غير حياتك أنت والعمل علاقة حب لابد أن تستمر

غير حياتك أنت والعمل علاقة حب لابد أن تستمر
حب العمل والإبداع فيه

يقضي معظمنا حوالي ثماني ساعات متواصلة يوميا بالعمل وربما أكثر، وهي مدة ليست بالقليلة خاصة أننا لا نقضي نفس عدد هذه الساعات المتواصلة مع أفراد الأسرة كل يوم، ويعتبر ذلك سببا كافيا لحب العمل بل والحرص على ذلك مهما كانت المنغصات الموجودة به، ولكن كيف يحدث ذلك؟ الإجابة عن هذا التساؤل هي موضوع عرضنا التالي فتابعينا..

هل معنى وجود بعض المشكلات الخاصة بالعمل أن تفكري بالاستقالة أو تغيير المهنة؟ ربما تكون هذه الحلول مجدية خاصة في اللحظات الانفعالية ولكن ما الذي يدريك أنك لن تقابلي نفس المشاكل وربما أكثر وأعقد منها بالعمل الجديد؟ إذا كنت قد بدأت في الشعور بالملل الوظيفي وبدأ يتسرب إلى عقلك ويدفعك إلى التفكير جديا في تغيير مسارك المهني، فلست وحدك في هذه الحالة حيث تشير معظم الدراسات إلى أن نحو 50٪ من الموظفين على مستوى العالم يشعرون بالسخط تجاه ما يقومون به من أعمال، نفس هذه الدراسة أكدت على أن هناك شخصا واحدا من بين كل ثلاثة أشخاص يفكرون جديا في ترك أعمالهم سواء للاتجاه إلى مهن أخرى أو ممارسة نفس العمل في مكان آخر، هؤلاء جميعا فقدوا المتعة والسعادة التي كانت تملأ حياتهم مع بداية الالتحاق بالعمل، تلك السعادة التي كانت سببا في نشأة علاقة من الحب بين الموظف وعمله، ولكن مع مرور الوقت اختفى هذا الحب ولم يبق له أثر وذلك يرجع إلى عدة عوامل متعلقة بالروتين والمصاعب التي يتضمنها العمل.

السؤال الآن كيف يمكن إعادة المياه إلى مجاريها مرة أخرى؟ كيف نقضي على حالة الخصومة وننعش الحب من جديد بينك وبين عملك؟

علينا أولا التفتيش عن أسباب كراهية العمل والتي نلخصها كالتالي..

1 – الملل وتغير الظروف

في بداية التحاقك بالعمل يكون ذلك غالبا في مستهل العشرينات من العمر، وقتها تشعرين أن الطريق ممهد أمامك للترقي الوظيفي، يساعدك في ذلك التعرف على بيئة عمل وزملاء جدد تقومين بمشاركتهم في الأنشطة اليومية سواء الخاصة بمهام الوظيفة، وحتى المناسبات الاجتماعية تمارسين مغامرات حب التحدي وتحقيق الذات، كل ذلك يخلق حالة من العشق مع العمل الذي تقومين به بصفة يومية، لكن مع مرور الوقت يصبح كل ما تقدم عبارة عن روتين يومي ممل، تكونين مجبرة على القيام به حتى وإن تناقض ذلك مع رغبتك وظروفك وحالتك المزاجية، أضيفي إلى ذلك كثرة الأعباء والمهام الوظيفية مع التقدم بالسن، كل هذه العوامل تجعل حبك للعمل يبهت ويضعف إلى أن يصل إلى درجة الكراهية.

2 – استنزاف كافة الأفكار

من أهم الأسباب التي تعمل على تلاشي حبك للعمل أيضا استهلاكك لكافة الأفكار الإبداعية التي كان محملا بها مخك في بداية انضمامك إلى الوظيفة، وهذه بالضبط حالة سارة التي تعمل مصممة أزياء في إحدى الشركات الشهيرة، تقول سارة: إنه مع بداية التحاقها بالعمل كان مخها عبارة عن مخزن لا ينضب من الأفكار الإبداعية، ولذلك كانت ترى أن عملها هو أفضل ما حدث لها في الحياة، ومع مرور الوقت أصبحت تعاني من الملل وذلك لاستخدامها لنفس هذه الأفكار القديمة، حتى وإن قررت التجديد يكون ذلك في أضيق الحدود، وقد وصلت لدرجة ـ على حد وصفها ـ بأنها لا تقوم بأي شيء سوى أنها «تقلب القميص»، وتقصد هنا أن الأفكار نفسها ولكن بوجوه مختلفة.

على أية حال يرى علماء النفس أن حالة سارة أمر طبيعي للغاية، وتحدث مع كل البشر تقريبا، فمع مرور سنوات عديدة بنفس العمل نحتاج إلى الخبرة والمعرفة أكثر.

