زيادة عدد ساعات النوم لا تعني بالضرورة نومًا صحيًا، من 4-9 ساعات احتياج الشخص العادي، عوامل أخرى – غير النوم – تؤدي إلى قصور الأدا، المحافظة على مواعيد الاستيقاظ تحسن من عملية النوم، والنوم.. تلك العملية الطبيعية التي تحتاج إليها أجسامنا يوميًا يمثل مشكلة كبيرة لدى بعضهم.
ففي حين أن كثيرًا من الناس يستطيعون النوم وبعمق شديد وقتما وأينما يشاؤون، فإن كثيرين أيضًا يجدونه صعب المنال، وينتظرونه لساعات طويلة عله يأتي! والبشر في هذا ليسوا سواء! بالطبع هناك عوامل عدة – حددها الخبراء – تؤثر في هذه العملية الحيوية، كما أن هناك اعتقادات خاطئة موجودة في أذهان الكثيرين قد تكون هي السبب في معاناتهم مع النوم وقد لا يشعرون بالراحة والنشاط حتى بعد أن يحصلوا عليه !
أفضل وقت للنوم في الإسلام
أحد المختصين في هذا الموضوع، يقدم لنا الوصفة «الطبية الطبيعية» – إن صح التعبير – علها تفيد هؤلاء الذين يعانون قلة النوم ومجافاته لهم.
د. أحمد سالم باهمام، استشاري وأستاذ الأمراض الصدرية واضطرابات النوم المساعد بكلية الطب – جامعة الملك سعود، يحاول في البداية تصحيح بعض الاعتقادات الخاطئة حول النوم، فيقول إن الشخص العادي يحتاج من 4 ساعات إلى ساعات ٩ من النوم كل 24 ساعة لكي يشعر بالنشاط في اليوم التالي. ويختلف عدد ساعات النوم التي يحتاج إليها الإنسان من شخص إلى آخر، فالكثيرون يعتقدون أنهم يحتاجون إلى ثماني ساعات نوم يوميًا، وأنهم كلما زادوا عدد ساعات النوم كان ذلك صحيًا أكثر، وهذا اعتقاد خاطئ. فعلى سبيل المثال إذا كنت تنام لمدة خمس ساعات فقط بالليل وتشعر بالنشاط في اليوم التالي فإنك لا تعاني مشكلات في النوم، وبعضهم الآخر يعزي قصور أدائه وفشله في بعض الأمور الحياتية إلى النقص في عدد ساعات نومه ما يؤدي إلى الإفراط في التركيز على النوم.
وهذا التركيز يمنع صاحبه من الحصول على نوم مريح بالليل ويدخله في دائرة مغلقة، لذلك يجب التمييز بين قصور الأداء الناتج عن نقص النوم وقصور الأداء الناتج عن أمور أخرى، كزيادة الضغوط في العمل وعدم القدرة على التعامل، مع زيادة التوتر وغيرها.
ويوجه د. باهمام نصائحه لمن يواجهون مشكلات في النوم حتى يمكنهم من تحسين نومهم، مستبعدًا الأسباب العضوية.. ويحدد نصائحه تلك في النقاط التالية :
- اخلد إلى السرير فقط عندما تشعر بالنعاس.
- استخدام السرير للنوم فقط.
- اقرأ ورد (دعاء) النوم كل ليلة.
- إذا شعرت بعدم القدرة على النوم، فانهض واذهب إلى غرفة أخرى ولا تعد لغرفة النوم إلى أن تشعر بالنعاس، عندها فقط عد إلى السرير، وإذا لم تستطع النوم غادر غرفة النوم مرة أخرى.
- الهدف من هذه العملية هو الربط ما بين السرير والنوم، ويجب الإدراك أن محاولة إجبار النفس على النوم عند عدم الشعور بالنعاس ينتج عنه الانزعاج والتذمر أكثر من كونه ينفع النوم. فاختصار الوقت
- في السرير يحسن نومك، في حين أن الاستلقاء لوقت طويل في السرير ينتج عنه نوم متقطع.
ويمكن إعادة تلك الخطوة كلما دعت الحاجة طوال الليل، وقد تضطر خلال الليلة الأولى إلى النهوض من خمس مرات إلى عشر مرات، أي أنك لن تنال قسطًا كافيًا من النوم. ولكن زيادة الحرمان من النوم في الليالي الأولى يسهل الاستغراق في النوم فيما بعد. وباستخدام الطريقة السابقة والالتزام بها، عادة ما يعود النوم إلى طبيعته خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. وقد أوضحت الدراسات العلمية فعالية هذا الأسلوب في العلاج.
استخدم ساعة المنبه واستيقظ في الوقت نفسه صباح كل يوم، بغض النظر عن عدد الساعات التي قد نمتها في الليل. حاول المحافظة على مواعيد النوم والاستيقاظ منتظمة خلال أيام الأسبوع، وكذلك في عطلة نهاية الأسبوع.
غفوة النهار
وماذا عن غفوة النهار.. هل تؤثر في النوم بالليل ؟
يقول د. باهمام إن العديد من المعالجين يطالبون المرضى المصابين بالأرق بعدم أخذ أي غفوة خلال النهار، وهذا الموضوع يحتاج إلى شيء من التفصيل، ففي حين أن بعض الناس لا ينامون بشكل جيد في أثناء الليل عندما يغفون خلال النهار، نجد أن آخرين ينامون بشكل أفضل خلال الليل. لذلك يجب أن يكون الإنسان طبيب نفسه ويفعل ما هو أفضل بالنسبة له دون الأخذ بالاعتبار ما يقوله الآخرون، فمثلاً يمكن تجربة تلك الغفوة لمدة أسبوع، وتجنب أي غفوة خلال الأسبوع الذي يليه، ويتم تحديد في أي وقت كان النوم أفضل. يفضل أن تكون الغفوة خلال النهار بين صلاة الظهر والعصر، ولا تتجاوز فترة النوم 30 دقيقة إلى 45 دقيقة.
