مرض اضطراب المناعة الذاتية العصبية في الأطفال PANS

مرض اضطراب المناعة الذاتية العصبية في الأطفال PANS

في أحيان قليلة قد تؤدي إصابة الطفل بعدوى ميكروبية أو جدري الماء أو مرض لايم أو الالتهاب الرئوي إلى حدوث مرض مزمن ونادر ، لا يغير الجسم فحسب ولكنه يؤثر على عقول الأطفال ، وهنا سوف نشرح كل ما تحتاج إلى معرفته عن مرض اضطراب المناعة الذاتية العصبية في الأطفال PANS .

مرض اضطراب المناعة الذاتية العصبية في الأطفال PANS

حالة كاتلين

في أحد الأيام من عام 2012 استيقظت الطفلة كاتلين بولمان البالغة من العمر سبع سنوات ، وهي تعاني من ألم في المعدة وارتفاع في درجة حرارة الجسم ، وقام الأطباء تشخيصها بالإصابة بالتهاب الحلق ، ولذلك بقيت كاتلين في المنزل حتى ترتاح .

في صباح اليوم التالي بدلًا من أن تستلقي كاتلين على الأريكة ظلت تركض من مكان لأخر وتصرخ لأنها ترى العناكب في كل مكان ، وظلت تبكي دون سبب واتسع بؤبؤ عينيها ورفضت أن تأكل ، كما أنها ظلت تقفز وتنادي على والدتها ديانا لساعات .

تم تشخيص حالة كاتلين على أنها أعراض متلازمة نفسية عصبية حادة تصيب الأطفال معروفة باسم  PANS ، وهذا المرض غير مألوف ومثير للجدل ، ويعتقد الأطباء أنه يحدث نتيجة إصابة الطفل بعدوى بكتيرية ، وفي بعض الأحيان يحدث نتيجة الإصابة بجدري الماء أو مرض لايم أو الالتهاب الرئوي ، وهو يؤدي لحدوث اضطراب نفسي مفاجئ وهذا أمر محير جدًا .

وعندما يحدث المرض نتيجة لعدوى ميكروبية يسمى PANDAS أو اضطرابات المناعة الذاتية العصبية الذاتية عند الأطفال المصاحبة للالتهاب العقدية  .

اكتشاف الحالة لأول مرة
تم التعرف على تلك الحالة لأول مرة منذ حوالي 30 عامًا ، ولكن مازال الأطباء حتى الآن يناقشون أعراض الحالة وطريقة التعرف عليها ، وذلك بسبب نقص الأبحاث الخاصة بهذا المرض ، وحتى أنهم لا يعرفون عدد الأطفال المصابون بتلك الحالة .

تم نشر أول بحث تشخيصي رسمي عن مرض  PANS في مجلة Child and Adolescent Psychopharmacology  عام 2015 ، واتبعها نشرة بمعايير العلاج التي اتبعها الأطباء في عام 2017 ، وقد كانت هذه المعايير حاسمة بالنسبة لأطفال مثل كاتلين والذي ظل بعضهم لشهور وحتى لسنوات دون أن يستطيع الأطباء تشخيص حالتهم .

ما هو PANS ؟

السؤال المحير هنا هو كيف يصاب الطفل بالتهاب في الحلق فيسبب ذلك حدوث خلل عقلي لدى الطفل ؟! تشير الأبحاث إلى أن الأطفال الذين أصيبوا ب PANS  أو PANDAS قد أصابهم ضرر في العقد القاعدية وهي مجموعة من أجسام الخلايا موجودة في المادة البيضاء في الدماغ ، وهي تعالج المعلومات وتقرر ماذا تفعل بها ، كما أنها تلعب دورًا في تشكيل الذاكرة والاستدلال وتخبر العضلات كيف ومتى تتحرك .

وعندما تدخل الميكروبات إلى الجسم ، فإن الجسم ينتج أجسام مضادة لمحاربتها ، وهذه الأجسام تسير في مجرى الدم ، ويعتقد العلماء أن هذه الأجسام قد تنتقل عبر حاجز الدماغ وتتفاعل مع العقد القاعدية لدى بعض الأطفال وتسبب خلل عملها .

