الوسواس القهري الفكري

الوسواس القهري الفكري

الوسواس القهري هو عبارة عن هواجس تأتي على شكل أفكار وأوهام وميول ورغبات واندفاع مصحوب بمشاعر إكراه داخلي، أي أن الشخص لا يريد فعل ما يفعله لكنه لا يستطيع المقاومة، فتظهر هذه الأفكار والأحاسيس بشكل لا إرادي، وإن مرض الوسواس القهري يعتبر من الأمراض العصبية الأكثر شيوعًا، حيث يعاني منه واحد من كل أربعين بالغًا، فيتميز هذا المرض بأفكار وأفعال وطقوس متكررة تسمى الأفعال القهرية وتكون مزعجة غير منطقية وغير صحيحة ويكون الشخص مدركًا تمامًا أن هذه الأفعال غير منطقية، ولكنه يستمر بها، وسوف نتكلم في هذا الموضوع عن الوسواس القهري الفكري.

أسباب الوسواس القهري الفكري

إن مرض مثل الوسواس القهري لا يمكن أن يظهر فجأة بل إن لظهوره أسبابًا متعددة قد تكون جسمية أو نفسية أو سلوكية، فيكتسب الفرد هذا المرض ويتشكل خلال فترة من الزمن، وتكون الأسباب لأنواع الوسواس القهري المتعدّدة كالآتي:

  • أسباب جسمية: وتكون الأسباب الجسمية إما بسبب خلل في النواقل العصبية مثل السيروتونين الذي يعمل على تكوين الأعراض في الوسواس القهري أو يمكن أن يكون بسبب خلل في الدماغ ويكون اكتشافه عن طريق التصوير بالأشعة المقطعية أو بالرنين المغناطيسي، ومن الأسباب الجسمية أيضًا الوراثة فقد أكدت الدراسات تأثير العامل الوراثي في نشأة الوساوس القهرية.
  • أسباب سلوكية: تكون عندما يكتشف الفرد أن أفعالًا معينة تقلل من القلق المصاحب للفكرة الوسواسية فبيطور الفرد أفعالًا تجنبية للقلق المصاحب للأفكار الوسواسية في صورة أفعال قهرية، ويمكن أيضًا أن يكون السبب تعزيز سلوك الطفل القهري، مثل أن الطفل يغسل يديه لمدة تزيد عن خمس دقائق ولمرات متكررة وتقول له الأم كلمات تعزيزية، وتجعله يزيد من هذه المدة فيتكون عنده هذه الأفعال القهرية.
  • الأسباب النفسية: ترتبط الأسباب النفسية بالسمات الشخصية للفرد، أيْ حال كان الشخص منهمكًا في التفاصيل والنظام والترتيب والميل النفسي للمثالية والميل للمحافظة على الروتين، مع أنّ الدراسات لم تثبت قطعًا أن من يمتلك مثل هذه الصفات يمكن أن يتطور لديه مرض الوسواس القهري لكنها قد تؤثر في ذلك.
  • العوامل البيولوجية: التي تنتج عن حدوث تغير كيميائي في الجسم يؤثر على دماغه، و العوامل الوراثية، و التعرض لضغوطات الحياة الصعبة، و الشعور بالتوتر الدائم، و الحمل يسبب الإصابة بهذا الاضطراب ويمكن ملاحظته عند النساء الحوامل، و انخفاض معدل المادة الكيميائية (السيروتونين).

أعراض الوسواس القهريالفكري

تظهر أعراض هذا المرض عادةً في الطفولة أو مرحلة البلوغ المبكر، حيث تكون بطيئة في البداية، لكنها تصبح أشد مع التقدم في العمر، تظهر الأعراض وتختفي عند الكثير من الناس، لكن هذه المشكلة تستمر مدى الحياة، وفي الحالات الشديدة، يكون لاضطراب الوسواس القهري أثر كبير على نوعية الحياة، ومن الوساوس الشائعة، والتي ترتبط باضطراب الوسواس القهري ما يأتي:

  • القلق بشأن الجراثيم والأوساخ، والخوف من التلوث.
  • الحاجة إلى الترتيب والنظام.
  • الاعتقاد أن هذه الأفكار ستؤذي الآخرين، وأن القيام بأشياء معين سيحميهم.
  • أفكار مقلقة حول الذات والآخرين.
  • الاحتفاظ بأشياء غير ضرورية، مثل: ورق الجريدة أو أوراق التغليف المستخدمة، تكرار عبارة أو كلمة معينة، طقس معين عدة مرات. التركيز على الأفكار الإيجابية؛ لقتل الأفكار السلبية.
  • بعض التصرفات الناجمة عن هذه الوساوس: الإفراط في غسل اليدين، والاستحمام المتكرر، وتنظيف غير ضروري للمنزل.
  • الاستمرار بترتيب الأشياء، و تفقد الشيء نفسه أكثر من مرة، على الرغم من معرفة الشخص أنه قام بتفقده.