3 – تغيير الروتين المكتبي

عندما نلتحق بالعمل ونتعرف على سياسته التي يدار بها داخل المنشأة أو الشركة، ففي هذه الحالة نحاول قدر المستطاع التكيف مع نظام وسياسة هذا العمل، ويحدث في كثير من الأحيان أن يتغير القائمون على إدارة مكان العمل وسياسته، ومن المتوقع أن تأتي هذه السياسة الجديدة مغايرة تماما لتلك التي كانت متبعة في السابق، وربما تكون متناقضة معها أيضا. في مثل هذا الوضع ترتبك حالة الموظفين، فمنهم من يشعر بالتعنت خاصة إذا كانت هذه الإدارة الجديدة قاسية أو متسلطة، وربما تكون هذه من الحالات النادرة التي يوصي فيها علماء النفس بضرورة الابتعاد عن مكان هذا العمل، والبحث عن وظيفة جديدة، فالأمر هنا شبيه بسمكة تعيش في المياه المالحة ثم تم نقلها للعيش في مياه عذبة.

4 – عدم الترقي الوظيفي

في بعض الأحيان يكون العمل مريحا وسط مجموعة من الزملاء والرؤساء الذين يتسمون بالتفاهم والتعاون فيما بينهم، ومن الممكن كذلك أن يكون العائد المادي مرضيا لك، ولكن عندما تنظرين إلى زميلتك أو جارتك أو قريبتك التي تخرجت معك وقد وصلت الآن إلى أعلى درجات السلم الوظيفي سوف يرغمك ذلك على التوقف قليلا للتفكير في وضعك المهني.

في كثير من المؤسسات والشركات وحتى الكبيرة منها تقوم بتعيين الموظفين في وظائف ثابتة، فليس هناك مجال للترقي حيث يكون مطلوبا من الموظف تأدية مهام معينة لا تتغير وبالتالي فليس هناك أدنى فرصة للترقي إلى منصب أعلى. والنصيحة التي يمكن توجيهها هنا هي طالما أنك تحبين العمل الذي تقومين به، فلا داعي مطلقا لتركه وما الذي يضمن لك أن تجدي نفس هذه المميزات في العمل الجديد؟ ثم إنه من الممكن أن تنتقلي إلى عمل آخر ثم تكتشفين صعوبة الترقي وعدم الراحة به.

5 – عدم توافق العمل مع نظام حياتك

بداية العمل تكون غالبا قبل الزواج ولذلك يكون لديك وفرة بالوقت والذي يسمح لك بالاستمتاع بعملك دون وجود أي عوائق أو منغصات تمنعك من ذلك. التفرغ للعمل وجعله المستحوذ شبه الأوحد على حياتك يخلق حالة من الحب بينك وبين هذا العمل الذي يعتبر المحور الرئيس الذي تدور حوله حياتك، لدرجة أن خروجك إلى عملك يعني أحيانا الترويح عن نفسك بعيدا عن جو المنزل الممل. زملاء العمل أيضا يعتبرون من أهم أسباب حبك لوظيفتك. فهم بالنسبة لك فرصة ذهبية لتبادل الآراء والنكات والتفاعل اليومي، ولكن مع مرور الوقت والدخول في تجربة الزواج تتعدد مهامك وأدوارك الحياتية وتتعقد بدرجة كبيرة.

فالآن أصبحت زوجة وأم ومسؤولة عن المنزل إضافة إلى مسؤوليتك عن العمل وأعبائه، ومطلوب منك إحداث نوع من التوازن بين كل هذه المهام وألا يغلب أي منها على الآخر، ولأن هذا التوازن مستحيل تحقيقه في كل الأوقات فسوف ينتج عنه كرهك للعمل وانتهاء علاقة الحب التي كانت تجمعكما معا. فلن يأتي أبدا على حساب زوجك وأطفالك ولكن العمل هو ما سيلحق به الضرر. في مثل هذه الحالة لا ينصح الخبراء بالبحث عن وظيفة جديدة فالعيب هنا ليس بالعمل في حد ذاته لأن الخلل نجم عن حالة من عدم التوازن والتي حتما ستحدث حتى مع انتقالك لمهنة أو مكان آخر. واعلمي أن ما تعانين منه هو حالة عامة، فجميعنا يحاول جاهدا أن يوفق بين الحياة العملية والأسرية في بعض الأحيان ننجح في ذلك وفي أوقات أخرى لا يحالفنا النجاح.

استرجعي حبك المفقود للعمل

استعرضنا سويا لبعض الأسباب التي تسبب كراهيتك لعملك الذي كانت تربطك به علاقة عشق بالماضي. لا تعتقدي أن حالة الملل أو الكراهية التي أصابتك ليس لها علاج. فهناك بعض الاقتراحات التي ينصح بها علماء النفس وخبراء التدريب في جميع أنحاء العالم. هنا سوف نتعرف على هذه الطرق التي تمد جسور الألفة من جديد فيما بينك وبين عملك. وينصحك هؤلاء الخبراء أن توجهي لنفسك هذه الأسئلة كعلاج ومخرج من مشكلة عدم حبك للعمل.

