مقتنيات متحف الشارقة للآثار إمارة الشارقةّ

مقتنيات متحف الشارقة للآثار إمارة الشارقةّ
متحف الشارقة للآثار

لقد أولى حضرة صاحب السمو الشيخ الدكتور / سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة اهتمامه البالغ بالعلم والثقافة وتشييد الصروح اللائقة لها، من هنا جاءت توجيهات سموه بتشييد مبنى جديداً لمتحف الشارقة للآثار تحفظ فيه الآثار الإرث الغالي للأجداد ومعهداً تعليمياً للأبناء ورافداً من روافد الثقافة التي تزخر بها الشارقة عاصمة الثقافة.

ووجه سموه الكريم بأن يكون الأسلوب المتبع في عرض الآثار بعيداً عن الجمود والرتابة وعلى أساس يجمع بين العرض التقليدي وبين العلم والتكنولوجيا، وبذلك جاء متحف الشارقة للآثار نموذجاً فريداً من نوعه بين متاحف العالم الأثرية.

أفتتح صاحب السمو حاكم الشارقة المبنى الجديد لمتحف الشارقة للآثار في العاشر من شهر مايو من العام 1997 م.

متحف الشارقة للآثار

ويقع المتحف في منطقة حلوان إلى جانب المتحف العلمي مباشرة والواقع بجوار محطة تلفزيون الشارقة . يتكون المتحف من بناء واسع يضم إضافة إلى قاعات عرض الآثار قاعة حديثة للمؤتمرات ومكتبة تحتوى على مجموعة من الكتب والمجلات والدوريات والتقارير المتخصصة في علم الآثار والتاريخ القديم ، ومختبراً حديثاً مزوداً بالمعدات والمواد اللازمة لمعالجة وترميم القطع الأثرية ، ومخزناً كبيراً لحفظ الآثار إضافة إلى الجناح الإداري.

الشارقة
متحف الشارقة للآثار

 

لقد أعتمد أسلوب التسلسل الزمني في تصنيف الآثار وعرضها خلال قاعات المتحف أبتدأً بأقدم الآثار التي تم اكتشافها في إمارة الشارقة لحد الآن وانتهاءً بالفترة التي تسبق ظهور الإسلام .

كما زودت قاعات العرض بأجهزة الكمبيوتر التى تمكن الزائر من استخدامها بطريقة سهلة من أجل الحصول على مزيد من المعلومات التي تخص القطع الأثرية المعروضة كما توفر بعض الألعاب المسلية للأطفال ذات العلاقة بمواضيع المتحف ومعروضاته الأثرية . بالإضافة إلى توفير شاشات عرض سينمائية يتمكن الزائر من خلالها من مشاهدة سبعة أفلام باللغتين العربية والإنجليزية تصور سلسلة من الأحداث والأنشطة البشرية بطريقة شيقة وممتعة تثير اهتمام الزائرين وتحفزهم على مشاهدة معروضات المتحف.

متحف الشارقة للآثار إمارة الشارقةّ

تتميز الإمارات العربية المتحدة بأن لها تاريحاً طويلاً ورائعاً بحكم موقعها في الزاوية الجنوبية الشرقية من شبه الجزيرة العربية وطبيعتها الجغرافية المتنوعة ذات الجبال والصحارى والبحار.

لقد زودت مياه الخليج العربي ذات الطبيعة الضحلة والمحمية والصحارى والجبال والوديان بعناصر الجمال وإحساس المغامرة واللغز لعلماء الآثار لخوض غمار هذه التجارب الخلابة.

إن مثل هذه البيئات المختلفة توجد مجتمعة ضمن إمارة الشارقة حيث تكمن الأدلة التي تشير إلى تاريخ وثقافات الناس القدماء الذين عاشوا هنا سابقاً، وكل ما يتوجب علينا عمله هو أن ننظر.

وصف متحف الشارقة للآثار

إن أول ما يواجه الزائر عند دخوله المتحف هو القاعة التي تحمل شعار “ما هو علم الآثار” والغرض من إنشاء هذا القسم هو إعطاء الزائر فكرة عامة عن مفاهيم علم الآثار وكل ما يتعلق به من عمليات مسح وتنقيب أثري.

ويضم هذا القسم أيضاً قاعة عرض واسعة يشاهد فيها الزائرون فيلماً يوضح أن علم الآثار ما هو إلا عملية ترمي إلى كشف الحقائق وتلقى بذلك ضوءً جديداً على مفهومنا للماضي ووضعنا الحاضر فيما يتعلق به . ويظهر الفيلم عمليات التنقيب الأثرى ومراحل اكتشاف الآثار وتصويرها وتسجيلها ومعالجتها وترميمها بالاعتماد على أحدث الأساليب العلمية.

