يعدّ مشروع “مدينة مصدر” واجهة ناصعة للمبادرات الفريدة التي تبنتها دولة الإمارات في مجال الطاقة المتجدّدة، فـ”مدينة مصدر” هي المدينة الأولى على مستوى العالم التي تعتمد على الطاقة الشمسية، بشكل تام في توفير احتياجاتها من الطاقة، من دون الاعتماد على أيّ مصدر من مصادر الطاقة التقليدية.
ما يجعلها مدينة بلا انبعاثات كربونية، لتكون نموذجاً لمدن المستقبل صديقة البيئة، ويأتي “مجمع الشيخ محمد بن راشد للطاقة الشمسيّة” في دبي بدوره ضمن المبادرات المتميّزة التي تنفذها الدولة في المجال نفسه أيضاً، وهو المشروع الذي من شأنه أن يؤمّن نسبة معتبرة من احتياجات الطاقة لإمارة دبي بحلول عام 2030.
ما اهداف مدينة مصدر؟
وإلى جانب هاتين المبادرتين المهمّتين هناك العديد من المبادرات التي نفذتها الدولة، وما زالت تنفذها، من قبيل إنارة الشوارع، وتشغيل بعض المرافق العامة بالاعتماد على الطاقة الشمسيّة، بخلاف السياسة المشجعة التي تطبقها الدولة، التي تحث المؤسسات الخاصة والحكومية والمطوّرين العقاريين والأفراد على تبني خيارات الطاقة المتجدّدة كبدائل للطاقة مقابل تقليص الاعتماد على الطاقة التقليدية.
ويكون ذلك من خلال توفير المكوّنات والتجهيزات اللازمة لاستخدام الطاقة المتجددة بأسعار اقتصادية، ومنح ميزات اقتصاديّة للمشروعات والمؤسسات التي تعتمد حلولاً تساعد على استغلالها.
ما يميز مدينة مصدر؟
إن الجهود والاستثمارات السخيّة التي تخصصها دولة الإمارات لقطاع الطاقة المتجددة تحقق لها عدداً من الأهداف، فهي بداية تضمن لها تنويعاً لمصادر الطاقة بعيداً عن مصادر الطاقة التقليدية المعرّضة للنضوب، وبذلك فهي تضمن لها مستوًى أعلى من استقرار إمدادات الطاقة في المستقبل البعيد، وليس هذا فحسب، بل إن التوسّع في مصادر الطاقة المتجددة، ومن ثم تقليص الاعتماد على الطاقة التقليدية، يمكّن الدولة من الحد من مستويات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وهو المكسب الذي سيكون ذا قيمة كبيرة بالنسبة إلى الدّولة، حيث تعاني ارتفاع نصيب الفرد من هذه الانبعاثات، وتقع ضمن أعلى دول العالم في هذا الشأن. وبخلاف هذه المزايا المهمّة، فإن التوسع في قطاع الطاقة المتجدّدة يعني المزيد من التنويع لمصادر الدخل الوطني للدولة، بعيداً عن القطاع النفطي، وهو ما يأتي ضمن الرؤية المستقبليّة طويلة المدى التي تسعى إليها الدولة، ما سيضفي المزيد من الاستقرار على الأداء الاقتصادي والتنموي لديها، ويحصّن الاقتصاد الوطني ضد الأزمات المالية والاقتصادية العالمية.
ما هي أهم الانجازات التي حققتها مدينة مصدر؟
وعدم الاستقرار الذي يمكن أن يتعرّض له جراءها، هذا بالإضافة إلى الوفورات التنمويّة الكبيرة التي تنتج عن التوسع في مثل هذه المشروعات، كتوليد فرص العمل، ومحاصرة مشكلة البطالة، وقد أوضحت بيانات شركة “بي تي إل” المتخصصة في مجال الطاقة الشمسيّة أن إقامة محطة للطاقة المتجددة بتكلفة 100 مليون دولار كفيلة بتوفير نحو 3800 فرصة عمل.
إن الخطوات الكبيرة والمسيرة الطويلة، التي قطعتها الدولة على طريق التحول إلى عصر الطاقة المتجدّدة، أكسبتها خبرات كبيرة في هذا الشأن، وجعلتها من التجارب الناجحة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خاصّة، وعلى مستوى العالم عامّة، ولعلّ خبرة الدولة ونجاحها الذي أدركته حتى الآن في هذا الطريق، هما اللذان أهّلاها لتحوز تأييد العالم لها لتكون مقراً دائماً لـ”الوكالة الدولية للطاقة المتجدّدة” (إيرينا)، ولتكون هي البؤرة التي تصاغ فيها السياسات والتوجّهات العامة لقطاع الطاقة المتجددة حول العالم.