ويواصل د. باهمام توجيه.
تنظيم وقت النوم
حديثه إلى الذين يعانون الأرق قائلاً :
٭ إذا كنت من الناس الذين تراودهم الأفكار والهواجس عندما يخلدون إلى النوم ولا تستطيع إيقاف تلك الأفكار، أو أنك تبدأ بالتفكير في جدول عمل اليوم التالي، فقد يكون الحل لك هو (وقت إزالة القلق)، وذلك بتحديد وقت ثابت كل يوم (حوالي 30 دقيقة) وتصفية جميع الأمور المقلقة باستخدام ورقة وقلم. فاتباع تلك الطريقة سوف يسمح لك بالذهاب إلى الفراش بفكر صاف ومستريح.
تجنب إجبار نفسك على النوم فالنوم لا يأتي بالقوة. بدلاً من ذلك ركز على عمل شيء هادىء يريح بالك كالقراءة أو مشاهدة التلفزيون أو سماع القرآن وذلك لتشجيع الاسترخاء ومن ثم النوم. فالإنسان الذي يستمر في العمل حتى وقت نومه عادة ما يجد صعوبة في النوم لأن جسمه لم يأخذ حاجته من الاسترخاء الذي عادة ما يسبق النوم.
ويوضح د. باهمام أن الدراسات العلمية أثبتت أن الرياضيين ينامون بشكل أفضل من الذين لا يمارسون الرياضة، فالتمارين العادية قد تشجع على النوم. ووقت ممارسة الرياضة ذو أهمية قصوى بالنسبة للنوم، فبداية الدخول في النوم يصاحبها انخفاض في درجة حرارة الجسم، بينما الرياضة تزيد من درجة الحرارة الجسم؛ لذلك يفضل أن يكون التمرين الرياضي قبل وقت النوم على الأقل بثلاث ساعات إلى أربع ساعات. ومما يشجع على النوم أيضًا قضاء 20 دقيقة في حمام ساخن قبل النوم بساعات قليلة (ساعتان إلى ثلاث ساعات).
غرفة النوم
وهل لغرفة النوم تأثير كبير في نوعية النوم وكيفيته؟
يقول د. باهمام إن جو غرفة النوم يؤثر في النوم بدرجة كبيرة، فدرجة الحرارة.
المرتفعة أو المنخفضة جدًا تؤثر سلبًا في نوعيته، لذلك يجب تعديل درجة حرارة الغرفة لتكون مناسبة، كما أن الضوضاء العالية المتقطعة ينتج عنها نوم خفيف متقطع لا يساعد الجسم على استعادة نشاطه ولا يمنحه الفرصة للحصول على مراحل النوم العميق، ويمكن التخلص من هذه الضوضاء بما يسمى بـ«الضوضاء البيضاء» وهي أن يكون في الخلفية صوت ثابت الشدة ومتواصل كصوت مروحة أو جهاز التكييف. ومن ناحية أخرى فإن الضوء القوي في غرفة النوم من العوامل المهمة التي تؤثر في النوم، لذلك يفضل أن يكون ضوء الغرفة خافتًا، ولا ينصح د. باهمام بتكرار النظر إلى ساعة المنبه، لأن ذلك قد يزيد التوتر ومن ثم الأرق، كما لا ينصح أيضًا باستخدام الساعات التي تضيء بالليل.
وماذا عن تأثير الطعام والشراب ؟
يجيب أستاذ الأمراض الصدرية واضطرابات النوم المساعد بأنه يجب تجنب تناول الوجبات الغذائية الثقيلة إلا لو كان ذلك قبل موعد النوم بحوالي 3 ساعات أو 4 ساعات، حيث إنه من الثابت أن تناول الوجبات الثقيلة في أي وقت من النهار يؤثر سلبًا في جودة النوم، ويمكن لوجبة خفيفة قبل موعد النوم أن تشجع عليه، ويضيف أنه من حكمة الشارع، عز وجل، أن حرم المشروبات الكحولية. فتناول الكحول قد يؤدي إلى النوم مبدئيًا؛ ولكنه من المثبت علميًا أنه ما إن يبدأ الجسم في التفاعل مع المادة الكحولية فإن ذلك يؤدي إلى التقطع في النوم والأرق الشديد، كما أن المواد الكحولية تزيد فرص الاختناق (الانقطاع في التنفس) في أثناء النوم.
ويؤكد باهمام في نهاية حديثه أن جميع أنواع المشروبات التي تحتوي على كافيين تؤثر سلبًا في النوم، خصوصًا إذا تم تناولها في فترة المساء أو قبل موعد النوم. وقد أثبتت الدراسات أن الكافيين يسبب الأرق حتى عند أولئك الذين يدّعون أنه لا يؤثر في نومهم، كما أن النيكوتين هو أحد أنواع المنبهات.
وبعد.. فهل هذه النصائح تؤدي بالفعل إلى القضاء على الأرق والنوم المريح..هذا ما نرجوه جميعًا.. ولكن.. فلنحاول أولاً.