ويضم هذا القسم أيضاً قاعة عرض واسعة يشاهد فيها الزائرون فيلماً يوضح أن علم الآثار ما هو إلا عملية ترمي إلى كشف الحقائق وتلقى بذلك ضوءً جديداً على مفهومنا للماضي ووضعنا الحاضر فيما يتعلق به. ويظهر الفيلم عمليات التنقيب الأثرى ومراحل اكتشاف الآثار وتصويرها وتسجيلها ومعالجتها وترميمها بالاعتماد على أحدث الأسالي.

حياة الماضي : 

في القاعة التي تحمل هذا العنوان يبتدأ الزائر جولته خلال الحقبات الزمنية المختلفة التي تضم قاعات المتحف المخلفات المادية التابعة إلى كل منها مستهلاً جولته في هذه القاعة التي تضم أقدم ما تركه لنا الإنسان استناداً إلى الأدلة الأثرية المتوفرة لحد الآن ، وبعد مشاهدة بعض النماذج الأثرية الكبيرة التي تزين جدران أروقة المدخل يشاهد الزائر فيلماً يعتبر مدخلاً إلى المتحف بشكل عام ، حيث نشاهد الماضي المشبع بالرومانسية والغموض ، ويروي قصة الكفاح المرير الذي نتتبع من خلاله ظهور الحضارة في منطقة الخليج العربي.

وتدور مشاهد الفيلم حول جغرافية الخليج ، متنقلين من السهول الساحلية الخصبة عبر الصحاري والجبال إلى الاخوار واشجار القرم .

ويعكس الفيلم المتطلبات الأساسية و الطرق التي واجه بها الناس نفس التحديات خلال الزمن،  ويحفز الفيلم المشاهد ويثير في نفسه الرغبة والحماس في تعلم المزيد عن الماضي وحب الاكتشاف.

مقتنيات متحف الشارقة للآثار

العصر الحجري :

5000 إلى 3000 ق . م. ندخل الآن البوابة الزمنية الأولى لنطّلع على ما خلفه لنا الإنسان من القديم من مواد أثرية تعد الأقدم التي تم العثور عليها في إمارة الشارقة حتى هذا اليوم كما نشاهده في هذه الخزانة التي تحمل الرقم (1) والتي عرضت فيها نماذج أصلية من الآلات والأدوات الحجرية التي استعان بها الإنسان في إنجاز مهماته اليومية وفي الخزانة رقم (3) نشاهد مجموعة من الحلي الشخصية والقلائد المكونة من خرز عديدة مختلفة الأشكال والأحجام ، وكذلك الأصداف وكانت هذه الحلي تزين رقاب الموتى عند دفنهم، وفي الخزانة المقابلة رقم (4) نشاهد نماذج من الأصداف والقواقع التي تمتلأ بها الأخوار حيث توجد أشجار القرم ، وكانت الأصداف تمثل مصدراً مهماً للغذاء، ويمكننا اليوم مشاهدة تراكمات هائلة للأصداف التي كانت قد التقطت لغرض الاستهلاك ثم طرحت جانباً في وقت لاحق، وذلك على امتداد حافات الأخوار السابقة كما هو الحال في منطقة الحمرية بـ الشارقة.

في هذه الخزانة رقم (2) نشاهد قطعاً فخارية من نوع الفخاريات المسماة فخار العُبيد نسبة إلي تل العُبيد الواقع في جنوب العراق ، حيث تم اكتشاف هذا النوع من الفخار الأول مره هناك وتؤرخ هذه الفخاريات إلي فترة الألف الخامس ق.م.

وقد وجدت هذه الفخاريات في موقع الحمرية المطل على ساحل الخليج العربي ، إن وجود هذا النوع من الفخار هنا يعتبر دليلاً على الاتصال الحضاري مع جنوب العراق كما وتشير إلي أن سكان السواحل الخليجية كانوا تجاراً متمرسين في ذلك الوقت.

كما ونشاهد في هذه القاعة نماذج لهياكل عظمية بشرية تم اكتشافها في منطقة جبل البحيص وهى في الأصل من بين مئات الهياكل العظمية البشرية التي عثر عليها داخل مستوطنة تعود إلي عصور ما قبل التاريخ أمكن تأريخها بواسطة الكاربون المشع إلي أوائل الألف الخامس ق.م ، وهي بذلك تمثل أقدم مستوطنة بشرية تم اكتشافها في منطقة جنوب شرق الجزيرة العربية لحد الآن.

