كيفية اكتشاف مرض التوحد عند الأطفال .. أساليب العلاج

كيفية اكتشاف مرض التوحد عند الأطفال .. أساليب العلاج

التوحد هو حالة من العزلة تصيب الطفل، مما يؤدي إلى ظهور مشكلات نفسية وعصبية. أغلب حالات التوحد تظهر في الطفولة.

ما هي أسباب التوحد عند الأطفال؟

هناك نظريتين لتفسير أسباب التوحد, وهما:

1-النظرية البيئية:

أرجع بعض علماء النفس أسباب التوحد إلى التنشئة غير السليمة للأطفال، ثم جاءت بعض النظريات النافية لهذا الأمر، إذ أن معظم حالات التوحد تظهر قبل عمر العامين، وقد يكون دور الأم في تحسين صحة الطفل النفسية كبيرا، ومع ذلك ينصح بفترة علاج نفسي للطفل ووالديه حتى يستطيعوا القيام بدور فعال في علاج الطفل الأمر الذي يدل على تسبب الأهل في المشكلة بشكل أو آخر، كما أن بعض المراكز الخاصة تمنع الأهل من زيارة أبنائهم انطلاقًا من هذه النظرية لاعتقادهم أن هذا العزل قد يبعد الطفل عن مصدر المرض.

2-النظرية البيولوجية:

اختلف بعض العلماء مع النظرية البيئية, وأكدوا أن السبب في التوحد هو سبب بيولوجي بحت وبرهانهم في ذلك نتائج الأبحاث التي أكدت ظهور التوحد على الأطفال منذ الولادة أي قبل أن يكون للوالدين أي تأثير على أطفالهم.

وبالرغم من أن أسباب التوحد غير واضحة فإن العديد من علماء النفس دعموا النظرية البيولوجية عن النظرية البيئية.

وقد أجريت العديد من الأبحاث التي لم تصل إلى سبب مؤكد للإصابة بالتوحد، لكن جميعها أجمع على وجود خلل وظيفي في الجهاز العصبي المركزي، بالإضافة إلى أسباب أخرى قد تسبب التوحد, منها الاتي:

– نوع من أنواع الحمى التي قد يصاب بها الطفل قبل عمر السنتين.
– المشاكل الأسرية مثل انفصال الوالدين أو هجر الأب للأم، وغالبًا ما يظهر تأثير هذه المشكلات بعد عمر الثلاث سنوات.
– العوامل الوراثية وتاريخ الأمراض العقلية للعائلة.
– الولادة المبكرة.
– بعض الأمراض التي تصيب الأم أثناء الحمل.
– تجاهل الأم لطفلها أو عقابه المستمر على بعض السلوكيات، الأمر الذي يؤدي إلى عدم قدرة الطفل على التواصل، وافتقاره للمهارات الأساسية في التعامل.
وبشكل عام، فمعظم النظريات التي أشارت إلى أن التوحد مرض عقلي قد سقطت حاليًا، الطفل المتوحد ليسوا عنيد كما يعتقد البعض كما أن اكتشاف العوامل السيكولوجية والنفسية مازالت في تطور مستمر حتى الآن.

ما هي أعراض التوحد؟

هناك عدة أعراض من معرفتها يمكن تشخيص نوع الاضطراب الذي يعاني منه الطفل ومنها:

المهارات الاجتماعية: الطفل المصاب بالتوحد يحب البقاء وحيدا وليس لديه مهارة التواصل مع الآخرين.
السلوك: يعاني الطفل المتوحد من العدوانية تجاه الذات, كما لا يشعر بالآخرين.
الاتصال: يعاني الطفل المتوحد من اضطراب في اللغة فلا يستطيع استخدام الكلمات التي تعبر عما يريد قوله, كما يعاني من قلة الانتباه.
الإدراك الحسي: استجابة الطفل المتوحد تجاه المثيرات الحسية كالسمع والتذوق والشم قد تكون كبيرة جداً وقد تكون قليلة جداً.