انواع الوسواس القهري

إن تنوع أفكار الانسان وأشكال سلوكه أدى إلى ظهر أنواع الوسواس القهري العديدة التي تختلف في أعراض وتتشابه في أعراض أخرى وتكون انواع الوسواس القهري كالآتي:

  • وسواس النظافة:هو أحد أنواع الأفكار الوسواسية ويتضمن خوف وهوس كبير بالنظافة ولا يقتصر على الخوف من الجراثيم فقط بل يتضمن الخوف من الحشرات، الدم، والمواد المنزلية، ويسبب هذا النوع من الخوف تجنب التواجد في أماكن اجتماعية، استخدام الحمامات والمواصلات العامة أو أي شيء يشترك في استعمال أشخاص آخرون.

أعراضه

  • تكرار غسل اليدين بشكل مبالغ فيه.
  • تكرار الاستحمام أكثر من مرة في اليوم.
  • غسل اليدين بشكل مبالغ فيه.
  • استخدام الصابون مرة واحدة.
  • تغيير الملابس بشكل مستمر بدون داع.
  • تخصيص مناطق في المنزل يمنع الآخرين من التواجد فيها.
  • الإفراط في تنظيف المنزل.
  • الخوف الشديد من المرض.
  • رفض المصافحة.
  • الإصابة بالأمراض الجلدية.
  • وسواس التأكد:هو أشهر وأشد أنواع الوسواس القهري ويقوم فيه الشخص المصاب بتكرار التحقق والتأكد من غلق الأبواب، المصابيح، أنبوب الغاز، باب السيارة، تكرار الصلاة لعشرات وربما مئات المرات وقد يستغرق الأمر منه بضعة ساعات للقيام بذلك الفعل، ويكون ذلك النوع من الأفكار نابعا من الخوف على الآخرين من الوفاة نتيجة حريق، أو دخول اللصوص للسرقة وقتل من في المنزل.

أعراضه

  • التأخر عن العمل أو المدرسة والتعرض للفصل.
  • عدم القدرة على تكوين صداقات وعلاقات اجتماعية.
  • تلف الأشياء والأدوات المستخدمة بسبب استمرار فحصها وشدها.
  • وسواس اجترار الأفكار: هو أحد أنواع الوسواس الفكري ويسمى بالوسواس الخالص والغير مرتبط بسلوكيات قهرية، وفيه يسيطر على المريض أفكار غريبة وشاذة علي عقلة و مراجعة المواقف التي تحدث له في اليوم ورسم سيناريوهات وتخيل أحدث مستقبلية غير منطقية، وعلى الرغم من صعوبة هذا النوع من الوسواس إلى أن أغلب المصابين به يكبحون جماح أفكارهم ولا ينساقون ورائها لذا نادرا ما يتورطون في أحداث عنف.

أعراضه

  • الشعور بالاكتئاب.
  • أفكار جنسية ودينية غريبة.
  • أفكار تتعلق بإيذاء النفس أو الغير مثل دفع الآخرين أثناء الطابور أو إشارة المرور.
  • وسواس الكمال:هو أحد أنواع الأفكار الوسواسية ويتضمن انشغال شديد بالترتيب والنظام بشكل دقيق للغاية مبالغ فيه لدرجة قضاء فترات طويلة في ترتيب الأشياء بشكل متكرر حتى تكون بالشكل المطلوب والمحاذاة المثالية، ويميل الأشخاص المصابون بهذا النوع من الوسواس إلى البحث عن الأخطاء أو نواقص الترتيب في الأماكن المتواجدين فيها بشكل لا يلحظه الآخرون.

أعراضه

  • الهوس بالترتيب والتنظيم.
  • الغضب في حالة ترتيب أغراضه بشكل معين.
  • التعليق على تصرفات الآخرين.
  • النقر على الأسطح ولمسها.
  • قلة التواصل الأسري لمنع انهيار نظام الترتيب المثالي الذي أقامه.
  • وسواس العد:هو أحد أنواع الوسواس الفكري ويسمى بالعد القهري وفيه يولي الأشخاص اهتمام كبير برقم معين و يشعرون بأهميته الخاص ويميلون لإشراكه في جميع جوانب الحياة وأشهر تلك الأرقام هو 4، مثلا يقوم الشخص بتدخين 4 سجائر، يغسل أسنانه 4 مرات، وبدون ذلك الرقم يشعر بالنقص وعدم الكمال، ويتضمن وسواس العد أيضا الهوس بالعد عند الدخول لأي مكان مثل عد قطع البلاط أو أدوات المائدة كالشوك والسكاكين. سواء كان عد عقلي أو بصوت عالي.