هل أنت فخورة بما تقدمينه؟

اسألي نفسك دائما عن درجة فخرك واستمتاعك بالعمل الذي تقومين به، كثير من الموظفين يلتحق بالعمل لمجرد العائد المادي الكبير الذي يدره عليه هذا العمل. وفي سبيل ذلك يعتقد أنه قادر على تحمل أي مشكلة يمكن أن تواجهه. ولكن أحداث الواقع تثبت عكس ذلك تماما. فإذا لم تكوني مستمتعة بمهنتك فتأكدي أنك لن تكوني سعيدة في عملك، وبالتالي لابد من تغيير هذه المهنة بأخرى تفخرين بها حتى وإن كانت براتب شهري أقل. واعلمي أنك في هذه الحالة ربما تخسرين جزءا من دخلك المادي ولكنك تكسبين نفسك وتضمنين الاستمرار بعمل محبب إليك.

 هل تقبلين العمل بدوام جزئي(نصف دوام)؟

إذا كنت تحبين عملك وتشعرين أنه يحقق ذاتك ويتوافق مع ميولك وقدراتك، ولكن في نفس الوقت ليس لديك المقدرة على إحداث التوازن فيما بين مهام حياتك المختلفة أو كنت تعانين من طول فترة العمل. فمن الممكن أن يكون علاج مشكلتك في هذه الحالة البحث عن نفس العمل في مكان آخر، ولكن بساعات أقل (نصف دوام) ولكن قبل أن تقدمي على هذه الخطوة لابد من مراجعة حساباتك جيدا.

صحيح أن هذا الأمر يمنحك بعض المميزات مثل إفساح المجال لك كي تهتمي بأسرتك أكثر، كما يخلصك من ضغوط العمل لساعات طويلة ولكن ربما يكون عائده أقل، لذلك نريدك أن تطرحي على نفسك هذا السؤال، هل بإمكانك استبدال عملك الحالي بآخر أقل في عدد ساعاته وأقل أيضا في عائده المادي؟ الأمر متروك لك ولكن إذا كانت الإجابة بلا فهنا ننصحك بالاستمرار في وظيفتك الحالية.

هل أنت مستعدة لترك العمل؟

ربما يكون هذا هو التساؤل الأكثر أهمية على الإطلاق. وأنت وحدك القادرة على الإجابة عنه، فإذا وصلت العلاقة بينك وبين عملك إلى درجة الكراهية الشديدة أو الطريق المسدود الذي لا رجعة فيه، ننصحك في هذه الحالة أن تهدئي قليلا من روعك وأن تجلسي مع نفسك كي تفكري في درجة استعدادك لترك العمل الحالي.

وخلال تفكيرك في إجابة هذا التساؤل هناك بعض الاعتبارات التي يجب أن تكون حاضرة بذهنك، مثل هل لديك التزامات مادية تمنعك من اتخاذ هذه الخطوة؟ كوني موضوعية تحديدا في هذه النقطة.

وإذا كان لديك بعض الالتزامات فهل توجد مصادر أخرى للوفاء بها مثل راتب الزوج أو بعض المدخرات؟ إذا لم يكن ذلك ممكنا من الأولى محاولة التصالح مع منغصات العمل والتغلب عليها.

ولكن مع وجود كل هذه الالتزامات وما يترتب عليها من تعقيدات، من الممكن أن تتركي عملك ولكن في حالة واحدة ألا وهي عندما يكون لديك عرض مضمون يتيح لك البدء في مكان آخر فور تقديم استقالتك.

وبعد أن عرضنا لهذه المشكلة الحيوية التي تشغل شريحة واسعة من أفراد المجتمع من الممكن أن نتفق على بعض الخطوط العريضة، مثل ضرورة الإصرار منذ البداية على الالتحاق بعمل يتوافق مع مواهبك وقدراتك ولا تتعجلي في البداية تحقيق الكسب المادي والذي سيأتي حتما مع الاجتهاد في عملك الذي تحبينه واكتساب المزيد من الخبرات وخوض العديد من التجارب وعندما يراودك شعور بضرورة ترك العمل، فمن الضروري أن تسألي نفسك عن السبب الحقيقي الذي أدى بك إلى هذه الحالة، فإن كان ترك العمل سيحقق لك السعادة والرضا النفسي مع عدم الإخلال بمتطلبات حياتك اليومية، فهنا لابد من تنفيذ هذه الخطوة في الحال وماعدا ذلك يجب أن تستقري في عملك، محاولة خلق حالة من التوافق معه.