ما هي الاضطرابات التي يعاني منها الطفل المتوحد؟

بحسب تقسيم علماء النفس للاضطرابات النفسية للطفل المتوحد, هناك اضطرابات أساسية، واضطرابات ثانوية كالتالي:

أولًا: الاضطرابات الأساسية

1-استجابات غير عادية للخبرات الحسية:

تعتقد أم الطفل المتوحد أنه لا يسمع إذ أنه يد صعوبة في استخدام المعلومات الحسية التي يستقبلها دماغه. فهو مثلا لا يستجيب للأصوات العالية او النداء, ولكنه في نفس الوقت قد يستجيب لأصوات لا تجذب الانسان الطبيعي كصوت عقارب الساعة أو تنقيط الصنبور للمياه. وغالبا ما يعاني بعض أطفال التوحد من حساسية الصوت.

2-مشكلات التقليد الحركي:

يعاني الطفل المتوحد من صعوبة في التعلم بالتقليد، الأمر الذي ينتج عنه عدم فهم الحروف المتشابهة مثل (ح,ج)، أو عدم إدراك بعض المفاهيم كاليسار واليمين.

3-مهارات خاصة:

غالباً ما يمتلك الطفل المتوحد مهارات خاصة مثل:

المهارات التي لا تضمن اللغة مثل تجميع الأجزاء الميكانيكية والكهربائية.
الذاكرة القوية التي تظهر بسهولة في مرحلة الطفولة.
4-مشكلات تؤثر على اللغة:

من السمات الرئيسية للتوحد المشكلات المعرفية التي تؤثر سلباً على اللغة مثل التقليد أو البكم، فقد يكرر الطفل بعض الكلمات التي سمعها في الصباح، أو بعض الإعلانات التي يراها في التلفاز.

5-فحوصات بصرية غير عادية:

يستدم الطفل البصر المحيطي في رؤيته للأشياء أكثر من البصر المركزي, بمعنى أنه يلاحظ الأشياء المتحركة أكثر من تلك الثابتة امام عينيه, كما يشاهد التلفاز من زاوية عينيه, وأحياناً يتجنب وجوه الناس كونها مؤثرات بصرية.

6-مشكلات الضبط الحركي:

يعاني طفل التوحد من بعض المشكلات الحركية، لذا تجده يلوح بيديه إلى رجله، أو يقفز مرارا وتكرارا، أو يتأرجح على رجل واحدة عند سماع الموسيقى.

ثانيًا الاضطرابات الثانوية

1-ردود أفعال انفعالية غير ملائمة:

الطفل المتوحد ينقصه الإحساس الغريزي بالخوف من المخاطر فقد يصعد إلى السطح أو يمشي على السور, ومن الجهة الأخرى نلاحظ عليه ذعر شديد من أشياء غير منطقية, عموماً هم يعانون من اضطرابات عاطفية التي قد تجعلهم يبكون أو يضحكون في أوقات غير مناسبة.

2-عدم النضج الاجتماعي والصعوبات السلوكية:

يعاني الطفل المتوحد من ثورات غضب وصراخ لفترات طويلة، كما أنه يتسم بعدوانية غير مبررة، فقد يحاول ضرب معلمه، أو دخول منازل الآخرين للاحتفاظ ببعض الأشياء منها، وقد يقوم بخلع ملابسه في الشارع، أو يلجأ لإيذاء نفسه عن طريق ضرب رأسه بالحائط لدرجة قد تصل إلى النزيف.

3- الارتباط بالروتين ورفض للتغيير:

نظرا لأن طفل التوحد يتمتع بذاكرة قوية، فهو يتذكر كل تفاصيل منزله، الأمر الذي يغضبه كثيرًا عند تغيير أي شيء في الروتين اليومي الخاص به، ولكن بشكل عام لا يمكن التنبؤ بردود أفعاله، فقد يتقبل طفل فكرة الانتقال من منزل إلى آخر، بينما لا يتقبل تبديل غطاء السرير الذي ينام عليه.