العصر البرونزي :

3000 – 1300 ق . م.  مع دنو الألف الثالث ق . م توفر دليل على تجديد الاتصال مع بلاد وادي الرافدين ، ومنذ أواخر الألف الرابع ق . م، كانت هناك إشارات في نصوص وادي الرافدين القديمة إلى مكان يسمى دلمون، ونحو نهاية الألف الثالث ، حوالي 2330 ق . م جاء ذكر دلمون مع مكانين آخرين هما مجان وملوخا. وقد قامت هذه الأماكن الثلاثة بتجهيز دويلات المدن في جنوب وادي الرافدين بسلسلة واسعة من المواد الخام والبضائع المجلوبة ، وتشكل هذه أخشاباً وأحجاراً ونحاساً.
لقد اقترن اسم دلمون بجزيرة البحرين والمناطق المجاورة في المملكة العربية السعودية ، بينما تم تعريف ” جبال مجان النحاسية ” على كونها المنطقة الممتدة في جنوب شرق الجزيرة العربية والتي تتطابق مع الإمارات العربية المتحدة وعُمان أما المكان الثالث ملوخا فيتطابق بشكل عام مع منطقة وادي السند.

ان الاتصالات المتجددة مع بلاد وادي الرافدين والتي تظهر بوضوح في البقايا الأثرية المكتشفة في الإمارات العربية المتحدة وعُمان منذ نهاية الألف الرابع، لتعتبر دلالة مبكرة على العلاقات التجارية المتطورة لمجان مع الأقطار المحيطة، كما تم وصفها في نصوص وادي الرافدين بعد حوالي سبعمائة عام. ويشمل الدليل فخاريات مستوردة من وادي الرافدين مرة أخرى ، والتي تم العثور عليها في عدد من القبور. وهذه القبور هي من نوع فريد تتميز به الإمارات العربية المتحدة وعُمان في هذا الزمن عندما أصبحت من الملامح العامة والبارزة في صورة البلاد.

وتأخذ هذه القبور شكل أكوام حجرية كبيرة غالباً ما تقع عند مداخل الوديان على شكل مجاميع بارزة للعيان بشكل واضح . تزودنا القبور بدلالة على التوزيع المحتمل للمستوطنات ويوجد هناك دليل يشير إلى أن اقتصاد الواحة القائم على الزراعة كان قد أدخل في هذه الفترة.

وبحلول 3000 ق.م كانت الزراعة قد أرست دعائمها وكانت الحنطة والشعير والتمور من المحاصيل المنتجة مع رعي الأغنام والماعز والماشية والتي تم إدخالها في تاريخ سابق ، كما أظهرت المواقع الساحلية ، أمكن ترسيخ المستوطنات في العديد من المناطق الداخلية حيث كانت توجد كمية وافرة من المياه لغرض الري.

الفترة الممتدة من 2500 إلى 2000 ق . م . يُشار إليها في الإمارات العربية المتحدة وعُمان بفترة “أم النار” ، وقد أُخذ هذا الاسم من جزيرة صغيرة بالقرب من أبوظبي حيث أنتجت التنقيبات الأثرية التي قام بها الدنماركيون لأول مره في الستينات دليلاً على وجود هذه الفترة . أحد التطورات الجديدة في هذا الزمن هو إدخال نوع جديد من القبور. ويتميز القبر النموذجي لفترة أم النار بكونه دائري الشكل ، وتُظهر بعض القبور الموجودة في جزيرة أم النار رسوما بالنحت البارز على الجدار الخارجي ، وتصور هذه الرسوم حيوانات برية مثل الغزلان والأفاعي وكذلك حيوانات مدجنه مثل الماشية.

ويوجد كذلك عدد من رسوم الجمال، وربما كان تدجين الجمال قد حدث خلال هذه الفترة. أظهرت التنقيبات التي جرت في كل من هيلي وتل الابرق وخور كلباء بأن الصفة المميزة لمستوطنات هذه الفترة هي تشييد أبراج دفاعية كبيرة .  ومن المحتمل أن تكون مثل  هذه الأبراج قد شيدت في الفترات السابقة أيضاً، أي منذ بداية الألف الثالث، وهكذا فأنها تمثل جزءاً من تقليد محلي طويل وراسخ.  وتم مؤخراً اكتشاف قبراً كبيراً يبلغ قطره 14 م ، ويعود إلى فترة أم النار في موقع مليحة في إمارة الشارقة.

ازدهار الصناعات الفخارية ومجموعة كبيرة من الصناعات الأخرى منذ بداية الألف الثالث بدأ بإنتاج فخار محلي شهدته فترة أم النار.

وكانت  الأواني الحجرية المتميزة هي إحدى المواد التي صُنعت  وانتشر استعمالها بشكل واسع ، ليس محلياً فقط ، ولكن أيضاً إلى أماكن في جنوب العراق والبحرين وإيران والهند . وعلى نحو مماثل استمر وصول المواد المستوردة إلى جنوب شرق الجزيرة العربية .

