لقد حثنا الإسلام على التحلي بصفات العفو والتسامح حيث أن لهما أجر عظيم، كما يساعد في علو شأن الإنسان في المجتمع، ومع انتشار العفو والتسامح تتقدم الأمم، لذلك سوف نتحدث عنه بالتفصيل مع ذكر فضله وأهميته.
فضل العفو والتسامح
إن الله قد أمر بالعفو والتسامح، ليس للمسلمين فقط بل العفو عن الظالمين والكافرين كذلك، فإن هذه الصفات موجودة منذ القدم.
كما يجب أن لا يكون العفو بغرض مصلحة، وإنما عفو لوجه الله، واحتسابه عند الله، حيث أن الله وعد بأنه سوف يرد للمظلوم حقه.
كما أن صفة العفو والتسامح قد تناقلت بين الأنبياء والصحابة، كما أن رسولنا الكريم كان يتحلى بها ويأمر بها.
فوائد العفو والتسامح
- حب الخير للناس، وحب الناس، والتخلص من الكراهية.
- نهوض المجتمع وتقدمه بسبب حل الصراعات وحب النفس.
- التخلص من المشكلات التي تواجه أبناء المجتمع ومن أهم هذه المشكلات التعمير والبناء.
- يتغير التفكير فيصلح تفكيرًا إيجابيًا، ويكون الفرد منشغل بمستقبله وتطوير ذاته، بدلًا من الإنشغال في الصراعات.
- التقرب إلى الله ونيل محبته.
- يصبح الفرد أكثر تحكمًا في ذاته، ويتخلص من رغبته بالانتقام والحصول على ما يملكه غيره.
- يدرك الفرد أن العفو والتسامح ليس دليل على ضعف الشخصية، بل دليل على قوتها.
- يحقق الفرد أهدافه التي يسعى إليها، ويتخلص من جميع العادات السيئة.
العفو والتسامح في الإسلام
حثنا الإسلام على ضرورة العفو والتسامح والتحلي بالأخلاق الكريمة، كما أنه قد جاء العديد من الآيات والأحاديث التي تحثنا على ذلك.
ذلك بهدف المؤاخاة بين الناس، والإيمان بأن الجميع سواسية، ويهدف إلى التواضع ومساعدة الآخرين، وانتشار السلام.
فإنه يساعد على التخلص من الكراهية والعداوة، كما يغرس المحبة للآخرين في النفس، فيفوز الإنسان بالمغفرة والجنة والعزة يوم القيامة.
العفو والتسامح في القرآن الكريم
لقد جاء في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تحث على العفو والتسامح منها:
- من سورة البقرة، قال تعالى: “وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ۖ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.
- من سورة آل عمران، قال تعالى: “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ”.
العفو والتسامح حديث
كما ورد كذلك أحاديث كثيرة عن الأنبياء والصحابة والتي تحث على العفو والتسامح، منها:
- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قد قال: “جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ، فقال: يا رسولَ اللهِ! كم نعْفو عنِ الخادمِ؟ ثم أعاد عليه الكلامَ فصمَت، فلما كان الثالثةَ قال: اعفُ عنه كلَّ يومٍ سبعينَ مرةً”
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “لا تَحاسَدُوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، ولا يَبِعْ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوانًا المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ ولا يَخْذُلُهُ، ولا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هاهُنا ويُشِيرُ إلى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ، دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُه”
العفو والتسامح للاطفال
يجب تعليم الأطفال من الصغر العفو والتسامح لأن ذلك يساعد على إصلاح المجتمع وتحلي الأجيال القادمة بالأخلاق الحميدة.
ومن أفضل الطرق التي تساعد على تعليم الأطفال العفو والتسامح:
- تعليم الأطفال أن طريق المسامحة يكون الإعتذار، كما يجب شرح ذلك من خلال الأناشيد ورواية القصص.
- تعليمهم أن الاختلاف بين الأفراد لا يعني أنهم أعداء سواء الاختلاف في الشكل، أو الدين، أو الملابس، أو الحالة الصحية، أو المادية، مع ذكر أمثلة لهم.
- تعليمهم أن رأي أي شخص يحترم حتى لو كان مناقض لرأيه، وإذا لم يعجبه رأي شخص لا يسخر منه، فلكل شخص وجهة نظر.
- لذلك يجب تقديم أمثلة على ذلك، وجعل الطفل يرى أفلام كارتونية تحث على العفو والتسامح، حتى تغرس هذه الصفات فيه.
شعر عن العفو والتسامح
لقد تم كتابة العديد من الأشعار عن العفو والتسامح من قبل الكثير من الشعراء، منها:
شعر للإمام الشافعي
قالوا سكتَّ وقد خُوصِمتَ!
قلتُ لهم إنَّ الجواب لِبابِ الشرِّ مفتاحُ
فالعفو عن جاهلٍ أو أحمقٍ أدب نِعِمٌ!
وفيه لصونِ العِرض إصلاحُ
إن الأُسود لتخشَى وهي صامتة
والكلب يُحثَى ويُرمَى وهو نبَّاحُ.
شعر لأحمد شوقي
تسامحُ النفس معنىً من مروءتها
بل المروءةُ في أسمى معانيها
تخلقِ الصفحَ تسعدْ في الحياةِ به
فالنفسُ يسِعدُها خلقٌ ويشقيها.
شعر لفاضل أصفر
سامح فإنكَ في النهايةِ فانِ
واجعل شعارَكَ كثرةَ الغفرانِ
وابسط يديكَ لرحمةٍ ومودةٍ حتى تنالَ محبةَ الرحمنِ
ليس التباغضُ من شريعةِ أحمدٍ
بل إنَّه لَبضاعةُ الشيطانِ سامح أخاك
وإنْ تعثَّرَ طبعُهُ إنَّ التسامحَ شيمةُ الشجعانِ.