ما هي أنواع التوحد ؟

تنقسم أنواع التوحد إلى ثلاث أقسام:

النوع الأول: يعاني الطفل من اضطرابات بالجهاز العصبي، تلك الاضطرابات يمكن اكتشافها وعلاجها في سن مبكر، وغالباً ما يتحسن حال الطفل في سن الخامسة وحتى السابعة.
النوع الثاني: تظهر أعراض النوع الثاني من التوحد بعد إتمام الطفل الشهر الثلاثين، ويصاحبه بعض أعراض الفصام.
النوع الثالث: يعاني الطفل في هذه الحالة من بعض الأمراض في الجهاز العضوي مثل الصمم، أو العمى، ويتميز هذا النوع بثلاث انحرافات شائعة، وهي الاضطراب في التواصل، وعدم الانتباه السمعي، واضطراب بالوعي.

طرق علاج مرض التوحد:

يمر علاج التوحد بمرحلتين أساسيتين:

المرحلة الأولى: يقدم فيها المعالج دعم كبير للطفل ويعمل على تحسين ثباته الانفعالى.

المرحلة الثانية: يركز المعالج على تطوير مهارات الطفل الاجتماعية من خلال توفير بيئة مساعدة من الناحية الانفعالية أثناء إقامة الطفل في المستشفى.

كما أن هناك عدة طرق أخرى لعلاج التوحد، من ضمنها الآتي:

1-العلاج البيئي:

يعمل هذا النوع من العلاج على حل مشكلة الرهاب الاجتماعي والتي تمثل أكبر المشكلات التي يواجهها المصاب بالتوحد, وذلك من خلال تشجيع الطفل على إقامة علاقات اجتماعية جيدة.

2-العلاج الأسري:

يهتمد هذا العلاج على تأهيل الأهل للتعامل معه الطفل وتقبل حالته ومن ثم يكون لديهم المقدرة على تعليم الطفل المهارات الأساسية التي يحتاجها لتحسين سلوكه.

3-العلاج التربوي:

تقوم فكرة العلاج التربوي على تعديل سلوك الطفل عن طريق وضع خطة علاجية مبنية على أسباب موضوعية وليس على انطباعات ذاتية، ويتميز العلاج التربوي بأنه يشرك الوالدين في العلاج، على عكس العلاج البيئي الذي يعتبر الوالدين سبب المشكلة و يستبعدهم، ويجب أن تتضمن البرامج التربوية إجراءات التعليم المباشر والتدريب على المهارات الأساسية، وكذلك يركز هذا البرنامج على الجوانب اللغوية وتحسين نطق الطفل المتوحد.

4-الإبر الصينية:

البعض يلجأ إلى استخدام الطب البديل من خلال حقن لسان الطفل بالإبر الصينية لتهدئته وتأهيله لاستقبال المعلومات أثناء العملية التعليمية.

5-العلاج بالأدوية:

قد يعتمد الطبيب هذه الطريقة في تهيئة الطفل للتعلم من خلال وصف أدوية مضادة للاكتئاب تحد من توتر الطفل وقلقه, وأدوية أخرى لعلاج فرط الحركة.

6-العلاج البديل:

لعلاج حساسية الصوت لدى الطفل المتوحد يمكن استخدام الموسيقى كعلاج بديل يساعده على الاسترخاء, مع استخدام بعض الأدوات التي تعمل على تحسين الإدراك الحسي للطفل.

7-العلاج السلوكي:

يقوم المعالج في هذه الطريقة من العلاج بخلق عالم افتراضي للطفل ويحاول تدريبه على التعامل مع هذا العالم, ذلك بغرض تعليمه بعض المهارات السلوكية ليتمكن من التواصل وليقل لديه الرهاب الاجتماعي.

8-علاج التخاطب:

يهدف هذا العلاج إلى تحسين اللغة لدى الطفل, فيقوم المعالج بعقد عدة جلسات يعلم فيها الطفل النطق السليم للحروف والكلمات.

