إيفران المغربية.. سويسرا الصغيرة تستهوي السياح

إيفران المغربية.. سويسرا الصغيرة تستهوي السياح
إفران في الصيف

قبل أن تتشح بالبياض في القادم من أيام الشتاء كعادتها، وتغطي جبالها وشوارعها الثلوج التي تحولها إلى عروس فاتنة تستهوي كل السياح بالخصوص وعشاق التزلج على الجليد، ترتدي “إفران” جوهرة جبال الأطلس، وسط المغرب، حلة صفراء ذهبية، بعد أن لفظت أشجارها أوراق الخريف.

إيفران المغربية.. سويسرا الصغيرة تستهوي السياح
إفران في الصيف

في هذه الفترة من السنة، حيث تطيب الأوقات وترق النسمات في إيفران، تستقبل المدينة زوارها من المواطنين والمقيمين والأجانب، الذين يفضلون التمتع بجاذبية بقعة جغرافية تكاد تجمع كل المواصفات، وكأنها “قطعة من أوروبا”، بل إنها تلقب بـ”سويسرا الصغيرة”.

في خريفها، تكتسي شوارع مدينة إيفران، وحدائقها الكثيرة المنتشرة على جنبات الشوارع، بحلة ذهبية اللون، يزيدها انعكاس أشعة الشمس المتسللة فوق جبال الأطلس إشعاعًا.

وإيفران، مدينة تنتصب فوق الجبال باعتزاز لتقدم لزوارها لوحة فنية تبهرهم مع تعاقب فصول السنة، فبعد أن ترتدي بياض الثلوج شتاء، تتزين بخضرة الربيع، وبعد أن يكون زوارها قد هرعوا إليها كملاذ في الصيف الحار، للتمتع بهواء صيفها العليل، لا يتخلف عشاقها عن وصال الخريف، فيشدون الرحال إلى “معشوقتهم”، التي تغنى بجمال أغصانها وبساتينها المغنون والشعراء.

عبدالكريم ختو، مغربي، قادم إلى “إيفران” من مدينة المحمدية على بعد حوالي 250 كلم، يقول إنه يقصد إيفران مع عائلته في كل فصول السنة، لأن لكل فصل حلة خاصة في المدينة.

ويضيف أن المدينة “وجهة سياحية، تتمتع بمناظرها الطبيعية الخلابة، حيث تعيش معها في الخريف تساقط أوراق الأشجار، وكيف تغير هذه الأشجار كسوتها، قبل أن ترتدي المدينة حلة بيضاء مع تساقط الثلوج، ورونقها الأخضر في الصيف”.

وببيوتها التي علاها القرميد الأحمر، والمحاطة بأشجار الأرز من كل جانب، تدعو “إيفران” زوارها خريفًا، لتجديد الرغبة في الحياة عبر التجول في غاباتها، والتقاط الصور التذكارية، إلى جانب معالهما البارزة ومغاراتها، التي ما زالت تحافظ على تماسكها رغم خلوها من السكان، وتحولها إلى حظائر للحيوانات أو مستودعات للتخزين، بعد أن اتخذها الأهالي في وقت سابق مكانا للإيواء والاستقرار.

“إيفران” تعني باللهجة الأمازيغية المحلية الكهوف، وتسميتها مستوحاة من المغارات المنتشرة في محيطها، أما اسمها القديم باللهجة المحلية فهو “أورتي” أي الحديقة أو البستان.

وتاريخها الحديث يرجع إلى سنة 1928، حيث قررت الحماية الفرنسية بناء قاعدة عسكرية في هذا المكان، ومن ثم عرفت بإيفران.

وقد سعى الفرنسيون إلى إنشاء مدينة بمواصفات أوروبية وتصميم هندسي فرنسي، وكان الغرض أن تكون المدينة مكانًا باردًا تقضي فيه الأسر المستعمرة، فصل الصيف، وصممت وفق نموذج “مدينة الحدائق” السائد حينذاك، لذلك تم إنشاء شاليهات صيفية على طراز منازل جبال الألب، المحاطة بالحدائق والشوارع المنحنية المحفوفة بالأشجار.

ولا تزال “إيفران” تحمل هذا الطراز المعماري وفق معايير محددة وخاضعة للمراقبة، والبيوت الشتوية الكائنة فيها تماثل نظيرتها بالمحطات السياحية العالمية.

توصف المدينة بـ”سويسرا الصغيرة”، وتعرف بكونها من أكثر المدن العالمية نظافة، حيث احتلت سنة 2013 المرتبة الثانية في تصنيف أجمل المدن في العالم من بين 12 مدينة عالمية، حسب استطلاع للرأي أجرته، صحيفة “إم بي سي تايمز” الإلكترونية، وسبقتها مدينة “كالغاري” الكندية، التي تصدرت التصنيف، وتلتها مدينة “هلسنكي” بفنلندا.

المحافظة على أشجار الأرز، التي تشتهر بها “إيفران” على مستوى العالم، ونظافة شوارعها، وتصاميم بناياتها، ونقاء هواها، وجمال طبيعتها، وخلوها من المصانع، خصائص من بين أخرى بوأتها تلك المكانة الرفيعة.

وتتمتع “إيفران” (تبعد عن الرباط 200 كم) بموقع استراتيجي فوق سلسلة جبال الأطلس المتوسط، حيث تتجاوز كمية الأمطار 1000 مليمترًا سنويًا، تحيط بها غابات الأرز والبلوط الأخضر وأشجار السيكامور والكستناء والزيزفون النادرة.

وغير بعيد عن “إيفران”، وفي قلب غابة “أزرو” تستقبل القردة، المسافرين إلى الجنوب الشرقي للمغرب، أو الزائرين، وهي تقفز بين الأشجار وتتراقص بين أغصاها، متجاوبة مع تحيات المارة، ومقبلة على ما يجودون به عليها، من فواكه طازجة، وأخرى جافة، وقطع الشكولاتة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على تلغرام تابعنا على تويتر