ويعكس التوزيع الناتج للبضائع المستوردة والمصدرة  شبكة الصلات التجارية التي ورد ذكرها في نصوص وادي الرافدين من أواخر الألف الثالث.
فترة وادي سوق 2000 إلى 1300 ق . م

تشير التنقيبات الحديثة الى أن العديد من مستوطنات الألف الثالث استمرت قيد الاستعمال خلال فترة الألف الثاني التالية. من ناحية أخرى هناك تغيرات أساسية طرأت على عمارة القبور وسلسلة الفخاريات والمواد الأخرى التي أُنتجت.

لقد استبدلت قبور أم النار المتميزة بنوع جديد من القبور، وغالباً ما شُيدت هذه الأنواع الجديدة من القبور تحت مستوى الأرض ، كما تُظهر الأمثلة التي تم تنقيبها في جبل البحيص وخور كلباء.

وحتى زمن ليس بعيداً، كان يعتقد بأن فترة وادي سوق قد انتهت في حوالـي 1700 ق . م . وتلتها “فترة مظلمة” حتى العصر الحديدي في بداية الألف الأول ق . م . ولكن التنقيبات التى جرت حديثاً في عدد من المواقع مثل تل الأبرق على ساحل الخليج ومنطقة جبل البحيص في القاطع الأوسط من الشارقة أظهرت بأن الحالة لم تكن في الواقع كما كان يعتقد وبأن فترة وادي سوق قد استمرت حتى بداية العصر الحديدي في حوالي 1300 ق . م ويشاهد الزائر في هذه القاعة أهم المكتشفات التي حققتها بعثة التنقيب الأثرية المحلية في منطقة جبل البحيص والتي تتمثل بمجموعة كبيرة ومنوعة من الأوعية الفخارية ذات الزخارف المصبوغة والأواني المصنوعة من حجر الاستيتايت الناعم ، ومجموعة كبيرة من رؤوس السهام ورؤوس الرماح المصنوعة من النحاس / البرونز ، إضافة إلى نماذج لبعض القبور المكتشفة والتي تعود جميعها إلى فترة وادي سوق في الألف الثاني ق . م.

ويشاهد الزائر في هذه القاعة فيلماً يظهر التعقيد المتزايد في أسلوب حياة السكان شبه البدو، ونشاهد هنا زراعة الشعير والحنطة والتمور وصناعة رؤوس السهام من النحاس والبرونز، وكذلك مواد الزينة والأوعية والسكاكين والفخار ودخل الكثير من هذه المصنوعات في التجارة مع وادي الرافدين واليمن وإيران.

العصر الحديدي :

العصر الحديدي ( حوالي 1300 ـ 300 ق . م .) يبدو أن العصر التالي وهو الذي يُطلق عليه العصر الحديدي قد شهد نمواً وازدياداً في عدد المستوطنات وربما يُعزى هذا إلى تطور نظام الفلج . وهذا يعتبر نوعاً متطوراً من نظام الري حيث يتم جلب المياه من مصدرها إلى الحقول المزروعة عن طريق نظام للقنوات تحت الأرض.

ومكّن هذا من تطوير العديد من المناطق التي لم يكن بالإمكان زراعتها سابقاً ، وكذلك اتساع المناطق المزروعة، وكنتيجة لذلك ، نجد مواقع العصر الحديدي منتشرة خلال جميع أرجاء الإمارات العربية المتحدة وعُمان  ، وكما كان يُتوقع فإن هناك مجموعة كبيرة ومتنوعة من المواقع.

واصل الإنسان استيطان المواقع الساحلية على امتداد شواطئ الخليج ، وهناك قرى صغيرة وجدت في المناطق الجبلية على طول مجاري الوديان الرئيسية ويتوفر لدينا دليل على وجود قرى كبيرة ذات بيوت مشيدة من اللبن، كما يتضح ذلك في الثقيبة ومويلح في إمارة الشارقة، عرضت نماذج فيها في هذه القاعة إضافة إلى مجموعة منوعة من الصناعات الفخارية والحجرية والدمى الطينية ومواد الزينة الشخصية التي تم العثور عليها في هذه المواقع.

يشاهد الزائر في هذه القاعة فيلماً يمثل حياة سكان الواحات الذين أسسوا نظاماً اقتصادياً قائماً على أنظمة الفلج الذي ساعد كثيراً على أتساع وتطور المستوطنات الزراعية وقيام مجتمعات مستقرة مما أدى إلى ظهور التجارة والصناعات مثل صناعة النحاس.