها.