اكتئاب الحمل ومابعد الولادة اعراضه والعلاج

اكتئاب الحمل ومابعد الولادة اعراضه والعلاج
اكتئاب ما بعد الولادة

توقع حمل بهيج وأمومة سعيدة لكثير من النساء يجلب معه اكتئاباً كمرافق غير متوقع، تعاني منه الأمهات والأطفال وتموت بسببه كل مشاعر الإثارة والفرح المصاحبة للحمل والولادة كحدث مميز في عمر المرأة، واكتئاب ما بعد الولادة نوع خطير من الاضطراب وهو أحد أكثر المضاعفات شيوعاً إذ يصيب 12-15% من النساء، وغالباً ما يُغفل لعدم تمييزه، وبالتالي يُهمل علاجه وذلك لأن بعض التغيرات العادية  للحمل تسبب أعراضاً مشابهة وتحدث في نفس الوقت، فالتعب ومشاكل النوم والتفاعلات العاطفية القوية وتغير وزن الجسم قد تحدث أثناء أو بعد الحمل كما أنها قد تكون أيضاً مظاهر للاكتئاب.

اكتئاب ما بعد الولادة

الأسباب والأعراض

وهناك عدد من الأسباب التي تجعل المرأة عرضة للإصابة بالاكتئاب، فالتغيرات الهرمونية وأحداث الحياة المليئة بالضغوط تحدث تغييرات كيميائية في الدماغ تؤدي إلى الاكتئاب، فعام كامل (يشمل الحمل والولادة وبعد الولادة ) من التغييرات السيكولوجية والفيزيائية الكبيرة مع الهبوط السريع والمفاجىء لهرموني الأستروجين والبروجيسترون وكذلك هرمونات الغدة الدرقية خاصة في وجود الاستعدادات الموروثة في بعض العائلات لحدوث هذا الاعتلال  يفرز حدوثه برغم أنه في كثير من الأحيان لا يكون واضحاً السبب الحقيقي للحالة، وهناك عوامل خطورة مثل صغر سن الأم وانعدام الدعم العائلي أو من الزوج، ووجود مشاكل حياتية أوزوجية، والقلق على الجنين وغيرها.

https://youtu.be/UKJmuqagNLU

ويعتقد الباحثون أن الهبوط السريع والمفاجىء للهرمونات التي ارتفعت أثناء الحمل وعودتها بسرعة إلى الوضع الطبيعي قبل الحمل هو العامل المهم الذي يضغط على زناد الاعتلال وظهور أعراض ومظاهر الاكتئاب بعد الولادة، وكثير من النساء لديهن درجة من الاكتئاب بعد الولادة وتصل نسبتهن إلى  حوالي 80%.

اعراض اكتئاب ما بعد الولادة

وهو مايسمى بالاكتئاب البسيط ( Baby blew ) والذي يظهر مباشرة في الأيام التي تلي الولادة ويختفي تلقائياً خلال أيام، وهو نوع غير مؤذ من الاضطرابات، حيث تتعرض الأم الجديدة للحزن والتوتر وسرعة الانفعال ونوبات من البكاء ومشاكل في النوم  والقلق والوحدة، وغالباً ماتكون الأعراض غير شديدة،  وعادة لاتحتاج إلى معالجة، ولكن هناك بعض الأوقات المفيدة التي تقوي وتعزز من إحساس المرأة بكينونتها وأهميتها مثل النوم في الأوقات التي ينام فيها الطفل وعند طلب المساعدة من الزوج وأفراد العائلة والأصدقاء، والانضمام إلى مجموعات الدعم والتحدث مع أمهات أخريات.

 اعراض اكتئاب ما بعد الولادة
اكتئاب ما بعد الولادة

 

أما الاكتئاب الإكلينكي الشديد بعد الولادة فهو يحدث خلال الأسابيع الأولى من الولادة  مثلما قد يحدث في أي فترة من السنة الأولى بعد الولادة، وتظهر خلاله لدى المرأة مجموعة من المظاهر والأعراض مثل تأرجح المزاج والقلق والاضطراب والخوف الشديد والشك والحزن والبكاء بدون أسباب واضحة وفقدان الاهتمام بأي شيء حتى بالطفل المولود، والانسحاب من الناس وتجنب العائلة والأصدقاء والأنشطة العادية والغضب الشديد والإحساس بالتعب والانهاك وفقدان الحيوية والنشاط، وعدم القدرة على التركيز وعدم الرغبة في الطعام، والإحساس بالذنب والخجل وصعوبة الارتباط عاطفياً بمولودها الجديد.

والفرق بينه وبين الاكتئاب البسيط (Baby blue ) هو أنه عادة ما يؤثر على سعادة ورفاهية الأم ويعيق ويتعارض مع قيامها بأعمالها اليومية ولفتره طويلة.