التعامل مع الطفل المتوحد

نقدم لكِ مجموعة من الخطوات يجب أن تقومي بعملها أثناء التعامل مع طفلك المصاب بمرض التوحد ومنها الآتي:

  • تقدير الحالة النفسية الخاصة بطفلك، هناك أشياء تفرحه وأشياء تحزنه، لذلك يجب معرفة الحالة النفسية الخاصة به وتقديرها، ومحاولة إسعاده بشكل دائم.
  • تنمية القدرة والثقة بالنفس الخاصة بالطفل، فهو دائمًا يعاني من انعدام الثقة، لذلك يجب على أمه أن تتعامل معه دون صراخ، بل تتعامل بمبدأ التحفيز الذي يزيد من ثقته بنفسه ويجعل لديه نوع من الاستقلالية والاعتماد على النفس بشكل كبير في كل مايطلبه.
  • تقريب الطفل مع الأطفال العاديين الآخرين، لأنه في الغالب الطفل المتوحد لايحب التعامل مع الأطفال في سنه لأنهم لا يفهمونه، ولكن محاولة تقريبه من الأطفال الآخرين، وتعليمه كيف يلعب معهم ويتفاعل تجاههم أمر مطلوب في معاملته.
  • توحيد طرق التعامل مع الطفل المتوحد، سواء في المنزل، المدرسة، أو في أي منطقة يذهب إليها، يجب أن يكون أسلوب التعامل معه واحد في كل شئ حتى نرى تحسن في صحته بشكل عام.
  • التدريب على اللعب بشكل مستمر، لأن اللعب له دور كبير في النمو، فهو يقوم من خلال اللعب بتفريغ الاضطرابات الانفعالية التي يعاني منها، لذلك تدريبه على اللعب، ومشاركة الآخرين في اللعب، وتنظيم الألعاب في أشكال منظمة هو أمر ضروري وهام جدًا له.
  • التواصل مع الآخرين والتركيز على فعل ذلك، ويكون ذلك من خلال تنمية التواصل سواء كان بصري أو لفظي، مثل تشجعيه على النظر في وجه من يتحدث دون خوف، وفي حالة لديه القدرة على الكلام تشجيعه على الكلام مع من يريد بالشكل المثالي.
  • نهي الطفل عن أداء الحركات النمطية التي يقوم بها سواء في الليل أو في النهار، وذلك من خلال إشغاله بأشياء آخرى يقومو بفلعها ليبتعدو عن الحركات النمطية.
  • التأكد من أن الطفل المتوحد يفهم ويعي ما نخبره به من نصائح تساعده على النجاح، ففي بعض الأحيان يكون رافض للتدريب وهذا يعود لأنه لايشعر بأن المدرب يفهمه.

أخطاء في التعامل مع الطفل الذي يعاني من التوحد

 

يوجد عادات خاطئة في التعامل مع الطفل الذي يعاني من التوحد ومن أهمها مقارنته بالأطفال الآخرين من نفس فئة سنه، ومن بين هذه الأخطاء مايلي:

  • الإصابة بالتوحد لا تعني غباء الطفل، الفكرة كلها أن مخ الطفل المتوحد يكون مختلفًا عن الأطفال الآخرين.
  • في حالة قيام الطفل بهز جسمه لايجب أن نقوم بتعنيفه، بل يجب أن تقوم أمه بحضنه حتى يكف عن عمل ذلك.
  • لا تقومي بتأنيب الطفل أو إحساسه بأنه لا يبكي عندما يتألم، أو لايضحك عندما يفرح، أو بكاءه وفرحه بعد وقت طويل من الحدث، لأن ذاكرته تتأخر في الإفصاح عن المشاعر.
  • يجب على أم الطفل المصاب بالتوحد أن تحاول أن تسعده دائمًا بكل الطرق الممكنة، لأنه كما أخبرناكي أن ذاكرته تتأخر في الإفصاح، فشحن مخزون من السعادة سيجعله سعيد لفترات طويلة.
  • لاتحاولي بأي شكل من الأشكال أن تعاملي طفلك المتوحد بالضرب أو العقاب الجسدي، لأن هذا يؤدي إلى مشاكل نفسية كثيرة له.