أعراضه

    • تكرار القيام بشيء أكثر من مرة.
    • حساب الخطوات عند المشي.
  • عد البلاط في السقف أو الأرض.
  • عد السيارات في الطريق.
  • وسواس الاكتناز: نوع آخر من أنواع الوسواس القهري وفيه يقوم الأشخاص بالاحتفاظ بجميع الممتلكات البالية والتي لم يعد لها فائدة وعدم الرغبة في التخلص منها، والتي غالبا ماتكون دون قيمة، وذلك نظرا للارتباط العاطفي الذي ينشأ بين الشخص والممتلكات التي حصل عليها في السابق، ويحدث نتيجة عيش طفولة فقيرة شعر فيها بالحرمان، وقد يكون نتيجة التواجد في عائلة لديها هذا النوع من الوسواس.

أعراضه

  • فوضى كبيرة لا يمكن السيطرة عليها.
  • عدم القدرة على الجلوس أو استخدام غرف المنزل.
  • حدوث خلافات ومشاكل داخل الأسرة قد تصل للانفصال.
  • الاحتفاظ بالعشرات والمئات من العلب، البريد، الأكياس، والأشياء الغير ذات قيم ظنا منه باحتمالية الاحتياج إليها في المستقبل.

علاج الوسواس القهري الفكري

تتعدد الطرق الطبيعية المستخدمة لعلاج الوسواس القهري الفكري ومنها:

  • حبة البركة: من طرق علاج الوسواس القهري بالأعشاب الطبيعية حبة البركة وتحتوي هذه العشبة على البروتينات والمعادن إضافة إلى الأحماض الدهنية والفيتامينات وتُستخدم عن طريق إضافة ملعقة من مسحوق الشمر وملعقة كبيرة من حبة البركة إلى كوب من الماء، يُغلى المزيج على النار بعدها يُترك ليبرد قليلاً ثم يضاف إليه ملعقة من العسل ويتم تناوله مرتين في اليوم.
  • الشوفان: من المواد الغذائية المحتوية على قيمةٍ غذائيةٍ عالية حيث يتكون من مجموعة كبيرة من الفيتامينات ومختلف أنواع المعادن كالزنك والنحاس والسيلينيوم، ويصنف من الطرق المستخدمة في علاج الوسواس القهري بالأعشاب الطبيعية، ويُستخدم عن طريق تناوله على وجبة الإفطار مضافاً إليه الحليب والعسل.
  • زيت الريحان: يساعد زيت الريحان على علاج التوتر والقلق والاضطرابات النفسية الأخرى بفضل خصائصه المهدئة ويتم تطبيقه على الجسم وتدليكه جدياً.
  • الكافا: علاج الوسواس القهري بالأعشاب الطبيعية التي تعتبر الكافا من ضمنها، ويتم تناولها على هيئة كبسولات كما يمكن استخدامها بطريقةٍ أخرى عن طريق استخراج السائل منها وتناوله، ويجب على المريض تجنب أخذها مع أدوية مهدئة أخرى.

طرق علاج الوسواس القهري بالأدوية

يعتمد علاج الوسواس القهري الفكري على مدى تأثيره على الأداء الوظيفي للفرد، ويشمل العلاج عادة على العلاج السلوكي المعرفي أو مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية أو كليهما، وفيما يأتي سنعرض هذه العلاجات:

  • العلاج المعرفي: يعمل هذا النوع من العلاج على التخلص من السلوك القهري، من خلال تحديد وإعادة تقييم معتقدات الفرد حول نتائج القيام أو عدم القيام بهذه السلوكيات القهرية.
  • مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية: هناك العديد من العقاقير المستخدمة لعلاج هذا الاضطراب، ومع ظهور مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية، زادت الخيارات من أنواعها المستخدمة في علاج هذا الاضطراب: كلوميبرامين وفلوكستين وفلوفوكسامين، وباروكسيتين ويدروكلوريد وسيرترالين، ونصف الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب لا يستجيبون لمثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية وحدها، بل يتم إضافة مضادات الذهان غير النمطية.
  • العلاج السلوكي المعرفي: هو نوع من أنواع العلاج النفسي، ويهدف إلى تغيير طريقة تفكير وسلوك الفرد، وهو يشير إلى نوعين من العلاج هما: التعرض ومنع الاستجابة، والتعرض يشمل تعريض الفرد للحالات والأشياء التي تتسبب بالخوف والقلق لديه، ومع مرور الوقت، يقل الخوف الناتج عن هذه المسببات، وهذا يسمى اعتياد، أما منع الاستجابة، فيشير إلى السلوكيات التي يقوم بها المصابون باضطراب الوسواس القهري لتقليل القلق، وهذا العلاج يساعد الأفراد على تعلم مقاومة الإكراه لتأدية هذه السلوكيات.