يقول الطبيب النفسي كيكي تشانغ ، وهو مؤلف رئيسي في المبادئ التوجيهية التشخيصية التي نشرت  “عندما يصاب الطفل يبدو كما لو أن النيران اشتعلت في أدمغتهم ” ، ويعتقد الخبراء في أن هذا التفاعل يحدث مع بعض سلالات البكتيريا فقط ولدى الأطفال الذين تم استنفاد نظمهم المناعية لأسباب غير معروفة  ، مما يجعل أجسامهم تفرط في رد الفعل تجاه الميكروب .

أعراض PANS ؟

للأسف لا يوجد أي اختبار مجهري يؤكد على وجدوى عدوى معينة تسببت في سلوك الطفل الغريب ، ولكن يشك الأطباء في الإصابة إذا وجدوا الطفل يرفض الطعام بشكل مفاجيء للغاية ، ويعاني من الوسواس القهري وذلك مصحوبًا بواحد أو أكثر من سبعة تغييرات سلوكية أخرى منها : ( الانفصال والقلق ، اضطرابات النوم ، التبول المتكرر ، الحساسية الحسية المفرطة ) .

ويقول الدكتور سويدو الذي كتب أول ورقة بحثية عن المرض : ” إذا لم يستطيع الوالدان تحديد اليوم الذي تغير فيهم طفلهما بالتحديد ، فهذا ليس مرض PANS  ” .

استطاعت والدة كاتلين تشخيص حالتها بسرعة لأن شقيق كاتلين الأكبر قد أصيب بنفس الحالة منذ عشر سنوات ، وهذا ما دفع ديانا إلى تأسيس شبكة PANDAS وهي منظمة غير ربحية للدفاع عن المرضى .

إن من عوامل خطر هذا المرض هي وجود أي نوع من اضطرابات المناعة الذاتية لدى الوالدين أو أحد الإخوة .

علاج PANS

يبدو أن العلاج الذي استخدمه الأطباء لعلاج كاتلين بسيط للغاية وهو المضادات الحيوية ، فقد وصف الطبيب لها ستة أسابيع من دواء أزيثروميسين ، تلاها حبوب تؤخذ ثلاثة مرات أسبوعيًا لمدة ثلاثة ستة أشهر أخرى ، وبالنسبة لأطفال أخرين فإن كل ما يحتاجون إليه هو جرعة من المضاد الحيوي لمدة عشرة أيام فقط .

ويقول دكتور سويدو : ” يمكن للمرضى أن ينتقلوا من المرض العقلي إلى حالة جيدة جدًا في خلال أيام قليلة  ، ولكن معظم الحالات تحتاج إلى دورة طويلة من العلاج ” .

وللأسف ليس جميع المرضى يتعافون تمامًا ، كما أن الأطفال الذين يتعافون يظلوا عرضة للإصابة بالمرض مرة أخرى ، فعندما يصاب جسمهم بأي عدوى مرة أخرى فإنها تحفز جهاز المناعة بنفس الطريقة مرة أخرى وهذا يؤدي لتكرار نفس الأعراض .

ماذا عن العدوى المتكررة ؟
استطاع الأطباء أن يطوروا علاج جديد يعمل على تعديل مناعة الجسم يسمى intravenous immunoglobulin  أو IVIG وهو عبارة عن محلول معقم تم استخلاصه من الأجسام المناعية الموجودة في دماء بعض المتبرعين ، وعلى الرغم من نتائجه الرائعة ولكنه لا ينجح مع كل المرضى وقد يعرض الطفل لمخاطر طبية أخرى ، ولكن بعض الآباء الذين يأسوا من علاج أطفالهم على استعداد للمجازفة حتى مع ارتفاع تكلفته .

ومع التقدم في تقنيات التصوير الإشعاعي قد يتغير الوضع لأن التهابات الدماغ لا يمكن اكتشافها بالرنين المغنطيسي ، ولكن تظهر بعض الأبحاث أن التصوير المقطعي قد يكون قادر على كشف المرض

ولكن أفضل ما يفعله الوالدين للطفل الذي سبق التقاطه للمرض هو محاولة إبقاؤه بعيدًا عن العدوى وإبعاد الطفل عن الضغوط العصبية حتى لا يصاب بالعدوى مرة أخرى .

إنضم لقناتنا على تيليجرام