ولابد من التفريق بين اكتئاب بعد الولادة وبين الهواس بعد الولادة، وهو اضطراب عقلي خطير يتمثل بجنون الشخصية وفقدان الاتصال بالواقع، وهو نادر الحدوث إذ يصيب 1-2 من كل 1000 والدة، وعادة ما يحدث في الستة الأسابيع الأولى بعد الولادة ويصيب غالباً من لديهن بعض الأمراض النفسية الأخرى، ومن مظاهره التوهم والوسواس والهلوسة واضطرابات النوم  وسيطرة   أفكار استحواذية مفرطة، حيث تنشغل المصابة به بفكرة معينة وشعور محدد مثل التوهم بأن الطفل قد يصاب بأذى، وتتملكها أفكار شكوكية مثل اقتراف الانتحار،  بالإضافة إلى أنه قد يكون لديها تأرجح سريع في المزاج من الاكتئاب إلى التوتر إلى الفرح الشديد وبدون تفسير.

علاج اكتئاب ما بعد الولادة

ماذا تعمل المرأة في هذه الحالة؟ وماهو العلاج ؟

كثيرات لا يفصحن عن شكواهن  ومعاناتهن مع الاكتئاب لإحساسهن بالخجل والحرج وربما الإحساس بالذنب من ان تكون حزينة ومكتئبة في وقت يجب أن تكون  مبتهجة وسعيدة مع جميع أفراد العائلة بمولودها الجديد، وخوفاً من أن ينظر إليها كأم غير مؤهلة للأمومة، لذا عليها أن تدرك أن الاكتئاب ممكن أن يصيب أي أمرأة وأن إصابتها لا تعني عدم أهليتها للقيام بدورها كأم وأن هناك الكثير من المساعدة والدعم.

وعلى أفراد العائله الانتباه وملاحظة مظاهر الاكتئاب، وهكذا يمكن البدء بالمعالجة في الموعد المناسب وبدقة لضمان سرعة الشفاء والعودة إلى الحياة الطبيعية الجميلة.

وعلى المرأة الإفصاح لطبيبها عن معاناتها، و في هذه الحالة  هناك فحص خاص لمعرفة ما إذا كان لدى المرأة حالة اكتئاب، لبدء المساعدة أو للإحالة إلى متخصص للمعالجة.

ومن التدخلات التي تساعد في المعالجة أن تأخذ السيدة قسطاً كافياً من الراحة مع إزاحة الضغوط بقدر الإمكان وطلب المساعدة عند الاحتياج من أفراد العائلة والزوج للقيام برعاية الطفل أو أعمال المنزل عندما تشعر بعدم القدرة على الوفاء بكل ذلك، والتواصل مع المقربين للإفصاح عن المشاعر التي تسيطر عليها، وكذا عدم تركها لفترات طويلة وحيدة، وقضاء بعض الوقت مع الزوج للتحدث والترفيه، والتواصل مع أمهات  أخريات لتبادل التجارب.

وهناك نوعان من المعالجات :  المعالجة بالحديث إلى الأخصائي الاجتماعي، أو المعالج النفسي أو الطبيب المعالج للحالة من بداية الحمل لمعرفة كيف يكون تغيير ما يحدثه الاكتئاب من إحساس ومشاعر وسلوك.

أو المعالجة بالعقاقير، فمعظم المختصين يؤمنون بدورها وفعاليتها في معالجة اكتئاب ما بعد الحمل، وتستخدم عادة مضادات الاكتئاب لذلك الغرض بنجاح كبير.

ولابد من التوضيح أن الاكتئاب يؤثر سلباً على الأم والطفل، واستخدام الأدوية ضرورة لابد من استخدامها بعد التشاور مع الطبيب المختص لاختيار أكثرها أماناً على الطفل والرضاعة.

ولحسن الحظ هناك كثير من العقاقير المستخدمة لعلاج الاكتئاب أثبتت سلامتها على الأم والجنين وبفعالية، خاصة وأن تأثير الاكتئاب على الأم والوليد يكون واضحاً حينها،ً حيث تصبح الأم عصبية ومتوترة وقلقة ومنهكة مما يؤثر على الارتباط العاطفي بوليدها وتصبح غير قادرة على القيام بواجباتها كأم، وتحقيق احتياجاته من الحب والحنان، وكنتيجة لذلك تشعر بالذنب وفقدان الثقة في نفسها كأم وهو ما يعقد الوضع.

أما عن تأثير الاكتئاب على المواليد فقد أثبتت الدراسات تأثيره السلبي عليهم، ويظهر ذلك في تأخير اكتسابهم اللغة والكلام ومشاكل الارتباط العاطفي بالأم، ومشاكل سلوكية  وانخفاض معدل النشاط، ومشاكل النوم  والتوتر، وهنا تأتي أهمية دور الأب أو أي مُقّدم رعاية لمواجهة احتياجات الوليد والأطفال الآخرين للسيدة المصابة بالاكتئاب.

وأخيراً:  للأطفال الحق أن تكون أمهم صحيحة وسليمة، وللأم الحق أن تستمتع بحياتها وأطفالها، ولا يجب أن تكون وحيدة، وعليها التواصل مع من تحب من المقربين لشرح معاناتها والاستعانة بالطبيب المختص ليتحقق ذلك.